فضاء الإبداع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فضاء الإبداع

هذا فضاء للجميع فدعونا نحلق معا في أفق الإبداع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 همنجواي عاش الحياة باعتبارها مغامرة مثيرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ضحى بوترعة
مشرف قسمي حوارات خاصة مع شخصيات مبدعة وقضايا وآراء أدبية



عدد الرسائل : 1313
العمر : 55
الجنسية : تونسية
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

همنجواي عاش الحياة باعتبارها مغامرة مثيرة Empty
مُساهمةموضوع: همنجواي عاش الحياة باعتبارها مغامرة مثيرة   همنجواي عاش الحياة باعتبارها مغامرة مثيرة I_icon_minitimeالخميس 17 يوليو 2008, 2:23 am



همنجواي عاش الحياة باعتبارها مغامرة مثيرة


همنجواي عاش الحياة باعتبارها مغامرة مثيرةمن العجوز والبحر إلي وليمته المتنقلةمارس الملاكمة واصطاد الأسود وتزلج فوق الجليد!في منتصف السبعينيات وقعت في يدي نسخة من رواية همنجواي العجوز والبحر أو الشيخ والبحر حسب ترجماتها المتعددة كانت هذه النسخة من ترجمة الشاعر صالح جودت وقد طبعت في روايات الهلال وعلي غلافها صورة لسمكة قرش عملاقة تقفز من الماء رسمها أشهر من رسم أغلفة روايات نجيب محفوظ الفنان جمال قطب أذكر أول جملة في أول سطر من الرواية التي بهرتني ـ ومازالت ـ : كان العجوز سانتياجو قد بلغ من الكبر عتيا .

هذه الجملة مازالت محفورة في مخيلتي وكأني قرأتها بالأمس وليس منذ ثلاثين عاما أو أكثر، همنجواي هذا الكاتب الذي صارع قدره عبر كل رواياته وقصصه : وداعا للسلاح ، لمن تدق الأجراس ، ثلوج كليمنجارو ،القتلة ، وما تزال الشمس تشرق أيضا ، وغيرها من الروايات التي تعد احدي شوامخ الأدب العالمي وقد وضع حدا لهذا القدر الذي ظل يصارعه طوال حياته فانتحر مطلقا علي نفسه الرصاص عام 1961. همنجواي كان يحب الحياة حتي الموت كان يريد أن يحيا بكل أحاسيسه ومشاعره وانفعالاته في الواقع والخيال معا في الممكن والمستحيل ،كان يريد المغامرة في كل شيء، في الحب والكره ،الفرح والحزن، الرضا والغضب ، الأمل واليأس ، جميع الانفعالات النفسية كانت مجالا لمغامرته ،لم يكن ذلك الكاتب الذي تأتي اليه الأحداث وهو قابع خلف مكتبه ، بل كان يريد أن يكون أحد صناع الأحداث ، لذلك فقد تقدم الي مركز التجنيد للتطوع في الحرب العالمية الأولي وهو في الثامنة عشرة من عمره ، وعندما تم رفضه بسبب باطن قدمه المسطح الح كثيرا علي المسئولين حتي قبلوه سائق سيارة اسعاف وأرسلوه الي الجبهة الايطالية وجرح هناك جرحا بليغا ، وقد وصف ذلك في روايته التي استوحاها من تلك التجربة وما تزال الشمش تشرق أيضا وعندما اندلعت الحرب الأهلية الاسبانية تطوع فيها مراسلا صحفيا مناصرا للجمهوريين وخاض غمارها علي كل الجبهات ، وقد سجل ذلك أيضا في روايته لمن تقرع الأجراس ومارس اصطياد الأسود في أفريقيا وكتب عنها رائعته ثلوج كليمنجارو . وفي باريس كان همنجواي مولعا بالرهان علي سباقات الخيل في حلبات الجري والقفز ومفتونا بألعاب الدراجات النارية والهوائية، وكان يذهب بصورة منتظمة الي النمسا وسويسرا للتزلج علي الجليد في الجبال الشاهقة وتصل به المغامرة مداها الي حد التزلج تحت جبال جليدية علي وشك الانهيار، ولم يكتف بالقمار في ميادين سباق الخيل بل كان يقامر في لعب الورق وجيبه خاو أحيانا وكان يمارس الملاكمة التي برع فيها الي حد تعليم وتدريب الشاعر إزرا باوند هذه الرياضة الخطرة .

حصل ارنست همنجواي علي جائزة نوبل عام 1954 بعد نشر روايته العجوز والبحر التي دشنته كواحد من أعظم كتاب القرن العشرين وحتي بعد انتحاره عام 1961فان همنجواي مازال يقرأ حتي الآن من خلال الترجمات المتعددة لأعماله الروائية والقصصية وحتي نثرياته التي تحدث فيها عن ذكرياته وانطباعاته وآخر ما تركه همنجواي ونشر بعد وفاته في أمريكا هو كتاب ذكريات باريس والذي ترجمه الدكتور علي القاسمي تحت عنوان وليمة متنقلة وأصدرته دار ميريت . وكتاب وليمة متنقلة تأتي أهميته لأن كاتبه هو همنجواي أولا، وثانيا لأنه يتحدث عن مدينة باريس التي عاش فيها في أوائل العشرينات من القرن العشرين وتحديدا من سنة 191 ـ 196 وهي سنوات تقع في تلك الفترة التي يسميها الفرنسيون بالحقبة الجميلة أو بسنوات الجنون، كما أنه يتحدث عن الأدباء والفنانين الذين كانوا يعيشون في باريس في تلك الأيام والذين ربطته معهم صلات مودة وصداقة خاصة أولئك الذين قدموا من بريطانيا وأمريكا واتخذوا باريس مكانا لمزاولة نشاطهم الأدبي والفني وفي مقدمة هؤلاء الشاعر الأمريكي إزرا باوند والشاعر الأمريكي البريطاني تي . أس . اليوت صاحب قصيدة الأرض الخراب ، والروائي البريطاني جيمس جويس صاحب رواية عوليس ، والكاتبة الأمريكية غيرتيتيود شتاين والروائي الأمريكي سكوت فتزجيرالد صاحب رواية جاتسبي العظيم ، وغيرهم من أساطين الأدب والفن في تلك الفترة.يتحدث همنجواي عن مدينة باريس التي أمضي فيها أزهي سنوات شبابه بعشق وهيام كما لو أنها امرأة جميلة أغرم بها وبمفاتنها وحفظ خريطة جسدها وتضاريسه فهو يصف بشغف أحياء باريس ومعالمها وساحاتها وشوارعها ومطاعمها ومقاهيها فكأنك معه لحظة بلحظة وهو يخرج من شقته الكائنة في شارع الكاردنال لوموان في الحي اللاتيني، ثم وهو يتمشي علي رصيف نهر السين ويتصفح الكتب المعروضة في أكشاك باعة الكتب القديمة المنتشرة علي الرصيف، ثم وهو يخترق الحي ليصل الي مقهاه المفضل الواقع في ميدان سان ميشيل ، وجلوسه في المقهي واخراجه من جيبه دفترا وقلما وشروعه في كتابة أقاصيصه،ثم عودته وقت الظهيرة الي شقته لتناول طعام الغداء مع زوجته الشابة الجميلة هادلي التي كانت زوجة أديب بحق، فقد كانت نعم الزوجة المحبة لزوجها والمؤمنة بموهبته، كانت تعرف متي تدلله ومتي تدفعه للتحليق في أجواء السحر والخيال يتحدث همنجواي عن مكتبة شكسبير الواقعة في ساحة الأوديون آنذاك وفي أثناء سرده لذكرياته يسمي الشوارع والساحات بأسمائها ويصف بدقة المطاعم والمحلات وما تعرضه من أطعمة ومأكولات في واجهاتها .

ويقدم همنجواي درسا في كيفية الكتابة وكيف يبدأ ومتي ينتهي يقول : يحدث أحيانا أن أشرع في كتابة قصة ما ولا أتمكن من التقدم فيها فكنت أجلس أمام النار وأعصر قشور البرتقالات الصغيرة علي أطراف اللهب وأشاهد الرذاذ الأزرق الذي تخلفه وأنهض وأحدق في سطوح باريس وأقول لنفسي: لا تقلق لقد كنت تكتب دوما من قبل وستكتب الآن . كل ما عليك أن تفعله هو أن تكتب جملة حقيقية واحدة . اكتب أصدق جملة تعرفها .

وهكذا أتمكن أخيرا من كتابة جملة حقيقية واحدة ثم أواصل من هناك . لقد كان ذلك أمرا ميسورا لأن هناك دائما جملة حقيقية أعرفها أو رأيتها أو سمعت شخصا ما يقولها واذا بدأت الكتابة بتكلف أو كمن يمهد لتقديم شيء ما شعرت بأن عليّ أن أحذف المحسنات والمقدمات والالتواءات اللفظية وأرمي بها بعيدا لأبدأ بأول جملة خبرية حقيقية بسيطة كتبتها .ويقول أيضا إنه توصل الي تقنية تجعله لا يتوقف عن الكتابة بل يبدأ في اليوم التالي بسهولة ويسر ذلك أنه يتوقف في عمله الكتابي اليومي عند نقطة يستطيع العودة والكتابة فيها بسهولة ودون تفكير . ويتحدث همنجواي عن إزرا باوند الذي أحبه كثيرا باستفاضة وكيف أن هذا الشاعر كان يجمع التبرعات من أجل أن يكمل تي. أس . اليوت قصيدته الشهيرة الأرض الخراب وأنه كان يحتضن كل الكتاب والشعراء الموهوبين في تلك الفترة ويعتبر نفسه مسئولا عنهم، كذلك تحدث عن أول لقاء بينه وبين الروائي الأمريكي سكوت فتزجرالد صاحب رواية جاتسبي العظيم التي يعدها النقاد من أعظم الروايات التي كتبت باللغة الانجليزية في القرن العشرين فيقول إن فتزجرالد تحدث عن الأدب كما لو كان يلقي خطابا ويعقب علي حديث فتزجرالد قائلا : ولكن أعقبت الخطاب حصة الأسئلة وفهمت منها أن سكوت يعتقد أن بوسع الروائي أن يعثر علي ضالته بتوجيه الأسئلة المباشرة الي اصدقائه ومعارفه .بدأ ارنست همنجواي في تأليف كتاب وليمة متنقلة في كوبا خريف سنة 1957 أي بعد ثلاث سنوات من فوزه بجائزة نوبل عن رائعته العجوز والبحر وقد ظل كتاب الوليمة معه دون أن يكمله حتي خريف عام 1960 أي قبل سنة من انتحاره حيث أكمله وأجري عليه التعديلات النهائية وأعده للنشر الا أن الكتاب لم ينشر الا بعد وفاته، والكتاب وليمة حقيقية مترعة بالمشاهدات الحية والأسرار المجهولة في حياة هذا الروائي الفذ وسنوات تكوينه الأدبي والفني .خيري عبد الجواد .

** منشور بجريدة "القاهرة" المصرية بتاريخ 21 اغسطس 2007



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
همنجواي عاش الحياة باعتبارها مغامرة مثيرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فضاء الإبداع :: الرواد-
انتقل الى: