مسحت السم عن حلمة أمي)
الى ابراهيم القعدوني
هذا المساء أنا سعيد(مسحت السم عن حلمة أمي) لن أشعر بألم في بطني ولن أزعج أمي بالبكاء…أنا سعيد لأن الطفل الذي أراقبه كل مساء عبر نافذتي يأكل عروسة الزعتر ويقاوم نعاسه محاولا البقاء مستيقظا حتى نهاية برنامج الأطفال استطاع أن يهزم النعاس.
أنا سعيد لأني حققت انتصارا ساحقا في معركة غير متكافئة مع صرصور هرب عبر البلوعة ثم عاد ليلعب دور المنتصر كما كنت أفعل أنا المهزوم منذ ولدت.
أنا سعيد لأني كنت ذات يوم ذلك المصباح المعلق على أحد الأعمدة أضيء الشارع الذي يعبره الأصدقاء ولازلت سعيد رغم أن الأطفال رشقوني بالحجارة حتى كسرت ورفض عمال البلدية إصلاحي… أنا سعيد لأني أستطيع أن (أجرح إصبعي حين أريد البكاء) وأرقص بلباس الفريق المنصر وسط جمهور الفريق الخاسر بكرة القدم وأمسح بصاق أصدقائي عن طاولتي بذات المنديل الذي أمسح به الصدأ عن ذكرياتي واقتسم معهم لفافة التبغ الأخيرة في نهاية السهرة وأسرق لهم الحلوى التي تخبئها أمي وأخيط لهم جوارهم المثقوبة وأعيرهم هاتفي النقال ليتحدثوا طويلا مع من يحبون ثم أستدين مالا لأدفع ثمن الفاتورة….أنا سعيد لأني أكتب لكم عن التفاصيل الصغيرة التي جعلتني سعيد هذا المساء…وسأبقى سعيد حتى لو قلتم أن ما أكتبه شيء تافه.
رامي نور
ramenoor@hotmail.com