فضاء الإبداع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فضاء الإبداع

هذا فضاء للجميع فدعونا نحلق معا في أفق الإبداع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصيدة النثر والسلطة الكهنوتية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ضحى بوترعة
مشرف قسمي حوارات خاصة مع شخصيات مبدعة وقضايا وآراء أدبية



عدد الرسائل : 1313
العمر : 55
الجنسية : تونسية
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

قصيدة النثر والسلطة الكهنوتية Empty
مُساهمةموضوع: قصيدة النثر والسلطة الكهنوتية   قصيدة النثر والسلطة الكهنوتية I_icon_minitimeالإثنين 29 سبتمبر 2008, 12:03 am

قصيدة النثر والسلطة الكهنوتية :

التأسيس والإقصاء


عبد الكريم كاظم



هل ستتخلى قصيدة النثر عن شرطها الفني ـ الجمالي ؟

إلى أين وصل المسار بها ؟



مرة أخرى سيخسر شعراء قصيدة النثر فرصتهم الشعرية الجديدة للخروج من المأزق ، وهم ينامون على مرتكزات الانظمة البابوية القديمة بنفس الوجوه والأسماء .



كم كانت قصيدة النثر العربية متجاوزة للسياق أو المناخ الخليلي ؟



لكن .. مرة أخرى نعود على بدء ، بدء يعود إلى ذات الأسماء والوجوه ، كمحاولة لتحويل قصيدة النثر إلى قصيدة مفزعة يحتكرها الكلاسيكيون الجدد ، فكل شئ أستحضر نموذجه ـ نماذجه القديم/ة في سياق من المثلية الشعرية الجديدة داخل الكرنفال الرسمي المتشكل من أجهزة الانظمة الشعرية الايديولوجية ، فلماذا يصر الآخرون على تحويل قصيدة النثر إلى نظام ايديولوجي ؟



هذا منهج لا يختلف قديماً وحديثاً حين تتحكم بنا ثانية ثقافة النخبة المسيطرة التي تمنح الالقاب جزافاً وتنتزعها متى تشاء ، ما يعيد سيطرة الاشكال القديمة التي تعادي أي تجاوز أو صوت شعري جديد خارج من البرية وكأنها تريد لنا أن نعيد صورة الأب الصارم عبر خيال أوديبي مشوه يسقط على الجديد المتجاوز ـ وهو كثير ـ أمثولة ( بابا الشعر ) على غرار ( بابا الفاتيكان ) وبهذا تتحول قصيدة النثر إلى ما يشبه السلطة الابوية أو المؤسسة القانونية الكهنوتية والتي تريد بدورها أن توقف الشاعر الراكض في العراء بتهمة فساد الذوق العام الشعري النثري .



قصيدة النثر تفرق بين الشاعر النادر الذي يكتب قصيدته الساحرة والشاعر المرصوف التقريري الذي يكتب قصيدته الخارجة من سرير العلاقة الشعرية الخائنة وكأن الشاعر والقصيدة قد دخلا غرفة الشاعر الآخر ولعبا باوتار كلماته المرتعشة فأي مصير تاعس ينتظر القصيدة .. هذا هو المفصل المعرفي المتجدد .



الشاعر الساحر وحش كاسر يلتهم المفردات وينقض على المعنى حتى لو داهتمه سلطة الأب .. قصيدة النثر لا تليق إلا به ، هل تكفي هذه الإشارات لكي يشار إلى أعتراف هذه النخبة بهذا الشاعر او ذاك ؟ يبدو ان النظرة القديمة لم تتغير ، فهذه النظرة على ما يبدو ـ أيضاً ـ قد أورثت شرعيتها ببيان النظام النثري القديم وهو يفرق بين شاعر و آخر أو بين نص وآخر .. هذه هي حصيلة الإخصاء الشعري الجديد ، فالأمر جارٍ على تلك السليقة التي باتت بمثابة المحراب الذي ستنحر عليه قصيدة النثر الخارجة من رحم التجارب الجديدة .



الشاعر النادر سيجد نفسه غريباً بين الموالين لبعضهم البعض ، ذاك لأن الولاء ـ وللاسف ـ قد أصبح السمة الأخطر على قصيدة النثر وهو بمثابة إعتداء ضمني صريح على قصيدة النثر ـ الأخرى ـ المتجاوزة .



لا مناهج جديدة للقصيدة القادمة لأنها ستبتلع كل مفاهيم الولاء ومنظومته القسرية التي تمارس الاستغفال الدعائي والأعلامي .



ثمة مغامرات نثرية يقوم بها ثلة ـ وهم كثر ـ من الشعراء الساحرين والهاربين خارج المنظومة الولائية ، الاسماء كثيرة أيضاً ، لكن خطاب الولاء ومنظومة النخب تحرم الشاعر من الطواف المعرفي وتسحله بحبال اللغة .. قد يخطئ الشاعر ( الخارجي ، الساحر ، الهارب ) بالأملاء ، ربما ، لكنه لايخطئ بالشعر ، لنلعن منظومة سيبويه ثانية ولندفن صرامة البيان في ذهن الشاعر المتجدد .



هذا هو الانحياز المطلق والشيطاني للقصيدة الراكضة في العراء والشاعر الخارج من البرية ، علينا أن لا ننشغل بحروب غبراء الخليل وداحس النثر .. المعضلة تكمن في جمعية المحاربين القدامى لقصيدة النثر وكانهم اوصياء ، علينا أيضاً أن نخرج اللغة الشعرية الجديدة لقصيدة النثر من منظومة الولي الفقيه الشعري حتى لا تفقد نضارتها المتجددة فكل قول لهذا الولي سوف لم يعد دستوراً ، إنها الأوركسترا القادمة ، لا ريب في ذلك ، فقد مضى عهد البيانات الشعرية ، عهد التشويش والاستغفال ، قصيدة النثر الجديدة المتجددة أثبتت لا على مستوى المفاضلة وحسب بل على مستوى التفوق ديمومتها المتحركة ، كما أن عصر ( الشاعر النجم ) ولى هو الاخر إلى ما غير رجعة ، الشاعر النجم الذي تمكن من اختطاف قصيدة النثر بنجوميته حتى توالت عمليات التعرية المعرفية الحديثة ، وحتى لا نعلق صورته على غرار الزعماء والأئمة والملوك .. الشاعر : شاعر وكفى ، إنه يحلق كالريشة ويمقت ان يزحف كالقوقعة .



هل هناك اعجوبة جديدة .. أعتقد ، لربما جازماً ، أن لقصيدة الشاعر الهارب إلى الحرية .. إلى المعرفة .. إلى الموسيقى مع المغايرة والأختلاف ما يجعلنا أمام حقيقة صارخة مفادها : أن قصيدة النثر القادمة هي المرجع الجديد والمرفأ المفتوح على الحقائق المطمورة تحت ركام الفوضى ، إنه الفتح الشعري الذي سنلوذ به وهذا ما لا يقبل الوصي ولا سلطة الأب .



ثمة أسماء ساطعة وأخرى قادمة في هذا الأفق الملتهب بنيران قصيدة النثر ستأخذ على عاتقها مهمة السعي الحثيث في هذا المنحى التجديدي المشع وثمة أسماء ترهلت .. تريد أن تزهق قصيدة النثر بتنظيراتها المعادة ، ترى .. هل ان قصيدة النثر في طريقا للانتحار على يد هذه الاسماء ، كلا الجوابين جائز .. نعم ولا ، وذلك استنتاجاً من الحشو التنظيري الذي يتكئ على النقل والتناص ، وهذان المنحيان يؤكدان غياب الاستحقاق المعرفي في فضاء الكلاسيكية المتجذرة من جديد في ذيول فرسان الحداثة ، الذين لا يتحدثون عن التجارب الشعرية الموهوبة بالتساوي ، وأعني بالتساوي النقدي المعرفي لا الشخصي الأخواني .



ثمة أسماء لامعة وعملاقة لها بصماتها وصولاتها النثرية المعروفة وهذا ما لايمكن انكاره وهم معروفون ، هؤلاء كتبوا بطريقة تخاطب الحواس والعواطف إضافة إلى مخاطبتهم العقل ، أغلبهم كان يعتمد ، في نصوصه ، بالدرجة الأولى على المعرفة ومن ثم إبراز الأشياء الباطنة العميقة في المعنى ناهيك عن لغته وطريقة بنائها الشعرية ففي عمق النص هناك فكرة أخرى موازية لها تبحث عن المعنى الموجود داخل الجملة / العبارة الشعرية تجعله في دوامة لا متناهية وكأنه يعيش حالة سحرية صوفية تقوم على طقس المعنى والجمال الحقيقي المنتقل من الوضع العقلاني إلى حالة من السكر .



مؤتمر بيروت لقصيدة النثر أو ( التتر ) بتعير الشاعر أسعد الجبوري أراد لقصيدة النثر اللبنانية ، بقصد او بدونه ، أن تختزل وتبتلع قصيدة النثر العراقية إلى الحد الذي أثار حفيظة بعض الشعراء العراقيين إلى الرد أو التعليق عما جرى في ذلك المؤتمر ومنهم أسماء معروفة ومهمة لم تأت إلى الشعر مصادفة حتى قبل وصولها إلى بيروت وخروجها فيما بعد إلى المنافي .



التحالفات القائمة ستكون لاحقاً ضد قصيدة النثر ، كل شئ واضح ولا يسع الناقد والمتابع إلا ان يتصور مخاطر هذه التحالفات ونتائجها ، على حياتنا الثقافية بذكاء وخداع كبيرين ، فبدلاً من أن نطلق العنان لقصيدة النثر وجعلها محلقة في الفضاء العالي تقوم هذه التحالفات النخبوية من سحب البساط من تحت الشعراء الهاربين وسوف تكون حصيلة هذه الممارسات خسارة المزيد من الشعر .



الغريب أن السجال الدائر حول قصيدة النثر ـ بعيداً عن الأحقية ـ يسفر عن غرابة مماثلة لا تثير إلا الدهشة أن تعرفنا عليها بعيداً عن القدسية .. هذه الغرابة دونها ( فرسان قصيدة النثر كما قيل ويقال ) كشاهد على طمس معالم البدائل المنتشرة على خارطة الشعر العربي كما لو أن هؤلاء الفرسان هم حماة قصيدة النثر وحدهم وبلا منازع ، وهنا سيتكرر مشهد الولاء الذي يفضي إلى اقصاء الشاعر مرة أخرى عن قصد وسبق متعمدين ، كل المؤكدات تكرس امكان تعطيل الرؤية الجديدة فكل شئ واضح كما أسلفت بحيث لا نحتاج لكلمات وظنون لتفسير شكل الولاء ، أخشى أن نُضاب بتلف شعري وعليه لابد من خلق تصور جديد لتلك الآليات التي تحول دون صيرورة التلف كي نتعامل مع هذه الخطورة عبر مفاهيم حديثة توقف مستقبل قصيدة النثر من حدود الموت ومواقع اللاوعي القادمان من هناك بوجوه وأسماء نعرفها .



لقد آن الاوان لادخال هؤلاء إلى غرفة العناية الشعرية النثرية الفائقة .. وفي كل الأحوال سوف لم يخرجوا بحلم نثري جديد ، ذاك لأن محاولاتهم القادمة سوف تتخذ بعداً فلكلورياً بحتاً وخصوصاً حين بدأت تعصف بهم وبمحاولاتهم رياح التجديد والمغايرة العاصفة وهي تبعثر بياناتهم وترجماتهم الايهامية ، وها هي قصيدة النثر الجديدة بفرسانها وصعاليكها الجميلين قادمة اليكم حيث لا ينفع بعد الان بيان ولا تأويل .



سيتضاحك النثريون الجدد بفضيلة الخلاص من ربقة الأب والشاعر النجم والمحاباة ، ثمة نصوص شعرية تشبه الفطائس وأخرى كالناقة الشبقة .



هناك حقائق عدة يبدأ منها الشاعر المتجدد .. الديانات ، النهايات ، الحب ، الجمال الكراهية ، الصدق ، الحياة ، الموت ، الخلق ، العالم ، النظريات ، الاسئلة المعقدة ،وأشياء أخرى لا حصر لها ، إنه يعلن عما يفكر فيه شعرياً دون مواربة ، يشكك في كل شئ دون ان يقول ذلك .. لا يرتكن إلى القناعات والثوابت البدائية لأنه يستطيع أستخدام رؤاه الفكرية المعرفية وصوره الذهنية لأنهما الوحيدتان اللتان لا تخضعان إلى قانو التابو البدهي .



هكذا ستحافظ قصيدة النثر عن شرطها الفني وهكذا أيضاً سيستمر المسار فيما سلطة الكهنوت مشغولة بالاعداد للهجوم المعاكس الذي سيقنعها فيما بعد بالانسحاب من السجال حتى لو أضطرت ـ على مضض ـ إلى ذلك .



عبد الكريم كاظم

23ـمايوـ2006

شتوتغارت

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصيدة النثر والسلطة الكهنوتية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فضاء الإبداع :: قضايا وآراء أدبية-
انتقل الى: