من منا لم يقرأ لهذا الاديب الجميل المغترب ، والذي تلونت كتاباته ما بين القصة الاجتماعية و الخيال العلمي،وادب الاطفال، والرواية بمختلف تلاوينهان والنقد والخاطرة.. كما اهتم بالصحافة الإلكترونية حيت يشرف على إصدار مجلة( العربي الحر)من الولايات المتحدة الامريكية..
مبدع يكتب بالصورة والمشهد، يبحث عن اللقطة الإنسانية ليحولها إلى تنديد بالحال العربي..
كاتب تنوعت مواهبه، سوري المولد والنشأة، عمل في بعض الدول العربية، وبعد تقاعده هاجر إلى امريكا للعيش هناك وأسرته...
من هنا يسعد إنانا ان تقدم كاتبا واديبا كبيرا، اختارته ان يكون قاص الشهر، ومحاولة منها تجلية بعض الجواني من شخصية هذا المبدع من خلال حوار شيق أجرته معه، وقد كان فيه انيقا، كيسا، لبقا، شفافا، واضحا، ورائعا...
فإلى قراء إنانا الاعزاء المبدع السوري الجميل، والأديب الكبير: الأستاذ نزار بهاء الدين نزار... فمتعة طيبة.
1- الاديب نزار غني عن كل تعريف.. لم جاءت فكرة الاغتراب والاستقرار في الولايات المتحدة؟
– بدأت فكرة الإغتراب عندما اقتربتُ من سن التقاعد ، و كان ابني وسيم ، قد سافر هناك لإكمال تعليمه العالي ، و أثناء ذلك تزوج ثم حصل على الجنسية الأمريكية ، و تمكن من إقناعي و زوجتي بالإلتحاق به ، و بدون صعوبة تذكر ما أن حل سن التقاعد حتى حصلنا على البطاقة الخضراء فكان أن سافرنا إلى أمريكا ، ثم وجدنا أن بوسعنا الإستمرار في العيش في أمريكا ، إلا أننا لم ننقطع ، عن زيارة ابنتيًّ و الأخوات و الإخوة في دمشق بمعدل مرة كل سنتين .
2- - المتتبع لمساركم الإبداعي يقف مشدوها امام هذا الفيض من الإبداع والمتنوع. كيف جاءت الكتابة عند الاديب نزار؟
– بدأت في الكتابة مذ كنت في المدرسة الثانوية بتشجيع من أساتذتي الذين أعجبوا بأسلوبي الكتابي، و قد شاركت في الصفحات الطلابية في الصحف السورية في أربعينيات القرن الماضي ، كما شاركت في برنامج مع الطلبة في الإذاعة السورية في دمشق ، و أصدرت أول مطبوعة باسم ضحية المجتمع أثناء تلك المرحلة المبكرة .-
3- ما هو منظوركم للادب العربي عامة؟ و ما ما هو منظوركم للقصة ؟ والرواية؟
- الأدب العربي بشكل عام و الرواية و القصة بشكل خاص تتقدم بشكل ملحوظ و لا شك أن اختراع الحاسوب و الشبكة الدولية (الأنترنيت) قد أتاحا للكاتب العربي مجالا واسعا للتعرف على الأدب في الوطن العربي من محيطه إلى خليجه ، فبالنسبة لي – مثلا - كانت معرفتي تنحصر بالأدبين السوري و المصري ، أما معرفتي بالأدب الجزائري فكانت قليلة جدا و عن طريق الروائي الطاهر وتار، و لكن معرفتي بالأدباء المغاربيين الآخرين كانت معدومة ؛ و ها أنا أتعرف – بكل اعتزاز - عليهم على نطاق واسع بفضل الشبكة الدولية (الأنترنيت) ، فقرأت لعبد الله البقالي و مصطفى لغتيري و عبد الرزاق جبران و جبران الشداني و مالكة عسال و بديعة بنمراح و محمد فري و محمد اسليم و محمد داني من المغرب ؛ و قرأت لابراهيم درغوثي ، و سعيد الجندوبي و فيصل الزوايدي و محمد بو غابة من تونس ، و قرأت للحاج بونيف و ابنه شوقي و آسيا بوفنار من الجزائر ، و غيرهم كثيرون ، و كلهم قاصون أو روائيون مبدعون متمكنون .
هذا بخلاف الأدباء الفلسطينيين و الأردنيين و العراقيين و الخليجيين و اليمنيين .
و هكذا أزداد يقينا يوما بعد يوم أن الأدب يرتقي في كل بقعة من بقاع العالم العربي ، و أن عالم الشبكة الدولية (الأنترنيت) قد أفسح المجال أيضا للكتاب الناشئين الذين يتبين من قراءتهم أنهم واعدون . -
4- ما هو النص الجيد عند الاديب نزار؟
– في هذا أختلف مع كثير من النقاد ، فالأديب الجيد بنظري هو من يقدم الفكرة الهادفة الجيدة ، بأسلوب واضح خالٍ من التوريات و بلغة سهلة مكينة تسمح لأكبر عدد من القراء بمطالعتها بيسر ، و لا اؤمن بمقولة الفن للفن ، أو تقييد الأدب بقوانين و قواعد أو قوالب لا يجوز تجاوزها ، لأن الأدب جنس آخر يعتمد على العواطف البشرية ، فهو مختلف تمام الإختلاف عن الرياضيات أو الفيزياء .
5- المتصفح لإنتاجكم الادبي يجده متنوعا.. لم هذا التنوع استاذي نزار؟
– أعتقد أن ذلك يعود إلى مطالعتي المتنوعة ، فأنا منذ المراحل الدراسية الثانوية الأولى ، كان جل اهتمامي المطالعة ، فكنت أقضي عطلتي الصيفية في المكتبة الظاهيرية ( و هي المكتبة الوحيدة العامة في ذلك الوقت ) ألتهم كل ما يقع بين يدي من الكتب فيها ، في جميع أجناسها الأدبية ، فأحببتها جميعا ، ثم كتبت فيها جميعا .-
6- نجد الاهتمام عندكم بالكتابة للطفل. ما منظوركم لكتابة الطفل؟ كيف يمكن ان نجعل كتابة ادب الطفل راقية ومتطورة؟
- نشأ لدي الإهتمام بأدب الطفل بفضل عمتي ، التي كانت تحكي لي و لإخوتي و أقاربي الحكايا الشيِّقة ، و التي رسخت مع الأيام في عقلي الباطن ، ثم سألتني ذات مرة إحدى شقيقاتي : " لماذا لا تبدأ بكتابة حكايات عمتك أم أنور ؟ " فكان ؛ و ابتدأت منذئذ بنبش ذاكرتي ، ثم بتحويل حكاياتها التي كانت بالعامية إلى الفصحى ، فالفضل أولا و آخرا لتلك العمة الحنونة رحمها الله . -
7- أزمة القراءة في العالم العربي ألا تحصر أدب الطفل في زاوية محدودة، وتحد من خفقانه؟
و ماذا ينقص ادب الطفل العربي؟
- بلادنا العربية ليس فيها للأسف قراء ، و بالتالي ليس فيها من يشجع الأطفال على المطالعة ، إلا في حدود الواجبات المدرسية المقلة ؛ أنظر – مثلا – إلى أرقام القراء في كل نص يكتب في المواقع الأدبية ، فالقلة من النصوص ما يتجاوز قراؤها المائة قارئ ، في عالم عربي يتجاوز عدد سكانه إحصائيا المائة مليون عربي ...
هنا في أمريكا ، تذهب إلى عيادة طبيب ، فتجد المنتظرين و في يد كل منهم كتابا يطالعه ، تذهب إلى الحديقة العامة ، فتجد الجالسين فيها و في يد كل منهم كتابا يقرؤه .. و هكذا ..فعادة المطالعة هذه تنشأ عندهم منذ الطفولة ، الأهل يشجعون عليها بداية ، فكثيرا ما يصحبون أولادهم إلى المكتبات ، لانتقاء ما يحلو لهم من كتب مقروءة و مصورة و مسموعة أحيانا ، ثم يأتي دور المدارس ، التي تعتبر المطالعة جزءا أساسيا من مناهجها منذ المرحلة الإبتدائية.
و هكذا ترى أن من يشجع كُتاب أدب الأطفال وجود أطفال قراء ، فعدد القراء – برأيي - هو الحافز الأساسي لكتاب أدب الأطفال .10- - من اهتمامات الاديب نزار الإشراف على ( مجلة العربي الحر) لم هذه المجلة؟
8 - ماذا قدمت هذه المجلة المتنوعة للأستاذ نزار؟
- منذ بداية حياتي الأدبية كتبت في الصفحات الأدبية للصحف و المجلات سواء في سورية أو في الكويت و حتى الصحف العربية في أمريكا ، فتولد عندي عشق لمثل هذا النوع من الصحافة ، أي الصحافة الثقافية بشكل عام و الأدبية بشكل خاص ، و كنت دوما أتمنى أن تكون لي صحيفتي أو مجلتي الخاصة ، و هدفي أن أنشر من خلالها تجاربي الحياتية ليستفيد منها من يرغب ،، و لكي أساهم في الحركة الثقافية العربية بقدر ما أستطيع ؛ و قد حققت لي الشبكة الدولية ( الأنترنيت ) هذا الأمل و أكثر ما شجعني وقوف ابني وسيم و هو مبرج حاسوب إلى جانبي في هذا المشروع .
و قد أفردت فيها بابا لضيوف المجلة من الأدباء المعروفين أو الناشئين ، و بابا آخر لإنتاجي الأدبي ، و أبوابا أخرى لمختلف النواحي الثقافية الأخرى ، و نأيت بها متعمدا عن السياسة و متاهاتها . -
9- ما أثر الغربة على أدب المبدع نزار؟
– الغربة مزمنة لدي ، فقد قضيت ثلاثا و ثلاثين سنة في الكويت ، و ها أنا أبدأ سنتي السابعة عشر في أمريكا .
من سلبيات الغربة الإبتعاد عن الأهل و الأصدقاء و الشوق الدائم إليهم ، و لكن من إيجابياتها التعرف على ثقافات جديدة و مجتمعات جديدة من شأنها تجديد التجارب الحياتية و إثرائها ، و هي أهم رافد للكاتب ؛ فقد كتبت مثلا عن الأمريكيين أو العرب الأمريكيين عشرون قصة و أقصوصة حتى الآن .
10 - كيف توفقون بين الإشراف على المجلة ، والحياة اليومية، ومشاكلها والكتابة الإبداعية؟
– لا تنسَ يا أخي أنني متقاعد ، أي أنني متفرغ لعمل طالما عشقته ، ففي الأيام العشرين الأولى من الشهر أتفرغ للكتابة و مطالعة أعمال الزملاء و التعقيب عليها ، و الإنتقاء منها للمجلة ، و في العشر الأخير من الشهر أتفرغ كلية لترتيب و تنسيق مواد المجلة ، و في مطلع الشهر اصدرها ثم أعلم أصحاب المواضيع المختارة بما أدرجته لهم ؛ و قد أقضي وراء شاشة الحاسوب بين ست إلى عشر ساعات يوميا .
11- - نجد اهتماما لدى المبدع نزار بقرية الغدير. لم هذا التميز؟ ام ان الغدير هي كل الوطن العربي؟
– قرية الغدير اسم رمزي لقرى الريف السوري ، التي عملت في إحداها في مطلع حياتي العملية كمعلم ، و ربما تكون رمزا لأرياف العالم العربي ، و بعض أحداثها شهدته بنفسي و بعضها سمعته من زملاء آخرين ؛ و لكن معظمها من صميم الواقع القروي .-
12-- في كتاباتك نجد غلبة الواقعي والاجتماعي ، لم هذا التميز سي نزار؟
– لا تنسً أخي الكريم أن دراستي الجامعية هي علم الإجتماع و علم النفس ، و أن مهنتي طيلة السنوات الثلاثين الأخيرة من حياتي العملية هي مهنة " أخصائي اجتماعي " ، فاختصاصي من جهة و الوقائع التي خزنتها في دماغي من جهة أخرى ، شكلت لديَّ هذا الإتجاه . -
13- التصدع العربي نتج عنه فقدان للهوية العربية. وبالتالي خيم عليه بنوع من التفسخ ، والإذلال، والصمت، والخنوع. أين هو المثقف في هذا الوضع؟ ولم اختار الصمت؟ و ما تعليقك على ما يعرفه العالم العربي من بؤر ساخنة؟ ألا تؤثر على وجوده العام؟
- التصدع العربي ظل دائما تصدعا على مستوى الحكومات و الدكتتوريات العربية ، التي خلقت نوعا من البلبلة السياسية ، و الخوف العام من التعبير الصريح لدى المثقفين ، خشية تعرضهم للإضطهاد ، كما حدث و يحدث في عدة بلدان عربية ، مما ألجأ الكثيرين من المثقفين إلى الصمت ، أو إلى استخدام الرمز و التورية في كتاباتهم .
و لكن على المستوى الأدبي لم ألحظ أي تصدع ، فانظر مثلا إلى كتابات الأدباء المغاربة و تعاطفها مع القضية الفلسطسنية أو المسألة العراقية ، و قس على ذلك بقية الأدباء العرب .
أما البؤر الساخنة في العالم العربي فهي موجودة باستمرار منذ أن مضى العثمانيون إلى غير رجعة و بعدهم الإفرنسيون و البريطانيون ، و مع ذلك لم تؤثر على وجوده .-
14- ما جديد سي نزار؟
– حكايتان للأطفال ستظهران قريبا
15-- لمن يقرأ باستمرار سي نزار؟
– عشق القراءة يسري في دمي منذ مرحلة مبكرة من عمري ، و هي بالنسبة لي كالطعام و الشراب ، فالقراءة تطلعني على تجارب الآخرين الإنسانية و تدفعني لأتفاعل مع أفراحهم و معاناتهم و الإسهام معهم في محاولة تضميد الجراح و السعي إلى جانبهم إلى التغيير .
16 - صورة المراة في كتابات الاديب نزار تبين هامشية المراة، ومكانتها الوضيعة في المجتمع. كيف يمكن للأدب ان يرقى بالمراة وصورتها؟
- المرأة في بلادنا – غالبا - مظلومة و مضطهدة و النظرة إليها نظرة دونية بمعنى تعالي الذكورة على الأنوثة ، و يشارك في ظلمها الآباء و الأشقاء و الأزواج و أحيانا الأبناء و كذلك القوانين المجحفة بحقها ، و هذه السلوكيات البدائية تلعب دورها السلبي في شد المجتمع إلى الخلف ، فهي نصف المجتمع ، فإذا تعطلت إرادتها تعطلت إرادة نصف المجتمع ، و قد شهدت في حياتي الشخصية و العملية أمثلة كثيرة و مؤلمة لهذا الظلم و التعسف ، فشرعت قلمي لكشف هذه الممارسات و فضحها ، مؤملا بإحداث بعض التغيير لصالحها .
17- ما تعليقكم سي نزار على ما ينشر بإنانا من قصص؟
- إنانا موقع رصين و معظم ما يكتب فيه لكتاب حرصوا على أن يقدموا الأفضل
18- ما شعوركم لدى الإعلان عن اسمكم كقاص الشهر بإنانا؟
– هذا تكريم و تشريف يطوق عنقي و بقدر ما أبهجني فقد حمّلني مسؤولية الاستمرار و حفزني إلى تقديم الأفضل لأمتي العربية التي أعتز بالإنتماء إليها , -
19-كلمة اخيرة سي نزار
– إلى الإخوة في إنانا إدراة و إشرافا ، أقدم شكري الجزيل لثقتهم بي و اختياري قاص الشهر ، و إلى إخواني الأدباء أقول :" دعونا نبني معا وحدة عربية عجز عنها حكامنا ".
أشكر سي نزار على سعة صدرهنوعلى روحه السمحة، وفسحه المجال لنا لمحاورته رغم مشاغله الكثيرة، فمحبتي وتقديري للأستاذ نزار.
محمد داني