فضاء الإبداع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فضاء الإبداع

هذا فضاء للجميع فدعونا نحلق معا في أفق الإبداع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 يوميات بدر ( ثلاثية قصصية فكاهية )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. مصطفى عطية جمعة
مشرف قسم دراسات وآراء في النقد الأدبي
د. مصطفى عطية جمعة


عدد الرسائل : 183
العمر : 55
الجنسية : مصري
تاريخ التسجيل : 08/06/2008

يوميات بدر ( ثلاثية قصصية فكاهية ) Empty
مُساهمةموضوع: يوميات بدر ( ثلاثية قصصية فكاهية )   يوميات بدر ( ثلاثية قصصية فكاهية ) I_icon_minitimeالسبت 13 سبتمبر 2008, 5:31 am


يوميات بدر ( قصص فكاهية ) :
1 )
وجوه متراقصة
د. مصطفى عطية جمعة
عيون الطلاب في الصف تطالعه من طرف خفي ، تتراقص الابتسامة خجلى على الوجوه ، تتابع العيون الأستاذ الذي انهمك في الكتابة على السبورة، تتسع الابتسامة ، يكتم البعض ضحكه ، الكل منشغل بوجه زميلهم "بدر" الذي مطّ شفتيه ، ولوى أنفه ، ورفع حاجبيه ، وتكشّرت ملامحه فبدا كالذئب المتوحش.
التفت الأستاذ - من كتابته السبورية - لطلابه فطالع انبساط الوجوه ، وانفراج الشفاه ، وكتم القهقهات .
- لماذا تضحكون يا أغبياء ؟!
قالها الأستاذ وهو ينظر في عيونهم الطافرة ضحكا ، فأجابوا بأصوات متداخلة ، تشي بالاحترام الواجب :
- لاشيء يا أستاذ.
وعادت شفاههم محافظة على انطباقها ، يظن الأستاذ أن هيئته سبب ، يفتش في ثيابه ؛ لاشيء ، ينظر فيما كتبه على السبورة ؛ لا شيء ، يعود لاستكمال كتابته ، فيما يزيد " بدر " من تمدد شفتيه ، ويخرج لسانه للصف ، طويلا ، متراقصا ، ثم يعيد إدخاله ، محافظا على لوحة التكشيرة في وجهه . ينفجر الطلاب ضاحكين ، وتعلو ضحكاتهم ، فيمسك الأستاذ عصاه ، وبعشوائية ينهال ضربا عليهم ، وحينما يصل لبدر ، يكون الجد مزينا وجهه ، يقف بدر ، ممتنعا عن الضرب ، صائحا :
- أستاذ ، لم أفعل شيئا ، لماذا تضربني ؟
- أنت تضحك معهم .
- والله ما ضحكت ، أقسم بالله ، واسألهم يا أستاذ .
تندفع أصوات رفاق بدر ، تنفي واقعة الضحك ، مقسمة بالأغلظ أيمانا ، فيما لا يزال الأستاذ يسب الملامح المتراقصة ، ويضرب الأيدي الممتدة قسرا ، وتطفر عينا بدر ببراءة وحزم ، والملامح تكتم ضحكها ، والأستاذ يجاهد لاستعادة زمام الحصة ، وجذب انتباه الوجوه ، وهيهات ، هيهات .
*******************
2 )
( الدوائر الحمراء )
يجلس بدر في مؤخرة الصف ، مرتكنا جانب النافذة . طرقات هادئة على باب الفصل ، انتفض الأستاذ من جلسته وإغفاءته ، ووقف مبعدا الكرسي ، ورفع عقيرته متظاهرا بالشرح ، فيما اشرأبت العيون إلى القادمينِ ، كان السيد مدير المدرسة ، في مصاحبة الموجه الفني .
الأستاذ مضطرب بين شرحه والتقليب في دفتره ، فيما احتل المدير والموجه كرسيين بجوار بدر . يعلم بدر أن معلمه لا يجيد إلا منحهم درجات كثيرة ، تُفرِح الطالب ، وتُسكِت ولي الأمر .
النظرات متبادلة بين المدير والموجه ، فالمعلم يسهب شرحا بما يخالف عنوان الدرس المدون على السبورة . يطلب الموجه دفاتر المادة فيسأل بدرا الذي يجاوره :
- أعطني دفترك يا بني .
بكلمات متدفقة ، وثقة زائدة :
- أستاذ ، لماذا أحضر دفترا ؟
- حتى تكتب شرح الأستاذ ، وتحل الواجبات .
- الكتاب موجود ، ونحن نفهم جيدا من أستاذنا .
وجها المدير والموجه يتزينان بالابتسامة :
- وأين ستحل الواجب ؟
- الواجب للطالب الغبي ، الذي لا يفهم الشرح ، وأنا فاهم جيدا .
همس الموجه :
- وما الدليل على فهمك الجيد ؟
يخرج بدر شهادته المزدانة بالدوائر الحمراء ، ويقول :
- هذه هي المادة الوحيدة التي أنجح فيها ، انظرا .
********************
3 )
( الأسد في يوم ماطر )
أشار الموجه للمعلم ، فارتكن المعلم جانبا موسعا ، وتقدم الموجه فوقف أمام السبورة ، وقال :
- أبنائي الطلاب ، دعونا نتحاور قليلا ، سأروي لكم حكاية ، وأريد منكم أن تفهموها وتذكرون ما تعلمتم منها .
انتبهت الأعين ، فيما شحب وجه المعلم ، واستولى الوجوم على ملامح المدير الذي قبع في آخر الصف ، منتظرا ما سيسفر عنه الموقف .
بصوت جهوري ، عميق النبرات ، مراعيا الفصحى والضبط اللغوي ، قال الموجه :
" اشتدت الأمطار ، وملأت الغابة ، ووجد الأسد أولاده يئنون جوعا ، فالمطر متتابع يمنعهم من الخروج ، فقالت زوجة الأسد ، لزوجها : هل سنظل جوعى؟ ألا تسعى لإحضار طعاما لأولادنا مثل كل يوم . فقال الأسد : المطر شديد . فأجابته الزوجة : والجوع أشد . فقال الأسد : حسنا ، سأذهب الآن ، وخرج بالفعل ، فاصطاد أرنبا ، وعاد ليطعم أولاده "
- والآن ، ما رأيكم يا أبنائي ، هل أعجبتكم القصة ؟
أومأت الرؤوس بالموافقة ، فقال الموجه :
- إذن ، من يشرح لي المستفاد من هذه القصة .
ظلت الأيدي قابعة على الطاولة ، والعيون جامدة ، توحي بالبلاهة . نظر الموجه للمعلم ، والمدير والطلاب ، وقال :
- القصة سهلة ، وسؤالي أسهل ، ماذا تعلمت من موقف الأسد مع أولاده ؟
ظلت الكلمات طائرة في فضاء الصف . نظر الموجه لبدر ، وقال :
- بدر ، أنت تفهم من أستاذك جيدا ، كما تقول ، أجب عن سؤالي .
تعلقت العيون جميعها ببدر ، الذي وقف بجسده القصير في آخر الصف ، وراحت عيناه تلمع ، والموجه يستحثه ، هتف بدر :
- القصة خطأ يا أستاذ .
علامة تعجب كبيرة حملتها الوجوه ، وعتاب من المدير والمعلم .
قال الموجه بغضب :
- القصة صحيحة ، ونطقي سليم ، يبدو أنك لم تفهمها .
أجاب بدر :
- هناك خطأ كبير يا أستاذ .
- وما هو ؟
- الأسد لا يحضر الطعام لأولاده ...
- نعم !
- اللبؤة زوجة الأسد هي التي تخرج وتحضر الفرائس والطعام ، والأسد يظل في عرينه لا يتحرك .
بهت الموجه ، فيما توقفت العيون ، وسرعان ما ابتسم المدير ، وقال :
- صحيح كلامك يا بني ، وهو مقرر في منهج العلوم .
* * *
صافح المدير بدرا ، فيما احتضنه المعلم ، وزعق الطلاب عاليا ، وعادوا يضحكون ، وهم يرون بدرا مكشرا عن أنيابه متلاعبا بلسانه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
يوميات بدر ( ثلاثية قصصية فكاهية )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فضاء الإبداع :: القصة والرواية-
انتقل الى: