القراءة النقدية ، ودعوة للنقاش :
في هذا النص تميزات غاية في الروعة :
أولها : هذا الطرح الجديد المستند على الإدانة للواقع المعيش وقد استندت فيه على المعطيات التراثية المتصلة بعالم الفروسية من أخلاق وسيوف ونجدة وشهامة ، وكما تقول :
هانت على كل الرجال سيوفهم
واستشعروا خطوات صيادٍ قريبة
جابوا الدروب يباحثون ويعلنون على الملأ
إحجامهم عن طرق أبواب البيوت يسائلون الناس عن أحلامهم
الخيل فى كل الحظائر قد تساوت
فالرجال تخلوا عن سيوفهم ، وتناءت الخيول ، وبات العجز علامة مميزة على الهوان في المجتمع العربي الآن ، والقصيدة تعقد مقارنة خفية بين أخلاق العربي القديم وعلاماتها ( السيف ، الفارس ، الخيل ) ، وبين هوان العربي المعاصر .
ثانيها : العنوان مثير للدهشة ، فهو نوع من المراجعة على الواقع المعيش ، واقع ذل الأمة ، وتدني عطائها ورضائها بالهوان ، فهو مجرد التفاتة ، والالتفاتة محذوفة الإضافة ، وتعني ( التفاتة إدانة لما حدث ) ، والحدث للماضي والحاضر الآن .
ثالثها : بنية النص ( معماره ) : يعتمد على مقدمة ، ثم ديباجة ، ثم مقطع ( 1 ) ثم وقفة ثم مقطع ( 2 ) ، ( 3 ) ، وهو بناء يستوحي نمط الكتب التراثية في العرض والتقديم ، ويستلهم روح الشعر المعاصر المستند إلى المقطع الشعري أو ما يسمى المقطع / التوقيعي ، ثم الوقفة تتناسب مع مفهوم الالتفاتة أو المراجعة القائم في العنوان .
رابعها : أسلوبية النص غاية في الانسجام ، فهو يعتمد على التجلي الشعري والتناسق ، كما تقول :
أخبرتنا أن الصهيل يجيئنا أفقاً يضم
وتعود خيلٌ تحمل الآتى وتلقى بالبشارة نحونا
وأتت خيولٌ أدركت ..أنَّا فقط
صرنا كما حجرٍ أصم
فالصهيل والحجر الأصم ، رموز فخر بما هو قديم وإدانة لما هو جديد حادث ، وبين هذا وذاك ، تكون بنية شعرية متفردة .
إنه نص متفجر بالطرح ، وفيه الكثير والكثير الذي يدعونا للنقاش .
تحياتي وتقديري