[tr][td class=hr colspan="2"]
[/td][/tr][tr][td colspan="2"]<BLOCKQUOTE>لم يكن حافظ براهيم شاعر النيل شاعراً
فذاً فقط بل كان صورة ناطقة لكل المصريين
يخيل إلي أنه خرج من كل العصور مزيجاً
تاريخياً يحمل وجهه معاناة الشعب المصري
منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا فهو يضحك
ويُضحك كل من حوله بقفشات تجعل
السامعين من الإنس والجان يتطوحون
وينبطحون أرضاً وهم يمسكون بطونهم من
شدة الضحك رغم أن داخله مليء بالأسى
والعذاب المتراكم على مر السنين.
حافظ ابراهيم متعة لا تُمَلْ وديوانه
يزخر بأضعاف النماذج التالية لقد كان
أظرف البؤساء و(أبأس) الظرفاء.
</BLOCKQUOTE>تاجر كتب
قال حافظ ابراهيم في تاجر كتب صفيق كان كلما ذهب إليه لشراء كتاب أحس بحاجته إليه، غالى في الثمن، ورفض أن يخفض من قيمته. وكان فيه تبلّد وبرود واضحين.
أَديمُ وجهكَ يا زنديقُ لو جُعِلتْ *** مِنهُ الوقايةُ والتجليدُ للكتبِ
لم يعلُها عنكبوتٌ أينما تُركتْ *** ولا تخافُ عليها سطوةَ اللهبِ
ثوب جديد:
كان حافظ ابراهيم رغم اسمه الكبير فقيراً كأغلب الشعراء، وذات يوم اشترى ثوباً جديداًً فلاحظ أن الناس – كثيراً منهم- يتعامل معه باحترام أكبر فقال مخاطباً ثوبه الجديد:
يا ردائي جعلتني عند قومي *** فوق ما أشتهي وفوق الرجاءِ
إن قومي تروقهم جِدّةُ الثو *** بِ ولا يُعشَقُونَ غير الرِداءِ
قيمة المرءِ عندهم بين ثوبٍ *** باهر لونهُ وبين الحذاءِ
كنت ( حاقولك):
التقى أحد السائلين وكان سمجاً لحوحاً في السؤال بشاعر النيل حافظ ابراهيم فسأله أن يعطيه قرشاً فرد حافظ إبراهيم:
- والله عمرك أطول من عمري كنت حاقولك أنا كدا برضه.
الشارع ده بيروح فين؟
كان حافظ يسير مسرعاً إلى عمله في دار الكتب بالقاهرة حيث كان مديراً لها ويبدو أنه كان في عجلة من أمره فحاول أحد المارة أن يستوقفه بقوله:
- والنبي يا عم الشارع ده بيروح على فين؟
- فأجاب حافظ ابراهيم مواصلاً سيره ما بيروحش أبداً طول عمره هنا.
خروجه من بيت خاله:
كان حافظ ابراهيم بعد وفاة والده يعيش مع خاله ويبدو أنه لاحظ ضيق خاله به من سوء معاملته إياه فضاق به حافظ أيضاً وغادر البيت بعد أن ترك له ورقة كتب فيها هذين البيتين:
ثَقُلَتْ عليك مؤونتي *** إني أراها واهِيَهْ
فافرح فإني ذاهبٌ *** متَوَجَة في داهيهْ
بنو الكرام:
ولم يكن الفقر حالة خاصة بل إن عصر حافظ ابراهيم الذي عاش فيه ذلك الملك وبطانته والانجليز كان فقرا عاما على معظم المصريين فيخاطبهم حافظ بسخرية:
بنو مصرَ في حِمى النيل صَرعى *** يرقبونَ القضاءَ عاماً فعَامَا
أيها النيل كيف نُمسي عطاشا *** في بلاد رُويت فيها الأناما
يَرُدُّ الواغلُ الغريب فتُروى *** وبنو الكرام تَشكوا الأواما
وقد شقِينا ونحن كَرّمَنَا اللــ *** ــهُ بِعَصْرٍ يُكرمُ الأنعاما
ضعف نظر:
كان حافظ ابراهيم جالساً في حديقة داره بحلوان ودخل عليه عبد العزيز البشري وبادره قائلاً: لقد رأيتك من بعيد فتصورتك واحدة ست، فرد حافظ على الفور: والله يظهر نظرنا ضعف... أنا كمان شفتك من بعيد افتكرتك راجل.
تعزية في ديوك المراغي:
كان الشيخ المراغي قد اشترى خمسة ديوك رومي، ولم يكد الصباح يطلع عليها حتى ماتت. فأرسل حافظ ابراهيم إلى الشيخ المراغي كتاب تعزية قال فيه:
رحمَ الله خمسةً من ديوك
للمراغي قد عولجت بالفناءِ
فلو أن الأستاذ خُيِّرَ فيها
بين موتٍ لها وبين فداءِ
لافتداها بخمسةٍ من شيوخ
من أساطين هيئة العلماء
الدور عليك
لما توفى الشيخ محمد عبده وقف على قبره يوم تأبينه ستة من الخطباء هم على الترتيب الشيخ أبو خطوة –عاصم باشا- حسن عبد الرزاق باشا- قاسم أمين- حفني ناصيف- حافظ إبراهيم.
وقد مات الأربعة الأولون واحداً إثر سابقه وعلى نفس الترتيب وجاء الدور على حفني ناصيف وكان قد بعث إلى حافظ أبياتاً يُذكّره فيها بالموت ويدعوه إلى الإستعداد له إذا نزلت به المنيّة.
وقد تذكر حافظ الحادثة السابقة فرأى أن ينبه إليها ذهن المحتفى به فراح يقول له:
أخشى عليك المنايا *** حتى كأنك منّي
إذا شكوت صداعاً *** أطلت تسهيد جفني
وإن عَراكَ هُزال *** هيّأتُ لحدي وقطني
وإن دعوت لِحَيِّ *** يوماً فإياك أعني
عمري بعمرك رهنٌ *** فعِشْ أعِشْ ألف قَرنِ
الشعر ثمن التذكرة:
كان إحدى الحفلات تعرض في مسرح الأزبكية بالقاهرة وأراد حافظ ابراهيم والشيخ عبد العزيز البشري رؤيتها وهما علمان في ذاك الوقت فحافظ شاعر النيل والبشري صحافي مشهور يملكان كل شيء إلا المال وحاولا الإعتماد على شهرتيهما في الدخول إلى المسرح ولكن العامل المختص بأخذ التذاكر منعهما من الدخول ولم يشفع لهما بالطبع إسميهما ولا شهرتهما لأن العامل لا يعرف القراءة ولا يعنيه من هما وأثناء النقاش حضر متعهد الحفلة وكان يعرف حافظ ابراهيم لكنه تمسك هو الآخر بثمن التذكرة لكنه لم يطلبه مالاً بل شعراً، فسكت حافظ ابراهيم برهة ثم قال مضطرا حتى يشاهد الحفل:
رياض الأزبكية قد تجلت *** بأنجابٍ كرامٍ أنت منهم
فهبها جنه فتحت لخيرٍ *** وأدخلنا مع المعفو عنهم
وربما طالب الشيخ البشري بثمن البيت الثاني بعد الخروج من الحفلة.
غلب الشوق عليها:
جلس حافظ ابراهيم وأحمد شوقي وأمين تقي وولي الدين يكن ومي زيادة في أحد مطاعم القاهرة صباحاً يتناولون طعام الإفطار وأمام كل منهم كاس شرابه وأثناء تناول الشراب خطفت مي زيادة كأس حافظ إبراهيم تداعبه فقال على الفور:
خطفت كأس مدامي *** لن تبقي لي شيّا
فرد عليه أمين تقي مُجيزاً
غلب السكر عليها *** غلبَ الشوق عليّ
إهنأ بما نلت من فضلٍ:
وُليّ السيد محمد الببلاوي نقابة الأشراف سنة 1920 وذهب حافظ براهيم لزيارته بحكم صداقتهما وزمالتهما في دار الكتب، لكن المنصب الجديد كانت له أبهته ما فيه من حراس وأبواب موصدة وضرورة وجود موعد مسبق للقاء وبالتالي لم يستطع حافظ ابراهيم مقابلته فعاد من حيث أتى وترك له مع الحارس هذه الأبيات:
قل للنقيب لقد زرنا فضيلته *** فذادنا عنه حراس وحُجّاب
لقد كان بابك مفتوحاً لقاصده *** واليوم أوصد دونك الباب
فلا ذكرت "بدار الكتب" صحبتنا *** إذ نحن رغم صروف الدهر أحباب
لو أنني جئت "للبابا" لأكرمني *** وكان يكرمني لو جئته "الباب"
لا تخش جائزة قد جئت أطلبها *** إني شريف وللأشراف أحساب
فاهنأ بما نلت من فضل وإن قُطعت *** بيني وبينك بعد اليوم أسبابُ
تفسير رؤيا:
كان الدكتور محجوب ثابت وحافظ ابراهيم في ضيافة سعد زغلول واتفق أن روى الدكتور محجوب حلماً رآه في النوم بقوله: رأيتني راكباً جملاً كبيراً.. ومن خلفي عدد كبير من الحمير ثم جاءني رجل ومعه رسالة من كبير فسلمني ياها فنظر سعد زغلول إلى حافظ ابراهيم وقال له: فسَِر يا حافظ. فقال حافظ: أما الجمل.. فهو كرسي النيابة، وأما الرسالة فهي تكليف من أولي الأمر لمحجوب لتولي وزارة الصحة، وأما الحمير.. فهم أولئك الذين انتخبوك نائباً.
إصفح فأنت خليق:
أقام أمير الشعراء أحمد شوقي حفل زفاف لابنته في كرمة بن هانئ وكان قد أرسل دعوة لحافظ إبراهيم لحضور حفل الزفاف لكن المرض حال بينه وبين الحضور فبعث له بهذه معتذراً:
يا سيدي وإمامي *** ويا أديب الزمان
قد عاقني سوء حظي *** عن حفلة المهرجان
وكنت أول ساعٍ *** إلى رحاب "ابن هاني"
لكن مرضت لنحسي *** في يوم ذاك القران
وقد كفاني عقاباً *** ما كان من حرماني
حُرِمْتُ رؤية "شوقي" *** ولثم تلك البنان
فاصفح فأنت خليقٌ *** بالصفح عن كل جانِ
وعش لعرش المعاني *** ودُم لتاج البيان
إن فاتني أن أوفي *** بالأمس حق التهاني
فالله يقبل منا *** الصلاة بعد الأذان
[/td][/tr]