إتأليف: وسماء الآغا
ن فن الرسم عبر العصور التاريخية، هو خلاصة تجربة إنسانية يخوضها الفرد (الفنان) في تعامله مع الطبيعة بمعناها الخاص ومعناها العام (المطلق). وإن تفحص تلك التجربة في ضوء التصورات والتأملات والخبرات الخاصة، يدفع إلى البحث في الظروف الموضوعية (العالم المحسوس)، واللاموضوعية (العالم المتخيل) على السواء، لمعرفة تلك التجربة التي ساهمت وعملت على ظهور نتاجات فنية متنوعة تطورت عبر واقع وظرف معينين، وأيضاً عبر تأملات تصورية للإنسان، وبطابع نسقي حسب التفسيرات التي ستقدمها المؤلف لاحقاً في إطار العملية التاريخية والفنية.
ويأتي هذا الكتاب في حدود دراسة الأعمال الفنية وقراءتها، من وجهة نظر جديدة ذات أبعاد فكرية وفنية بصرف النظر عن انتمائها النظري واتجاهها وأساليبها، ومن خلال رؤية: تجد أن الواقع والتجريد يشكلان أساساً جوهرياً، يمكن في ضوء تشكلهما ووحدتهما معاً الوصول في القراءة إلى حقيقة تلك الأعمال، وبالتالي الكشف عن جماليتها وطرحها في الكتاب.
وعلى هذا تسعى المؤلفة إلى تثبيت أسس جديدة لمصطلح نقدي وفني هو مصطلح (الواقعية التجريدية)، وهي واقعية جديدة تضاف إلى أنواع الواقعيات الأخرى، ومن خلال دراسة تحليلية تركيبية للشكل والمضمون لنماذج تشكيلية (لوحات فنية). وهذا يعني الواقعية مفهوماً والتجريدية كذلك، بحيث لا يمكن النظر إلى أحدها بمعزل عن الآخر في ضوء هذا المصطلح، والذي لا يمكن له أن يتحقق إلا في العملية الفنية.
وبما أن العمل الفني هو "أشبه بنافذة على العالم"، فهو يطل إذاً على كل شيء، ويفصح عن كل شيء، سواء أكان ظاهرياً أم باطنياً، موضوعياً أم روحياً، واقعياً أم تجريدياً. من هنا فإن مصطلح الواقعية التجريدية يشكل نافذة ومفتاحاً للاهتداء لفهم تاريخ الفن فهماً جديداً ومعاصراً. وكلما أوغلنا في تتبع خطوط الواقع والتجريد المشتركة في العمل الفني، توصلنا إلى حقيقته دون قيود.
وعليه فإن أهمية هذا الكتاب تكمن في الوصول إلى وضع قواعد لسمات نظرية عن هذا المصطلح. ووضع هذه القواعد والسمات كشف له أهميته لدارس تاريخ الفن في العالم. وفي ضوء الاستنارة بدلالات مصطلح (الواقعية التجريدية) لاستحداث منهج نقدي فني جديد يخدم تاريخ الفن.
وقد حددت المؤلفة دراستها على نماذج من الفن العالمي عبر التاريخ.. والاعتماد أيضاً على نماذج من الفن العراقي (الرسم) 1945-1990. مع استخدام طريقة الاستقراء والتحليل الفني ضمن إطارهما التاريخي.
كذلك تم تحديد المصطلحات الواردة في هذا الكتاب لأهميتها، فالمصطلح بدلالته اللغوية العلمية هو انتقال اللفظة من معناها العام إلى معناها الخاص، دونما ارتجال، مع عدم اللبس عند المتلقي (أي وضوح المصطلح)، وهذا يعني أن المصطلح بوصفه مظهراً حضارياً في أية لغة لا يولد بلا مفهوم معجمي-لغوي، والمؤلفة ترى أن المصطلحات التي سترد في هذا البحث تتجاوز الدلالة المعجمية الخاصة إلى تركيزها على الجانب الدلالي الاصطلاحي، وفي ضوء هذا التصور ترد المصطلحات الآتية المستنبطة من خلاله، والمرتبة حسب حروف الهجاء وهي: 1-الاستجابة، 2-التجريد، 3-الرؤية الفنية، 4-الرمز، 5-سردية الصورة، 6-السياج الخارجي، 7-الشفافية، 8-اللون، 9-المحاكاة، 10-المنظور -العمق الفراغي، 11-النص الخفي، 12-النص الظاهري، 13-هيكلية المضمون، 14-الواقع، 15-الواقعية.
الناشر:المؤسسة العربية للدراسات والنشر تاريخ النشر: 16/11/2007
مصطلح (الواقعية التجريدية)، الذي يطرحه هذا الكتاب لأول مرة بلغة وسمات خاصة، يضيف لقراءة النص الفني جوانب معرفية مهمة، واتجاهات لمسارات نقدية وفكرية غير مألوفة لم يتناولها أحد من النقاد سابقاً، كذلك لم تجر حولها مناقشات، ولم تكتب أي دراسات تقويمية عن سماتها وطبيعة استخدامها، ولهذا يمكن عد هذا المصطلح ابتكاراً في حقل المعرفة الفنية التشكيلية بوصفه نتاج تجربة إنسانية وجمالية يفتح بوابات عديدة لعوالم مزاحة لا يتم الحديث عنها غالباً، ويقوم -في الوقت نفسه- بشد التشخيصات المتعينة بسياجها الخارجي، والمخفية تحت قشرتها في وحدة متكافئة كاملة.
[img]
[/img]