قصيدتان للشاعر فريد أبوسعدة

آخر ما كتبته من أيام فقط واخصُ به المنتدى

طريق مكة

غرفتان
وستةٌ من الوافدين
تتماوج فوق رؤسهم هالات الدخان
وبينهم مطفأةٌ
مليئةٌ بالرمادِ وأعقابِ الكرتون.
يتحدثون عن مستخدميهم هنا،
وعن الزوجاتِ هناك،
لاينامون قبل انتهاء برامج المصارعة،
وما يمكن استعارته،
من أفلام البورنو.
أكثرَ من مرّةٍ
يطلبون منى الخروجَ لرؤيةِ تنفيذِ الأحكام.
وفى كل مرّة
أتعللُ بشىءٍ
حتى يخرجوا خوفا من التأخير.
فى الطريق إلى الحمام
يطاردنى الشخيرمن الغرف المعتمة.
فى ضوء الصالة الشحيح،
كان وحدهُ هناك،
وقد أخرجَ من دولابه ثوبا مطويا
يتحسسه بزهو الكفيف
ما أن رآنى
حتى فردَهُ أمامى
رأيتُ على البياض قوسا من الدم
فخطفنى الدوار
رأيتُ كأن شفتيه تتحركان
وكأن الصوت يأتى
من عتمةٍ أخرى
أبعد من الشفتين
: ينبغى أن تكون قريبا لترى كل شىء
رجفة اليدين المقيدتين،
وانقباضة الوجهِ،
لحظة يسقط السيفُ على القفا العريان

***

جدة 1984
كان عليه الدور
ليسجل شريطا للأهل،
يأخذه المسافرغدا إلى مصر.
داعبوه وخرجوا
تاركين له التسجيل،
ليأخذ راحته فى الكلام.
ذهبوا إلى باب مكة
سألوا عن الدولار
بحلقوا فى الذهب
واشتروا ما استطاعوا من سلع خفيفةٍ
ليأخذها معه إلى الأهل .
ذهبوا إلى الكونيش
رأوا تمثال الأمومة لهنرى مور
ثم عادوا
دقوا على الباب فلم يفتح
فتحوا
كان منبطحا على بطنه
بجواره زجاجةٌ فارغةٌ من العرق المهرب
وعشرات من أعقاب المارلبورو
وطبقا من التونة المفتتة.
أخذوه إلى مرتبته بجوارالحائط
راحوا يدلكون صدره
ويبللون وجهه بالماء
ما ان تنبه حتى انخرط فى البكاء.
فى الغرفة الأخرى
كان المسافر يرتب حاجياته
بينما يتلصص على الشريط الأخير
لم يكن سوى نوباتٍ طويلةٍ من النحيب
يقطعها من حين لأخر
كلامٌ مشوشٌ
عن الكفيل
عن الماستر براون
عن زوجته الحامل ِ
واشتهاء البكاء على صدرأمه.

الشاعر الكبير محمد فريد أبو سعدة
بداية يتشرف منتدانا أن تكون عضوا به وأن يحتضن شاعرا كبيرا بقامتك وبقامة تاريخك الإبداعي الرائع ، فشكرا لك وهنيئا لنا وجودك بيننا
القصيدة لغتها بسيطة جدا لكنها وارفة الدلالات ، ورغم اهتمامها الظاهري بما هو خاص إلا أن صورتها الكلية ترسم لنا عالما آخر أكثر بهاء وأكثر اتساعا يشمل مفردات الحياة اليومية ، وينتج صورا مدهشة لواقع قد يمر به الكثيرون بل ويتماس معهم ويتماهون فيه
القصيدة مقسمة إلى مقطعين ، وتسير في نسق هو أقرب لسرد واقع ما مر به الشاعر واستطاع بالشعر تصويره بشكل مغاير لطرحه الشكلي بل والموضوعي أيضا ، فيه تجربة ما خلص فيها الشاعر لنفسه وأرانا نفسه الشفيفة التي تأبى ان ترى قطرة دم فكيف ستشاهد تنفيذ حكم بالإعدام ، هو نص يركن إلى بوح شفيف هاديء غير صاخب لكنه هادر من داخله يخلخل الثابت ويرسي بمعادلات موضوعية مدهشة قوانين رحيبة وجديدة ، جميل أن نقرأك ورائع ان تكون بيننا
شكرا لك مرة أخرى ومرحبا بك

الشاعر فريد ابو سعده
مرحبا بك طائرا يحلق فى سماء الابداع

أستاذنا محمد فريد أبوسعدة
دعني أعبر في حضرة قصيدتيك عن طربنا بانضمام قامة شعرية شامخة للفضاء، وجودك بيننا له معناه وقيمته الكبيرة التي نقدرها ونعتز بها
.
.
"الطريق إلى مكة" تجمد الدم في العروق، مشهدية بارعة الإخراج، لغة الحبكة السردية تتحالف في خفة مع عادية مشهد حياة المغتربين و"ابتذالها" لتمهد عبر تجل الطيف للحظة قسوة ورعب مذهلة.
في "جدة 1984" كأن تمهيدا موسيقيا ينتهي بحشرجة، هو هو لحن الأمومة مكررا لكن محطما بالشوق أو بفظيعة الغياب
.
.
أن تلتحم لغة الشعر بلغة الواقع إلى هذه الدرجة - فلأقلها - المخيفة..

في البدء لا يسعنا إلا الترحيب بالشاعر المبدع محمد فريد أبو سعدة ,,, وأشكر الصديقين محمد ربيع هاشم وعصام الزهيرى على سعيهما لديه للانضمام لمنتدانا...........وزادنا شرفاً بأن خصنا بنشر آخر ما كتبه من قصيد,,,,,,,,,,
فبأي شيء يمكن أن نعلق على قصيدتي أبو سعدة سوى الترحيب ثم الترحيب ,و وإن كانت لي ملاحظة على القصيدتين فهو أنهما يخالفان تراث الشاعر نفسه في كتابة القصيدة .... مما يطرح لدى سؤال حول إذا كان من الممكن أن يتخلى المبدع عن مفهوم فني فاره ورفيع اشتهر به وكتب به دواوين شعرية عديدة إلى مفهوم لا يناسب قامته تمثله مثل هاتين القصيدتين ... راضيا ً من كتابتهما أن المتلقي لن يرفضهما ...سؤال يلح على خاطري عندما قرأت هاتين القصيدتين وتماسا عندي مع مفهومي الشخصي عن شعرية محمد فريد أبو سعدة المتفردة ...
كل الاعتزاز والتقدير للمبدع الجميل والمتألق دائما محمد فريد أبو سعدة ... .. فأهلا به ...

أهلا وسهلا بالمبدع والشاعر الكبير محمد أبوسعدة

لغة بسيطة يجد فيها الشاعر ملاذه ليتفيأ في الواقع والتقاط حتى الأشياء البسيطة مما

يجعلنا أمام مشهد متحرك بكل أحداثه وانفعلات أبطاله........ هنا تكمن قدرة الشاعر حيث انّه يخلق حميميّة موغلة بين الشعر والسرد القصصي

شكرا لهذا الجمال استاذنا

تقديري واحترامي

الشاعر المبدع الأستاذ محمد فريد

سررت بقراءة هذه اللغة الشعرية الجميلة والحميمة هنا
كما سررت من قبل بقراءة بعض نتاجك من خلال هذه الشبكة
أتابع باهتمام ما تنشره
ويسعدني تواجدك هنا كثيراً
لك تحياتي العميقة أستاذنا

الشاعر فريد
أسجل مروري
دمت شاعرا

الشاعر الجمبل محمد فريد ابو سعدةة
أوحشنى شعرك الرقراق
واوحشتنى أنت
وجميل أن نلتقى هنا

ولا اروع ولا اجمل دمتم جميعا للادب والثقافة

مودتي
ابراهيم طه - صحفي مصري - مقيم بالبحرين

الشاعر الجميل شعريا وانسانيا
عزت الطيرى

انت أيضا أوحشتنى جدا ، لم نلتق منذ زمن، وعندما أجد شعرا لك فى مكان ما أشعر بسرور واتلقى ببهجة قصائدك دمت لى أيها الجميل

شاعرنا : محمد فريد أبو سعدة
أسعدني أن أراك ثانية عبر قصائدك الطازجة
فمن زمن لم أرك
علك دوما بخير

الشاعر الكبير / محمد فريد أبو سعدة
تحياتي وتقديري إليك
هنا نجد : القصيدة / اللوحة ، والقصيدة / السرد ، والقصيدة / الصورة .
وكل هذه المسميات تأتي لكي تصف مشهدين واقعيين ، نشعر من تأملهما أن الشاعر وصف الواقع ومن ثم انطلق للخيال ـ، في الأول : الشاعر مع رفاقه في الغربة بمكة ، ونرى التفسخ الخلقي ( البورنو ) والسجائر ، ومن ثم تكون المفارقة ليست في آخر النص ، بل في أوله ، عنوانه ، الطريق إلى مكة ، فقد ماتت مكة الرمز الدين ، وباتت مكة / المال ، والغربة ، والإنهاك ، والسجائر ، والتكدس في الغرفة وقرف النفوس ، فقد صارت قبلة لمن يريد المال . وهذا ما يؤكده ختام النص / المدهش :
ينبغى أن تكون قريبا لترى كل شىء
رجفة اليدين المقيدتين،
وانقباضة الوجهِ،
لحظة يسقط السيفُ على القفا العريان

السيف على القفا = قهر الذات وقتلها ، في إدانة للتطبيق الخطأ لأحكام الشريعة .
والقرب من الشيء يعني رؤية مكة / الدين / المال / الناس بشكل أوضح .
ونفس الأمر مع النص الثاني :
وهنا نجد العنوان مكاني مثل الأول ، ولكنه ممزوج بالزمن ، حيث جاءت السنة منحددة لتاريخ جدة وهي فترة التصاق الشاعر بها ، ونرى نفس الإدانة بلغة وصفية عالية الدقة ، تركز على الاشياء ، تقول :
بجواره زجاجةٌ فارغةٌ من العرق المهرب
وعشرات من أعقاب المارلبورو
وطبقا من التونة المفتتة.
أخذوه إلى مرتبته بجوارالحائط

هنا نرى المكان _ جدة ) الخفي ، بكل مهرباته ومحرماته ..
نص رائع
وكتابة وصفية مكانية ، تشي بالزمن والشخوص .
تحياتي وتقديري