في واحد من أهم الحوارات التي أجريت مع الشاعر الراحل محمود درويش
وتحرص قناة النيل الثقافية على أذاعته باستمرار عبر برنامجها ( مواقف وقضايا ).
نجح هذا الحوار فى كشف العديد من الجوانب الخاصة بشخصية محمود درويش
والتي تعتبر مفاجأة للجميع وهذه هي بعض آرائه التي أدلى بها في تلك الحلقة المتميزة :
عندما سألته المذيعة عما يقال عنه من انه الشاعر الطاووس قال اعتقد جازما أن هناك جمعية للتشهير بصورة محمود درويش فانا عن قرب لست طاووسا ً
بالعكس أنا خجول جدا وخجلي يفصل بيني وبين الناس
وصحيح اننى أحب العزلة والابتعاد لكنني إنسان كويس ولطيف مثل سائر الناس
ولا يوجد عندي وهم الطاووسية .........
............
وعندما سألته عن أسباب لجوئه للعزلة أحيانا ..
أجاب إن العزلة هي تحرير النفس من طاقة العلاقات الاجتماعية التي تستهلك الوقت
وأنا بطبعي ارفض دور النجم الاجتماعي
وأحب إشغال وقتي في القراءة أو التأمل أو الإبداع ...
فهي فقط عزلة عن الاحتفالية ولا يعنى هذا اننى ليس لدى أصدقاء
فانا أحافظ على مجموعة من الأصدقاء وأنا لست في عزلة عن العالم ولكنى أشارك فيه بقدر محدود........
أما عن طقوس الكتابة فقال لا طقوس للكتابة عندي
ولكن هناك تراكم عادات وبالعكس أنا اكتب بشكل طبيعي جدا في اى وقت أو مكان
وطقسي الوحيد ربما هو استخدام نوع معين من الورق
وهو الأبيض المسطر وكذلك أقلام الحبر السائل وليس الجاف
وبشكل عام أنا لا أحب أن أحيط نفسي بالهالات فالكتابة عندي فعل بسيط في طقوسه ..........
وعند الحديث عن المرأة عنده وانه في قصائده
التي يتحدث فيها عن المرأة لا يقصد المرأة الإنسانة
ولكن يقصد المرأة المجازية الأكثر شمولية كالوطن والقصيدة
قال انه لا يحب إحالة المرأة إلى اى شيء آخر
فعندي كثير من القصائد تتحدث عن المرأة الأنثى
وتقول إنها المرأة لا أكثر ولا اقل وهى عندي كائن انسانى كامل الحضور .............
لست شاعر الحب :
وعند سؤاله على إمكانية ان يكون الحب الذي يتحدث عنه في قصائده
حبا حقيقيا واقعيا قال لا انه ليس واقعيا
فصورتي العامة ومكانتي لا تسمح لي بان أكون عاشقا إلى هذا الحد
أو مغرما بإقامة العلاقات النسائية..........
مع اعترافي ان الحب مهم للشاعر على المستوى الانسانى
فإذا كان الشاعر ليس إنسانا فهو آلة ولكن لا تسأليني عن الحب فلست خبيرا فيه
وعندما سألته عن صدى اشتهار اسم محمود درويش
وهل الناس يتعاملون معك أم مع اسمي أجاب درويش كعادته إجابات مفاجئة ومبدعة
فقال أنا أغار من اسمي ولا أعرف إذا احبتنى امرأة يوما
هل تحبني أنا أم تحب اسمي ...
وللحقيقة مغترب جدا عن اسمي ووضع اسمي بهذا الحجم وتضخمه
يضع قيدا على حريتي الشخصية فانا أؤمن أن الإنسان جوهر وكائن وليس لافتة فقط .........
وعن الفرق بين الشعراء وغيرهم من الناس
قال إن الشاعر قادر على إيجاد الدهشة
وقادر دائما على أن يرى الأشياء والكائنات والظواهر وكأنه يراها لأول مرة ...
فالشاعر يتميز بأنه مهما كبر فانه يظل محافظا على الطفل فيه ...
الطفل القادر على الاندهاش وإعادة النظر الى الأشياء
وكأنها فى بكارتها الأولى هنا يبرز تميز الشاعر من خلال هذه النقطة تحديدا
وهو نقطة قدرته على الاستمرار طفلا .........
وعن تعريفه للشاعر قال انه لا يستطيع تعريف من هو الشاعر
كما يعجز عن تعريف الحب مثلا
فكلمة الشاعر كلمة نسبية هل كما أقول عن الشعر انه نقيض الوزن
أقول أيضا عن الشاعر انه نقيض الناثر ...
فإذا كان الشعر فيه ما يميزه من الإيقاع والاستعارة وقدرات التخيل فان النثر قد يحتوى على ذلك أيضا ولذلك أقول اننى لا املك تعريفا محددا لمن هو الشاعر لقناعتي أن كلمة الشاعر كلمة نسبية ....
......
وعن سؤاله عن موقفه من قصيدة النثر وعما إذا كان سيكتب يوما قصيدة نثر
قال أنا لا لم اكتب قصيدة نثر ولا أقول لن ....
ولكن قصيدة النثر ليست خياري
وكل طموحي أن يعترفوا لي بحق فى خياري الآخر ...
لكن أنا ليس لدى موقف مبدئي من قصيدة النثر
فقد أجرب كتابتها في المستقبل ... قد ..أ
نا عندي ضخامة إيقاعية ولا أرى قصيدة النثر تلبى حاجتي...
لكن المشكلة أن هناك الكثير من الشعراء لا يعرفون الوزن والإيقاع من الأساس
إذن فهم ضد الوزن دون ان يجربوه
ودون أن يعرفوه فكيف يثورون على شيء لا يعرفونه ولا يشكون منه
ما مبرر الثورة هنا ...
وأنا لا يهمنى التسمية ولا الشعر,,
أنا يهمنى الشعرية
وكيفية تحقيق الشعرية فى بناء اسمه القصيدة ...
صدقيني ربما تتوفر الشعرية في مقال أكثر مما هى موجودة فى قصيدة ما