الإبداع النسائيّ محكوم بشجاعة الرّجال لا بموهبة النساء/ أحلام مستغانمي

تُرى لأن الإبداع شفافيّة .. رسبت فيه النساء رغم أنّ المرأة عالم مسكون بالحساسية ، و بالتناقضات و الأضداد .. كائن متقلب غامض بعدّة نشرات جويّة في اليوم .. تربة تصلح للخلق و الجنون و الإبداع .. فلماذا مازالت النساء يقدّمن لنا الكتابات المسطّحة الباردة ؟ .. لماذا مازلن يدخلن عالم الكتابة و كأنّهن يدخلن حقلا للألغام يمكن أن ينفجر تحت أقدامهنّ في أيّ لحظة ؟ ...و الحقيقة أنّ المرأة العربيّة تخاف الكلمات بقدر حبّها لها ، فالكلام مهنتها في النهاية ، و لكنّ الكتابة قضيّة أخرى لا علاقة لها بالنميمة والحديث عن الأخريات .. إنّه حديث عن الذات .. الذات التي تنام فيها مستنقعات أجيال من النّساء المحكومات بالصمت و الكبت منذ قرون .

في أعماق كلّ امرأة بحيرة راكدة . و لكن كم من امرأة تجرّأت حقا على تغيير ذلك المنظر الذي يبدو من الخارج هادئا مسالما ؟ كم من امرأة حاولت بقلمها تحريك تلك المياه الراكدة و اعترفت لنا أنّ في أعماقها مياها " غير صافية ".. و أحلاما عكرة لم يتوقّع وجودها أحد . اللاّئي فعلن ذلك وحدهنّ مبدعاتٌ .. فالإبداع هو أيضا غوصنا نحو الأعماق التي نموت فيها غرقا .. أو دهشة فقط ...

و لو سمحتم لي بفتح قوسين في هذا الباب لقلت إنّ الإبداع النسائيّ ليس مرتبطا بموهبة النساء .. بقدر ما هو مرتبط بشجاعة الرّجال .. الرجال الذين يمتلكون متى شاؤوا حقّ إسكات المرأة بحكم القرابة .. أو بحكم الزواج . و إذا كان هناك اليوم بعض النساء اللاّئي وصلن إلى قدر كبير من الشهرة ، فهذا لا يعني أنّهنّ أكثر النساء العربيات موهبة و إنّما فقط أنّهنّ أكثرهنّ حظا و أنّ خلفهنّ آباء مثقفين واعين أو أزواجا على قدر كبير من الثقافة و من الثقة بالنفس و من سموّ الأخلاق حتّى لا يستبيحوا دفاتر زوجاتهم و ينبشوا بين الفواصل و السطور و يحاسبوهنّ على كلّ ما اقترفت أيديهنّ من أحلام .

أحلام مستغانمي " الإبداع و الهويّة القوميّة "

أحلام مستغانمي ، مبدعة مبدعة ،لمياء شعبان شكرا

أشكرك سعاد على مرورك الجميل .

كل عام و أنت بخير

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى أرجوا أن تنال إعجابكم و شكرا


إدْراكٌ قد لا يَبْلَغُ مُرادَهُ

الخيانةُ, كثيراتٌ هنّ اللّاتي يَملكن الجرأة للكتابة عنها و قليلونَ هم من صدّقوا أنها لا تتعدى الوصف داخل دفاترهنَّ
مشاهد موصوفة بدِقّة المجربِ, مخطوطة بقلم البطلة, ملعونة من ألف قارئٍ
تُقسِم الكاتبة بشرفها أنّها من وحي الخيال و يُشْهِد القارئُ رجولته أنّها واقع لا محال
أحداث تربطها محاورٌ, أوراق منَمَّقةٌ بالكلماتِ
وأخرى يُعدِمُها الشّكُ و النظر من وراءِ العباراتِ
في محاولةٍ للإقناع بموهبتِها, تَخْسرُ المرأة ثِقتَهُ
و في محاولة منه لإسْترجاعها, يَخسر الرجلُ آخر فرصهُ
تحْتجُّ المرأة بالأدبِ و يحْتجُّ الرجل بالعُرْفِ
تُبدع الكاتبة في الوصفِ, مشرّعةً كلّ تفاصيل الغدرِ, مقنّنةً كلّ طرق الطعنِ
و يَتفنّنُ المُتطفِّل على آثارها في التخيُّل, ليُلهبَ الشّكُ أوراقَ المصداقية التي ولدت مع حبهِ
خَانها فخَانتْهُ, جملةٌ من السَّهلِ على المرْأَةِ صِياغَتِها و من السّهلِ على الرجل الحكمَ عليها
يحكمُ من خلال حياتهِ, ينظُرَ من خلال مرآتهِ و ينتقِمُ مستعملًا كل أدواتهِ
تبكي ضُلْمَهُ فيقول هذا إحساس بذنبها
تٌخفي غضبها فيقول هذا إعلان بجريمتها
تَصْرُخ شاهِرةً مُسْوداتِها في وجهِه فيقول هذا دليلٌ على قِلَّة أدبها
تُقدِم له أمثلةً عن رجالٌ أدباءٌ إقْتَدتْ بخُطاهُم فيقول هذا طموح صعبٌ عيها
فتقِفُ الكاتبةُ مصرّحَةً بأعلى ’قَلَمِها’: الأدب عالمي, الشعر لغتي و الحروف سلاحي, إن رَغِبْت الإنْضِمَام إلى قاموسي و العيشَ داخل سطورِ موْسُوعَتي, فقلبي قد يُتَوِجُك ملكاً علينا, و إن رفضْتَ فكري و لم تَهْوى خطّي, فبَابُ قلعتي لا يزال مواربّا يمْكنُك الهروبُ من داخلي وأتركْ المكانَ لآخَرَ قد يفهمُ ما أُخطّطُ في دفاتِري من غير أن يحاسبني و لا أن يقْتُل موهبتي
قد أحبُّ قلمي, قد أتزوَّج أوراقي لأُنْجبَ منها أرْوعَ وألطفَ كتاباتي,
قد أموت وحيدةً بعيدةً عن كل أبناءِ آدمَ, لكنّي سأُخلٍّدُ خلفي بنات أفكاري,
كاتبة ولدتُ, كاتبة عشتُ و كاتبة أموتُ
هَلمّوا إلي أقلامِكُنَّ يا نساءَ الحاضِر و أرْمينَ كل التفاهاتِ
فالمُستقبلُ قائم على الفكر
والفِكْر أساسُه القراءَة
و القراءة لا تكون إلاّ لما هو مرْسومٌ فوق أغصانِ أوراقِكِ

حنان القريشي
09.01.2010