حلقة نقاش/ ماهو مستقبل قصيدة النثر

اختى العزيزه ضحى
قصيدة النثر لم يتضح لها اى شكل او نموذج الى الان وهى فى طور التطوين ومن يقول عكس ذلك فهو مخالف لما يحدث فى الواقع الادبى العربى بالتحديد ويذهب كل من يكتبها الى نظريه مختلفه عن اقرانه لابد وان كان الموضوع هام جدا
ان نطرح بعض الرؤى التى من المحتمل ان نتفق ونختلف معها لكى تتم المناقشه
لك الاحترام

يا إلهى كم هى مثيرة للفتنة والفتن قصيدة النثر هذه ، كنت أتمنى أن تكون ضحى معنا فى ندوة الفيوم فقد تكلمت قليلا عن قصيدة النثر كتطور طبيعى فى التجربة الشعرية العربية. ولعلى صدمت الحاضرين عندما قلت انها تستولى على فضاء القصة القصيرة حتى اننا خلال عقد أو أقل سيكون لدينا فقط جنسين أدبيين هما الرواية وقصيدة النثر. المثير للدهشة أن الحقيقى من قصائد النثر يذهل من يتلقاها فيبدى اعجابه ، وان ظل على مستوى الوعى متحيرا ومشككا، وهى علامة نعرفها على العقل العربى الذى لايستجيب تماما إلا لما عليه نص فى تراثه ، وللأسف ليس فى تراثه شىء عن قصيدة النثر، حتى على مستوى التنظير النقدى لايتقبل الجديد إلا بعد برده إلى نظيره أو شبيهه فى الماضى الذهبى، باعتبار ان الجرجانى وابن طباطبا وابن رشيق القيروانى وغيرهم لم يتركوا لمن جاء بعدهم شيئا يقولوه. الموضوع يحتاج إلى الكثير من تهيئة الوجدان للتلقى دون وضع العربة امام الحصان كما يقولون وشكرا لكل من قرأت ردودهم هنا

بداية اود أن اورد ما قاله الايطالي جياما باتستا فيكو ، عن الاطوار الثقافية التي عرفتها البشرية وهي : طور الالهة بخطابهم المقدس في هذا الطور كانت الكلمات رموزاً وشكلها الطبيعي هو الابتهالات ثم طور الابطال خطابهم الارستقراطي Œ عصر النهضة انطلاقا من اليونان ˜ وفي هذا الطور كان الشعر الموزون والنحو المعقد ، بعدها طور الناس العاديون بخطابهم الديمقراطي وفيه كان الشكل الطبيعي للخطاب هو النثر . يقول أدونيس أن قصيدة النثر هي نتاج في تطور الشعرية الاوروبية الامريكية وبالطبع هو اول من اشار إلى قصيدة النثر في مجلة شعر العدد 41 عام 0691 في مقالة تحمل عنوان Œ في قصيدة النثر˜ . وسأورد هنا فقط مواصفات قصيدة النثر كما حددها ادونيس وهي : - الوحدة العضوية التي تتيح لها أن تشكل عالما مغلقا . -المجانية أو مايسميه بـ اللازمنية ، بمعنى أن قصيدة النثر لاتتقدم نحو غاية أو هدف كالقصة والرواية والمسرح أو المقالة بل تعرض نفسها ككتلة لازمنية . - الكثافة فعلى قصيدة النثر أن تتجنب الاستطرادات والايضاح والشروح وكل ما يقودها إلى الانواع النثرية الاخرى . وبالطبع لابد من الاشارة إلى أن ماكتبه أدونيس كان انطلاقا من كتاب الناقدة الفرنسية سوزان برنار التي وضعت أهم كتاب في فرنسا عن قصيدة النثر . راسل أيدسون احد رواد الشعر في الادب الامريكي الحديث يصف قصيدة النثر بأنها شعر متحرر من محددات الشعر ، ونثر متحرر من احتياجات القص . وبالرغم من كل هذه الاشكاليات حولها استطاعت اغواء الكثير فكتبها انسي الحاج وأدونيس وبول شاؤول وفاضل العزاوي وسركون بولص وعباس بيضون ويوسف الخال وشوقي ابي شقرا وحسين مردان و رعد عبد القادر ومحمد بينس وعقل العويط وامجد ناصر وعبد القادر الجنابي وآخرون .. ولكل رأيه الذي قد يتفق في بعض نقاطه ويختلف في بعضها الاخر مع الاخرين فقصيدة النثر لها سحرها واغواؤها يقول انسي الحاج : أن قصيدة النثر بكل بساطة هي حب النثر فما يجده الناظم في الوزن اجده انا في الشعر ، موسيقى الاوزان تناسبه وموسيقى النثر تناسبني ،والامتحان الذي يخضع له في تطويع الوزن اخضع له في تطويع الشعر ،واستنباط الايقاع في النثر هو اشبه بتحويل المعدن الرخيص إلى ذهب . فالكتابة كلها هذه العملية الخيميائية ولا قيمة لها الا بمقدارها وفق تحديها شبه اليائس لاستحالة النجاح في هذه العملية . الشاعر امجد ناصر يقول في الكلمة التي كتبها لتلقى في مؤتمر قصيدة النثر في بيروت : يبدو جليا من خلال التعريفات الكثيرة لقصيدة النثر أن هناك صعوبة بالغة أن لم تكن مستحيلة في الوصول إلى تعريف جامع مانع لقصيدة النثر .لكن رغم ذلك يبقى الابداع هو المهم بعدها للتنظير أن يفعل ما يشاء . الشاعر قاسم حداد رأى تسمية قصيدة النثر اصطلاحا مضطربا كما أن هناك كثيراً من الشعراء والنقاد رفض تسمية قصيدة النثر وقالوا بتسميتها شعراً منثوراً أو نثراً شعرياً أو القصيدة الخنثى وعندما ظهرت قصيدة التفعيلة في بداية الاربعينات اثارت الكثير من الجدل اليوم اصبح على قصيدة التفعيلة أن تثبت انها قصيدة جيدة اما قصيدة النثر عليها اليوم أن تثبت انها قصيدة اولا .. الشاعر احمد عبد المعطي حجازي يعتبرها قصيدة خرساء ووحيدة الخلية وناقصة ونقيصة .. وهناك من يقول أن ثمة تناقضاً في التسمية كيف هي قصيدة ونثر فالقصيدة لها سمات وخصائص متناقضة مع سمات وخصائص النثر ربما يوافقني البعض بأن الجواب فيما كتبه راسل اديسون : قصيدة النثر هي شعر متحرر من محددات الشعر ونثر متحرر من احتياجات القص . ولأكون منصفا سأورد بعض ايجابيات قصيدة النثر وبعض سلبياتها بقلم سيد جودة من مصر حيث يقول : من ايجابيات قصيدة النثر ايضا انها جاءت بشيء جديد فأحدثت حركة في الشعر العربي وهذه الحركة افضل بكثير من السكون والخمود الذي بدأ الشعر العربي يعانيه في السنوات الماضية فالحركة حتى لو في الاتجاه الخطأ افضل من السكون لانها دليل حياة لا موت . وان كانت الخطوات الاولى في الاتجاه الخطأ فالامل في تصحيح الخطأ وتسديد الخطى نحو الاتجاه الصواب . ومن سلبياتها الاهمال التام للوزن الشعري هذا الاهمال فتح الباب على مصراعيه لكل من لم تكتمل ادواته الفنية بالدخول واعلان نفسه شاعرا على الملأ .لهذا نجد في السنوات العشرة الماضية زيادة في عدد الشعراء وذلك لسهولة كتابة اي نص والادعاء انه شعر وقصيدة النثر بإلغائها للقواعد قد الغت بالتالي اية مرجعية نقدية بحيث لم يعد من حق اي ناقد أن يجزم بأن هذا النص شعر وان هذا ليس شعراً . قبل انتشار قصيدة النثر كان هناك شعر جيد وشعر رديء ولكن كانت هناك شروط يجب أن تتوافر في القصيدة أولاً لكي تدخل من عالم النثر الرحب إلى دائرة الشعر التي تقتصر فقط على النصوص التي استوفت شروط الشعر واولها وأهمها هو الوزن . وهذا الاهمال للوزن تبعه اهمال لقواعد النحو والصرف التي هي اساس اللغة العربية والتي بدونها تفقد اللغة العربية خاصيتها التي تجعل منها لغة متكاملة حية . بقي أن اقول لمن يريد البحث في هذا الموضوع فليبدأ اول بقراءة ديوان Œ لن ˜ لأُنسي الحاج والذي تعتبر مقدمته البيان الاول لقصيدة النثر .‏