قصيدة كتبها وغناها بوب ديلان عام 1963 ( بمناسبة أزمة الصواريخ الكوبية )
ترجمة: د. بهجت عباس)
أه ، أينَ كنتَ ، يا ولدي ذا العينين الزرقاوين ؟
آه ، أين كنتَ ، يا فتـايَ العـزيز ؟
كنتُ أتعثـَّر ُ جنبَ الجبال الإثنيْ عشـرَ التي يكسوها السَّديم ،
مشَـيْـتُ ، زحفـتُ في ستِّ طـُرق ٍ ملتـوية ،
وضعتُ قدمي في وسـط سبـعِ غاباتٍ حَـزانى ،
كنتُ أمامَ اثـنيْ عشرَ محيطاً مَـيِّـتاً ،
كنتُ عشرةَ آلاف ِمـيل ٍ في فـم مقـبرة ،
وإنَّه لَشديد ، وإنَّه لشديد ، إنَّه شديد ، إنَّه شديد ،
وإنَّ مطراً شديداً سيأخذ في السّـُقوط .
آه ، ما الذي رأيتَ ، يا ولدي ذا العينين الزرقاوين ؟
آه ، ما الذي رأيتَ ، يا فتـايَ العـزيز ؟
رأيتُ طفلاً وُلـِدَ حديثـاً يحيط به إثـنـا عشرَ ذئباً وحشياً ،
رأيتُ طـريقاً من المـاس خاليـةً من النـاس ،
رأيتُ غصـناً أسـودَ بدم تُـرِكَ يقطر منه ،
رأيتُ غرفةً ملأى برجال مع مطارقَ يسيل منها الدّم ،
رأيتُ سلَّـماً أبيضَ يغطيّـه الماء ،
رأيتُ عشـرةَ آلافِ متكـلِّـم ٍوألسـُنـُهم كـلّـُها مقطوعة ،
رأيتُ بنـادقَ وسيـوفاً حـادة في أيدي صِـبْـيَة صغار،
وإنَّه لَشديدٌ ، وإنه لشديد ، إنه شديد ، إنه شديد ،
وإنَّ مطـراً شديداً سيـأخذ في السّـُقوط .
آه ، ما الذي سمعتَ ، يا ولدي ذا العينين الزرقاوين ؟
آه ، ما الذي سمعتَ ، يا فتـايَ العـزيز ؟
سمعتُ صوتاً لـرعدٍ يهـدر إنـذاراً ،
سمعت هـديرَ موجـةٍ يمكن أن تـُغرِقَ الدّنيـا كلّـَها ،
سمعتُ مئـةَ طبّـالٍ وأيديهم تتـوهّـج لـهـباً ،
سمعتُ عشرةَ ألافِ همسـةٍ ولا أحـدَ يُـصغي ،
سمعتُ شخصاً جـائعـاً وأناساً كـُثراً يضحكون ،
سمعتُ أغنـيةً لشاعـر مات في المجرى ،
سمعتُ صوتاً لمهـرِّج هو مَـن صرخ في زقاق طويل ،
وإنَّه لشديد ، وإنَّه لَشديد ، إنه شديد ، إنه شديد ،
وإنَّ مطراً شديداً سيـأخذ في السّـُقوط .
آه ، ومن لقيتَ ، يا ولدي ذا العينين الزرقاوين ؟
آه ، ومن لقيتَ ، يا فتـايَ العـزيز ؟
لقيتُ صبيّـاً يافـعاً بجـنب فِـلـْو ٍ ميِّـت ،
لقيتُ رجلاً أبيضَ كان يُسـيِّـرُ كـلباً أسودَ ،
لقيتُ امرأةً شابـةً بجسـد يحـترق ،
لقيتُ فتـاةً صغيرةً أعطـتـني قوسَ قـزح ،
لقيتُ رجلاً هو مَـن جُـرح بحُـبّ ،
لقيت رجلاً آخـرَ هو مَـن جُـرح بكـراهـية ،
وإنَّه لَشديد ، وإنَّه لشديد ، إنه شديد ، إنه شديد ،
وإنَّ مطراً شديداً سيــأخذ في السّـُقوط .
آه ، ما الذي ستفـعل ، يا ولدي ذا العينين الزرقاوين ؟
آه ، ما الذي ستفـعل ، يا فتـايَ العـزيز ؟
أنا عائد قبل أن أن يبدأ المطـر بالسّـُقـوط ،
سأمشي إلى أغوار الغابة السَّـوداء الأشـدِّ عمـقاً ،
حيث الناسُ كـُثـرٌ وأيديهم خـالـيـة ،
حيث حبـوبُ السّـُـمِّ تغـمُـرُ مياهَـهم ،
حيث البيتُ في الوادي يلتـقي السّـجنَ الرطبَ القـذر ،
حيث وجـه ُ الجـلاّد مـخفـيّ ٌ ببـراعـة دومـاً ،
حيث الجـوعُ بشـْع ٌ، حيث الأرواح ُ منسـيَّـة ،
حيث الأسـودُ هـو اللون ، حيث اللاشيء هو العدد ،
ولسوف أقوله ، وأفكـِّر فيه ، وأتكلَّـم عنه ، وأتنـفسّـُه ،
وأعكسـُه من الجبل حتى تستطيعَ كلّ ُ الأرواح رؤيـتَـه ،
ثم أقف على المحيـط حتّـى آخـُـذَ في الغـرق ،
ولكـنْ سوف أعرف أ ُغنـيـتي جيـداً قبل أن أبدأَ الغنـاءَ ،
وإنَّه لَشديد ، وإنَّه لَشديد ، إنه شديد ، إنه شديد ،
إنَّ مطـراً شديداً سيـأخـذ في السّـُقـوط .
* * * * *