باب بيتنا وشارعنا وأشياء أخرى كثيرة

باب بيتنا و شارعنا وأشياء أخرى كثيرة
_ 1 _
أشياء صغيرة:
باب بيتنا مفتوح دائما..فنسينا أن للبيت باب
باب بيتنا المفتوح دائما يترك بينه و بين الحائط فراغا مثاليا لإخفاء أشيائنا الصغيرة ,تلك التي كان بإمكانها أيضا الاختفاء أسفل الدرج "خلف دراجة بائع الأنابيب القاطن بالدور الأسفل أو دراجة بائع السمك القاطن بالدور العلوي".
"خلف الباب المفتوح و أسفل الدرج المظلم" كانا من الممكن أن يظلا دائما أفضل مخبأ لأشيائنا الصغيرة…لكن اختفاء شيء واحد كان كافيا لكي تتلاقى عيوننا بحثا عن مخبأ جديد… فتصدم بذلك الفراغ الصغير في الحائط .
فراغ صغير مظلم تخلف عن حجر انتزع من مكانه ,ولم يعد له أبدا .
فراغ كان موجودا دائما ,دون أن نلتفت إليه.
ليس له باب مغلق لكنه كان كافيا جدا لتستقر به "البلي, أغطية الزجاجات الفارغة , وأحجار خمسة نلعب بها لعبة" المال" _ "تلك اللعبة تجلب الفقر" هكذا قال آباؤنا؛ فأخفينا عنهم أحجارنا الصغيرة في مخبأنا الصغير.
كانت هناك تلك المرة الأخيرة التي أخفينا فيها أشياءنا الصغيرة في فراغنا الصغير المظلم لننساهما معا……….." الأشياء " و" الفراغ".
في مرة أخرى أدركنا أن الفراغات الصغيرة المظلمة تصلح لإخفاء علب التبغ و أعواد الثقاب ,يخفيها أخي الأصغر عن عيني والديّ
والدي يمنحه الآن علب التبغ الأجنبية,التي يجدها على المراكب الآتية من الجانب الآخر للبحر {ليس لأن أبي لا يدخن }
و لكن لأن أبي لا يدخن سوى التبغ المحلي.
والفراغ الصغير المظلم أفسح مكانا جديدا لأصابع تلوين الشفاه أخفيها عن عيون أخي الأكبر .
أخي الأكبر منع أصحابه من الحضور لاصطحابه من أمام باب البيت المفتوح ,كان ذلك حين التقط له أحدهم صورة وهو واقف أمام البيت فبدا كمن يقف أمام باب مغارة .الصورة أظهرت تلك الشقوق والفتحات والطلاء البالي للجدران ,أظهرت تلك التفاصيل التي لم ننتبه لها من قبل.
ربما لأننا لم نحاول ولو لمرة إلقاء نظرة على البيت من الخارج.
2) 24شارع البقلي:
24) هو الرقم المكتوب على باب بيتنا و على صندوق المهملات الجديد القائم أمامه. صندوق المهملات الجديد قائم أمام باب بيتنا بلونه الرمادي وغطائه الأزرق ,منتصبا كعساكر الأمن المركزي أو البواب الذي لم يكن لدينا أبدا. أسرعت أمي فجمعت بعض فضلات الطعام,وضعتها في كيس محكم الغلق "عمّرت" به الصندوق الجديد .الصناديق الجديدة أظهرت مدى ضيق شارعنا واقتراب أبواب بيوته من بعضها البعض ,أضفت أيضا جوا غريبا على الشارع و الناس.الشارع أزال عنه الكنس المستمر ترابه القديم ,فأظهر الحفر و الشقوق و الأرض المتعرجة ,أما الناس ….قام كل منهم بوضع رقم بيته على الصندوق الذي أمام الباب تأكيدا للملكية ؛وتأكيدا لتلك الملكية أخذوا يتفننون في إضافة الكلمات والرسوم والألقاب الغريبة على الصناديق,كان كل رسم جديد صكا من صكوك الملكية ,وإعلانا بالحرب على كل من يتعدى عليها . الجزار القاطن بآخر الشارع طبع كف الدم الشهير على صندوقه ,أما بائع الدراجات ,ربط الصندوق بجنزير حديدي في باب بيته . في الأيام التالية ,تغير شكل الصناديق تماما ,لم عد ترتدي الزي الرمادي…أصبح هناك مهرجان حقيقي للرسوم والألوان.
في أحد الصباحات استيقظ أهل الشارع على أصوات عالية بدأت بصراخ امرأة وجدت متسولا نائما في الصندوق حين فتحته في الصباح .
ربما يعني هذا أن الصناديق المصفوفة أمام أبواب البيوت,من الممكن أن تسكن في المساء…………. بأشخاص حقيقية .
3) شارع "البقلي":
ذلك هو اسم شارعنا,تراه مكتوبا على لافتة خضراء مصلوبة في أوله أو آخره ,يتوقف ذلك على الجهة التي تختارها للولوج إليه أو الخروج منه ,مكتوب أيضا في البطاقة الشخصية ,في الاستمارات التي نملأها ,والفواتير التي ندفعها,على مظاريف الخطابات التي نرسلها أو نستقبلها …يخطئ في كتابته من يجهلونه أما نحن من نعرفه جيدا فلن نستطيع إخبارك عن معناه ؛لأننا نجهله.
4)………
..الأبواب المغلقة ,..والخزائن ذات الأقفال …..أماكن تصلح لإخفاء الأشياء الكبيرة ,تصلح أكثر للإغواء بفتحها,وكشف كل ما فيها…
هكذا خطر ببالنا.
لذا……حين كبرت أشياؤنا,قررنا أن نظل صغارا؛ربما لأن الكبار وحدهم يجرءون على كسر جميع الأقفال,وفتح كل الأبواب المغلقة,لكنهم لا يجرءون أبدا على مد أيديهم داخل فراغ صغير مظلم…
مفتوح دائما.

جيهان عبد العزيز الإسكندرية, 2 يونيو

جميل الحكى التلقائى والسرد وانتقاله من الخارج الى الداخل
اول مره اقرأ لك اختى العزيزه
اوعدك باستمرار المتابعه
تحياتى وتقديرى

باب بيتنا وشارعنا وأشياء أخرى كثيرة
باب بيتنا وشارعنا وأشياء أخرى
باب بيتنا وشارعنا
باب بيتنا
باب
ربما من الممكن اختصار عنوان المتوالية القصيرة لكن ليس من الممكن اختصار كلمة واحدة منها. كما تتوالى أجزاء السرد الرئيسية أو القطع الأربعة المكونة لجسم النص تتوالى الجمل والعبارات سريعة الإيقاع اعتمادا على أسلوب يشبه الدخول والخروج من الأبواب المشرعة، كل عبارة تحتوي بابا مشرعا أو مفتاحا يمكن الولوج به إلى باب العبارة التالية، باب البيت المفتوح/خلف الباب المفتوح فراغ صغير مظلم/فراغ يخفي أشياء مخفاة عن الأخ الكبير/الأخ الكبير..علب التبغ المخفاة عن عيني الوالد/الوالد الذي يمنح علب التبغ/التبغ لأنه لا يشربه/يشربه ولكن..
النص كله تحول إلى أبواب مشرعة تفتح وتغلق على مفاصل الذاكرة أو داخل متاهتها الحميمة لينتهي حيث بدأ عند باب الطفولة المفتوح على الحرية هذا الفراغ الصغير المظلم الذي لا يجرؤ الكبار على دس أيديهم فيه.
.
.
المبدعة الإسكندرانية جيهان عبدالعزيز
مرحبا بسردك الدافيء كأنفاس البحر..في تطلع لقراءة المزيد من إبداعاتك

الكاتبة جيهان عبد العزيز

سرد محكم وإيقاع متتابع يشي بمقدرة الكاتبة على الاسترسال المتناغم
حتى نهاية النص
سررت كثيراً بما قرأته لك اليوم
تمنياتي بمزيد من الابداع
تحياتي العميقة

اقتباس :: لذا……حين كبرت أشياؤنا,قررنا أن نظل صغارا؛ربما لأن الكبار وحدهم يجرءون على كسر جميع الأقفال,وفتح كل الأبواب المغلقة,لكنهم لا يجرءون أبدا على مد أيديهم داخل فراغ صغير مظلم…
مفتوح دائما.

المبدعة جيهان عبد العزيز
جميل أن أجدك هنا
ماأجمل التواصل مع حرفك
وماأجمل العودة الى الطفولة
ذلك الزخم الذى لا ينضب
لك مودتى
محمود مغربى

المبدعة القاصة / جيهان
تحياتي وتقديري
هنا نجد كتابة بمستويين من الوعي :
الأول : عين الطفلة الصغيرة التي ترصد ما حولها في المنزل والشارع ,
والثاني : عين السارد الكبير الذي يتأمل ويقيم مرحلة الطفولة ، وظهرت هنا في نهاية القصة حين تقولين : ( لذا……حين كبرت أشياؤنا,قررنا أن نظل صغارا؛ربما لأن الكبار وحدهم يجرءون على كسر جميع الأقفال,وفتح كل الأبواب المغلقة,لكنهم لا يجرءون أبدا على مد أيديهم داخل فراغ صغير مظلم…
مفتوح دائما. ) ، فالسارد يتماهى مع نفسه ويعيد قراءة ذاته الطفولية .
كما نلاحظ كتابة الكاميرا التي تتقدم وتتأخر في السرد لتركز على البيت وبابه والشارع والأشياء ، وتارة أخرى تبتعد لنرى الصورة أكبر .
جميلة القصة ، والأجمل منها بناء الكاميرا .

موضوع: سلامات الجمعة 20 يونيو 2008, 12:41 am

أدهشني ماقرأت
تماما كانت كلماتك كفصل جميل جاء قبل موعده
مودتي

كلام جميل اختى الكريمة
وافر التقدير والاحترام
---------------------------- flower

اختي جيهان
القصة حلوة اوي عجبتني جدا

[b]الرقيقه جيهان
قصتك اسعدتنى كثيرا
سعيده بوجودك معنا فى افاق الابداع
وفى انتظار المزيد
لكى كل الود[/b] I love you

محمد حسني إبراهيم كتب:: جميل الحكى التلقائى والسرد وانتقاله من الخارج الى الداخل
اول مره اقرأ لك اختى العزيزه
اوعدك باستمرار المتابعه
تحياتى وتقديرى

بل التحية والتقدير مني إليك أ. محمد
وسعادتي بنفاذ نصي إليك
بانتظار مزيد من التواصل
تحياتي
جيهان

ما أجمل كرهك
ظلك على باب البيت .. على شارع البقلى .. أثارك ، رائحتك .. بغضك للقبح المكتشف فى كل التفاصيل التى كنا نراها مدهشة بصعرنا ولما كبرنا إكتشفنا كم هى قبيحة .كم نحن غارقون و تعساء . ولعل أكثر ما أوقفنى بجلال أمامه هو هذا البغض العميق القوى للماض .هذا الكشف الذى يسير بطئ كعبور العمر فوق أجسادنا . ليس من طبيعتى الدهشة فقد فقدتها قطعة قطعة مع مرور الوقت وها أنت تضعيننى أمام دهشة الاكتشاف بقسوة هادئة كقاتل متسلسل يعرف ماذا يفعل.
عميق المودة
سان

أستاذ عصام
حين يتورط مثلك في الدخول إلى أبواب القص المشرعة بابا وراء الآخر
يختلج قلب الطفلة بداخلي
وترتسم على الشفاه ابتسام امتنان وود
تحياتي
جيهان عبد العزيز

سرورك منحني السعادة
وحملني مسؤولية كبيرة
للكتابة الجادة
والحفاظ على مستو يلقى الإعجاب
تحياتي أ. آسيا
ومودتي وامتناني
جيهان عبد العزيز

أستاذ "محمود مغربي " والقدير د" مصطفى جمعة " " أ . رامي ، وجيهان وشريف وحنين و المبدع حسان "
تحيتي لكم جميعا وامتناني بتجولكم معي في دروب القص و غياهب الحكي والذكريات
واعتذاري عن التأخر في الرد اعتذار واجب وسعادة حقيقية بذلك التواصل الرائع
مودتي
جيهان عبد العزيز Very Happy