الموت هذا الكابوس المرعب هو في نظر المؤمنين من أصحاب الأرواح الكبيرة لذة ضياء وفرح انتقال من عالم زائل إلى مصافحة الكائنات النورانية في عالم أبدي. من هذه الجهة تبدو القصة تبشيرية بحقيقة من حقائق الضمير المتعارف عليها وهو ما أنعكس على تكنيك السرد الذي بدا كثلاثة "استشهادات" أو تنويعات على هذه الحقيقة بأكثر منه ثلاثة مشاهد. في المقطع الأول يبدو الموت انتقالا هينا وواعيا له علاماته واستباقاته، وفي الثانية يصبح الموت "فعلا" لا كما هو "قدرا" في همس الأخت "فعلتها يا عبدالحميد"، إنه فعل لأنه يؤدي إلى خواء عالم الأخت الذي يصبح الصراخ معه فعلا غير مجدي، ويغيب "عالم الضياء" في مونولوج الأخت أو في وعيها بمبرر من حزنها لكنه يظل حاضرا كأفق مضمر سريعا ما يعاود الكرة في المقطع الثالث حاملا بشارة الخروج. ويظل صوت الأخت حاضرا في المقطع الثالث كنغمة حزن واقعية تشوب فرحة الاحتفال بالانتقال إلى العالم الآخر.
في الواقع ليست هذه الروح الاحتفائية بالموت غريبة على الوجدان المصري وإن كانت لا تؤثر كثيرا في طقوس الموت الشائعة والتي تصنعها مشاعر الصدمة والحزن والفقد الأليم، فكتاب الموتى الفرعوني يسمي الموت "الخروج إلى النهار"، ويبدو لي عنوان "ضياء اللذة" تنويعا آخر على هذا اللحن المنتشي بوعد الخلود بعد الموت.
القاص مصطفى عطية جمعة
عودة إلى التواصل من جديد مع إبداعك تواصلا طالما افتقدناه.