بعد ثلاثين عاما سعدون جابر يعلن عودة الطيور الطايرة

حلق بنا بعيداً عندما أطربنا بأغنيته المشهورة الرائعة ياطيور الطايرة فانطلق كالصاروخ من وسط العمالقة وأعلن تنصيبه رسمياً وشعبياً سفيراً للأغنية العراقية.
الصوت العذب الذي أعادنا للبارحة وأطربنا بـ(جتني الصبح) ذلك البلبل الجنوبي الأصيل (سعدون جابر).
إبتسم لي الحظ عندما قابلته في دمشق فكان لي معه حوار لايخلو من الصراحة والجرأة تناول فيه مسيرته القادمة ورأيه في الساحة العراقية الآن، وأموراً أخرى.
* هل مازلت تغني ياطيور الطايرة لرحلتك ؟
ـ مازلت محلقا بطيوري وأبحث عن طيور جديدة سوف تطيرفي فضاء الغناء العراقي وهذه الطيور ممثلة بالشاعر الكبير مظفر النواب والملحن كوكب حمزة والشاعر رياض النعماني في أعمال سترى النور قريبا جدا أن شاء الله.
( العدد الثالث عشر )

* هل هذا معناه أنك بصدد مشروع كاسيت يضم هؤلاء أم مجرد عدد من الأغاني؟
ـ لا هي مجرد مواضيع أغان كتبها مظفرالنواب ويلحنها كوكب حمزة وستسبقها أغنية لرياض النعماني تحمل عنوان (بساتين البنفسج) وسيلحنها كذلك كوكب حمزة.
* هل تنوي من خلالهم أعادة عصر الجيل الذهبي للأغنية العراقية (السبعينية)؟
ـ ليست عودة للسبعينات، إنما هي إمتداد للأغاني التي تحمل نفس النكهة السبعينية لان من يمثلها هم شعراء وملحنو ومطربو السبعينات.
* بالحديث عن الملحن كوكب حمزة الذي أعطاك أغنيتك الشهيرة (الطيورالطايرة) هل تعتقد بأن الإختلاف أصبح كبيرا مابين تلك المرحلة وهذه المرحلة؟
ـ ليس هناك اختلاف في النفس التلحيني أو حتى الشعري أو الادائي لفناني السبعينات، إنما الإختلاف أصبح في الرؤيا وكيف تقدم الأغنية الآن التي تحمل النفس السبعيني لحنا وتصويرا وأداءً مع هذا أرى اليوم في عام 2006 نفس ملامح تلك الفترة بالروحية والرغبة في تقديمها لقد كان هناك شوق واحتراق في ذلك الجيل في كيفية تقديم أغنية جميلة والان أرى أن مظفر النواب وكوكب حمزة ورياض النعماني يحملون نفس الرغبة والإحتراق لتقديم نفس الشيء هذه الأيام.
* الجمهور العراقي متلهف لرؤيتك فمتى يكون موعد اللقاء؟
ـ عندما تهدأ الحالة المضطربة التي يعيشها البلد أن شاء الله سأكون أول العائدين.
* كنت سباقاً في زيارة كردستان العراق في خطوة جريئة هلا تحدثنا عن كيفية إستقبالك هناك؟
ـ لقد كان إستقبال الجمهور أكثر من رائع وكان كبيراً يصعب وصفه وكذلك كان استقبال المسؤولين لنا وهذا عهدنا بهم وعهدهم بنا حيث أكرمونا وفرحوا لتواجدنا معهم وتمنيت لو أن الحالة التي تعيشها كردستان تعم كل العراق.
* هل أنت راضٍ الآن عن سعدون جابر؟
ـ نعم أنا راضٍ عنه.
* أغنية مازلت تدندن بها مع نفسك وتعيش معك لفترة طويلة؟
ـ دائما أدندن بأغنيتي (القنطرة بعيدة) التي تمثل الأمل البعيد وهي من كلمات الشاعر العراقي ذياب كزار (أبو سرحان) وهذا الشاعر يحمل من الرقة الشيء الكثير ولكنه استشهد دفاعاً عن العروبة في بيروت ضد الإحتلال الإسرائيلي للبنان.
أتمنى أن أغني أغنية تشبهها لانها تمثل الأمل البعيد الذي كلما وصلت اليه خلق لك أمل آخر يبتعد عنك كثيراً ويجعلك تسير للوصول اليه وهذا موجود في أغنية جديدة الآن يكتبها الشاعر الكبير مظفر النواب.
* هل هناك أغنية تجسد شيئاً في حياتك وتعايشت معها بكل حواسك؟
ـ أنا أتعايش مع الشيء الجديد الذي يشغلني وأنا الآن كما قلت مشغول بقصيدة لمظفر النواب تحمل عنوان (يجي يوم) وهي كالتالي:
يجي يوم إنلم حزن الأيام وثياب الصبر ونرد لأهلنه
يجي يوم الدرب يمشي بكيفه ياخذنه الوطنه
يجي يوم أطفالنه يعرفون ألهم وطن وناس وجيران وكرايب
حيا الله طفل عن أهله غايب
بس آنه خايف كبل مايجي ذاك اليوم
تاكلني العكارب
* عندما ستعود الى العراق اي مكان سيكون مشوارك الاول؟
ـ أول مكان أذهب اليه (أروح للنجف) أزور أمي وأبي في مقبرة الغدير وكذلك أزور أخي الذي جاورهم قبل سنة تقريباً وأحير على ياباب أبجي وعلى يادرب وعلى ياشباك وهذه حالة سوف أجسدها قريبا في أغنية جديدة.
* لماذا نراك ممتلئاً بالحزن؟
ـ هذا ليس حزناً، إنما هي شفافية وعاطفية العراقي المعروفة عند جميع العراقيين
* هل عشت الظلم في حياتك الفنية؟
ـ أنا عشت فنانا مظلوما فقد منعت ست مرات في حياتي منذ بداياتي وحتى دخول الامريكان الى العراق أنا ممنوع عن الغناء مجبراً وليس مخيراً.
كنا ممنوعين في زمن النظام السابق فبعد الاغنية الأولى وهي أغنية (الحنيه) منعت وجاء دور (ياطيور الطايرة) و(تلولحي) وغيرها الكثير، حتى أن مسؤولاً في النظام السابق كان يترأس مفصل الرياضة والفن والكثير من الأمور أمر بمنع كل من (فاضل عواد وحسين نعمة وفؤاد سالم وياس خضر وسعدون جابر) وأستمر المنع لمدة خمسة عشر عاماً الى أن تغير كل شيء في العراق فرضينا بالمنع ولم نرض بالأحتلال الأمريكي لبلدنا.
* كنت واحداً من جيل السبعينات الذهبي كيف أستطعت أن تخلق لنفسك طريقا خاصاً وسط هؤلاء العمالقة؟
ـ لم يكن أختياري عندما جئت أغني ولم يكن في بالي أن أكون واحداً من الاربعة المشهورين (فاضل عواد وحسين نعمة وفؤاد سالم و ياس خضر) كنت أتمنى لو
كنت واحداً من بينهم ولكن الحمد لله وجدت نفسي كما يقولون في مصطلح الرياضة أدور في الساحة متجاوزا لهم بمفردات جميلة وألحان رصينة أحبها العالم العربي بينما بقي زملائي يغنون المفردة الشعبية البعيدة في شعبيتها وكانوا بحاجة الى حركة أكثر فأنا عندما تعرض عليّ أغنيات أختار مايلائم الأذن العربية وليس الآذن العراقية فقط وأتعامل مع شعراْء يكتبون اللغة الوسطى كالشاعر (زهير الدجيلي) لانها مفهومة عربيا وعراقيا وأما زملائي فبقوا يغنون للقصب والبردي وهي مفردات محلية بحتة.
* كيف تنظر لهذا الكم من المطربين العراقيين الذين ظهروا على الساحة العربية؟
ـ لم أر فارساً في الساحة يستطيع أن يقول أن الانتشار شيء والبقاء شيء آخر.. كثيرون هم الذين ينتشرون في خمس دقائق وتصبح أسماؤهم عالمية ولكن كم سيبقون في ذاكرة الناس وللتاكيد أنظر للذين سبقوهم من أسماء عربية كعمر دياب وراغب علامة أنهم غنوا بأشكالهم فقط.
* هل تبحث عن شعراء كبار بأسمائهم لتقديم الأفضل دائماً حتى لو حملت أشعارهم شيئاً من الركة؟
ـ لايوجد عندي مثل هذا التعامل أغنياتي مرة تراها لملحن مثل بليغ حمدي وشاعر مهم مثل كريم العراقي ومره تراها لملحن لاأعرفه ولشاعر إسمه محمد قاسم وبالكاد أحفظ إسمه وتعاملت معه لانه قدم شيئاً رائعاً وجميلاً وهذا الإختلاف موجود في نفس الكاسيت الذي أطرحه للناس. أن الفن الجميل لايوجد عند شاعر مشهور أو ملحن معروف فالأشياء الجميلة لاتكمن عند الأسماء المعروفة فقط.
* أغنية (جتني الصبح وعيونها ذبلانه) دار حولها جدل كثير فمرة يقولون أنها تعود لسعدون جابر وآخرون يقولون أنها لكريم منصور. عن لسانك لمن تعود هذه الأغنية وبصراحة؟
ـ هذه الأغنية غنيتها بصوتي وقدمتها للجمهور عام 1987 وكريم منصور في ذلك الوقت لم يكن مطرباً وغير معروف بل كان مقلداً وهو حتى هذه اللحظة يغنيها في حفلاته الخاصة ويغني معها بقية أغاني سعدون حابر لانه لم يمتلك سوى أغنية واحدة معروفة لدى الجمهور وهي (بس تعالوا ) فيضطر أن يغني أغنياتي.
وللأسف أقولها أن كريم منصور يدعي بأن أغنياتي التي يلحنها الملحن كاظم فندي إبن مدينته العمارة وهي مدينتي بأنها له ولكن انشغاله بالخدمة العسكرية أحال هذه الأغاني لي وهذا أدعاء غير صحيح أبداً. أن كريم أثار هذا الموضوع عندما سئل لماذا لم تصبح مثل باقي زملائك مشهوراً ومعروفاً قال لأني كنت مشغولاً بالخدمة العسكرية في ذلك الوقت. انا عندما غنيت أغنياتي التي هي من الحان كاظم فندي كان كريم منصور في الطرقات صغيراً يلعب بما نسميه في العراق لعبة (الدعابل)؟!!
* هل غنيت لحبيبتك الضائعة؟
ـ غنيت الكثير فأي واحدة منهن كثر؟!
* يقول الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس (في حياة كل منا وهم كبيرإسمه الحب الأول) فماذا تقول في ذلك؟
ـ الحب الأول ليس وهماً، بل حقيقة فأنا عشته وغنيت له. فأغنيه (عيني عيني) هي نتاج تجربة حبي الثاني أيام الدراسة الجامعية والذي كان له وقع جميل في داخلي.
* يقولون أن هناك ثلاثة لايفترقون عن بعضهم وهم الملحن كاظم فندي والشاعر سعدون قاسم والمطرب سعدون جابر؟
ـ مازلنا وأن كنا نتواصل مبتعدين أنا في الشام وهم في مدينتي العمارة وماأبعثه من شوق وسلام ودعوات حتى يأتوني للشام، جسوري ممتدة لهم ومازالت معهم
وأتمنى ان تبقى ممتدة وعن طريق مجلتكم اقول انه يا أخي يا سعدون قاسم ويا كاظم فندي توجهوا للشام ستجدون هناك بيتا واخا.
* ولجت عالم التمثيل في مسعود العمارتلي والسياب وناظم الغزالي والبعض قال انك جازفت باسمك كمطرب والدليل الدعوات التي اقيمت ضدك من قبل أهالي الشخصيات؟
ـ لاتوجد هناك مجازفة بل هي محاولة جريئة لايجاد المغني الممثل الذي تفتقر له كل الساحات العربية بعد عبد الحليم حافظ لم يظهر لنا في الفن الموسيقي العربي أي مغنٍ ممثل . أنا عندما أنتجت هذه الاعمال أنتجتها على حسابي الخاص حبا وأكراما لفنانين تعلمنا منهم كيف نغني لقد ماتوا مظلومين رحمهم الله.
أنا يحزنني عندما أرى راقصة مصرية تقدم لها عشرات الأفلام والمسلسلات ونحن هنا نقف مكتوفي الأيدي أمام مبدعينا.
لقد وجدت نفسي مهيئاًُ لان أخدم هؤلاء عن طريق بعثهم من جديد بأعمال تلفزيونية فأنتجت السياب ومسعود العمارتلي وناظم الغزالي وهناك عمل جديد سيكتمل قريباً وهو يتحدث عن سيره الفنان الكبير (القبانجي).
قدمت هؤلاء الفنانين لاسباب أولها أكرماً لهم وثانياً لخدمة مسيرتي الفنية والغنائية لانه يصب في مجرى واحد.
أما بخصوص الدعاوى التي أقيمت ضدي فكان سببها محامون وتجارووسطاء وقالوا أن سعدون جابر سيصبح مليونيراً من جراء هذه الأعمال لكن للحقيقة وللتاريخ أقول أني خسرت في عمل مسعود العمارتلي أكثر من (50 مليون دينار عراقي ) وفي عمل السياب (80 ألف دولار) وحتى الآن لم أسترد دولاراً واحداً منها ولكني أنا رغم ذلك سعيد لاني قدمت هذه الأعمال لمبدعين عراقيين.
* البعض يقول بأن كاظم الساهر قد تفوق عليك إدارياً كسفير للأغنية العراقية؟
ـ الإدارة الساهرية كانت نشطة مادياً لانها راحت تشتري الألقاب بالمادة أما أنا فلم أدفع فلساً واحداً عندما أصبحت سفيراً لأن إدارة جماهير العالم العربي هي التي قالت أن سعدون جابر سفير الأغنية العراقية بعد ناظم الغزالي وأنا أصلاً لم أغن من أجل الألقاب. أتمنى من كاظم الساهر أن يترك بصمة غنائية في تاريخ الغناء العراقي كتلك التي تركها الفنانون (ياس خضر وحسين نعمة وفاضل عواد وفؤاد سالم و سعدون جابر).
* البعض من جيلكم الذهبي عاد الى ساحة الغناء مؤخراً بعد أنقطاع طويل هل يحاولون العودة بقوة من جديد برأيك؟
ـ بالنسبة لهم ليست عودة بل أصبح الفن وسيلة عيش كحسين نعمة وياس خضر أما فاضل عواد فأختار وسيلة عيش أخرى الا وهي التدريس في الجامعات وبخصوص فؤاد سالم فأنه لايعيش من فنه لان فنه لايقدم له شيئاً وعن نفسي فما زلت أعيش من فني وما أملك منحني الله أياه عندي أشياء أخرى غير الفن وأن كان الفن قدم لي أشياء كثيرة وهي حب الناس وهذه أكبر نعمة وكبر رأس مال.
* متى تقول هذه آخر محطة لي؟
ـ لم تأت بعد أصلاً.
* بماذا تفكر عند أنفرادك مع نفسك؟
ـ بآخر ماقرأت وآخر ماشاهدت.
* كلمتك الاخيرة ماذا تقول فيها؟
ـ أتمنى لشعبي أن ينعم بالسلام والأمان

حاوره من دمشق/ حيدر النعيمي

منقول عن موقع شبكة العراقية
بعد ثلاثين عاما سعدون جابر يعلن عودة الطيور الطايرة Sadwnj10

د. محمد ربيع

شكرا لهذا الاختيار لفنان أحبه كثيرا ابن العراق الجريح

ذوق راقي واختيار رائع

تقديري

شكرا لمرورك أختي ضحى