عصام الزهيري مشرف قسم القصص والروايات
عدد الرسائل : 460 العمر : 51 الجنسية : مصر تاريخ التسجيل : 12/05/2008
| موضوع: أسامة أنور عكاشة: موجة تسونامي المتشددة وتفكيك مكونات الشخصية المصرية السبت 21 يونيو 2008, 3:41 am | |
| الكارثة تزحف للكتاب بقلم: أسامة أنور عكاشة الكارثة هي موجة تسونامي عاتية ضربت كل مكان في الكيان الاجتماعي المصري, وتتمثل في محاولة تآمرية دائبة لمسخ مقومات الخصوصية المصرية.. ببساطة أكثر تفكيك مكونات الشخصية وخلخلة الأسس التي بنيت عليها ريادة مصر في الفن والثقافة ورعاية التراث الحضاري, وبدأ المتآمرون متسترين خلف دعاواهم الدينية المغلوطة, وهم يعلمون تعلق المصريين بالدين ـ في صورته السمحة المستنيرة ـ بدأوا هجومهم المكثف علي وسطية العقيدة وبذروا بذور التشدد التي نمت سريعا لتنتج مواطنا من نوعيتهم عاقد الحاجبين
جهم السحنة, يتخلل أنسجة دماغه التنطع والترويع.. بينه وبين عالم القرن الجديد في مطالع الألفية الثالثة وديان وصحاري وبحار لا تسمح له بخطوة للأمام تقربه من العصر.. بل تدفعه خطوات إلي الخلف ترجعه إلي أزمان خلت.. ونجحت محاولتهم مع المواطن البسيط فاختفت بناته ونساء بيته خلف الحجاب فالخمار فالقناع.. وارتمي أبناؤه في أحضان الجماعات السلفية والأصولية, ثم نجحوا بعدها في تلقين البسطاء والشباب الذين تم إعدادهم في حضانات ومفارخ الفكر الصحراوي المتحجر ـ مقولة الفن حرام بمختلف فنونه.. والغناء حرام والسينما رجس من عمل الشيطان.. والتليفزيون عباءة المساخر..
بعدها جاء دور الكتاب.. وكان لابد أن يجيء.. فالكتاب في مصر معفي من الخضوع لقوانين الرقابة, وبالتالي يتمتع بمساحة عريضة من الحرية تتيح للكاتب: شاعرا كان أو باحثا سياسيا أو روائيا أو قصاصا.. أن يعبر عن أفكاره ومعتقداته بجرأة كثيرا ما تعطي لكتاباته الفرصة في التماس والاحتكاك مع التابوهات الثلاثة المشهورة: الدين والسياسة والجنس!.. الأمر الذي يشكل من وجهة النظر المتطرفة خطرا داهما لابد أن يعيق كل المخططات الرامية إلي السيطرة علي عقول المصريين..
وبالتالي كان لابد من القيام بحملة تتصدي لحرية الكتاب وتحولها إلي نقيصة مثيرة للفوضي ونشر التمرد والانفتاح علي الفكر الحر الذي غالبا ما يتخذ ستارا يخفي الإلحاد والزندقة.. وقد حاولت تلك الجماعات أن تبدأ بإغراق الأسواق بنوعية من كتب الخرافة لتكون بديلا للكتب المغضوب عليها وملأت الأرصفة والمكتبات الصغيرة بالكتب من نوعية الثعبان الأقرع وعذاب القبر وغيرها إلي جوار كتب مشاهير الدعاة ومحترفي الفتوي من الأسماء التي تقود حركة التعصب الديني وكان الظن أن تكتسح تلك الكتب جمهور القراء فينصرفوا عن كتب الأدب والروايات ودواوين الشعر..لولا أن المحاولة فشلت وبقيت الكتب الحقيقية تغزو كل يوم بيتا جديدا من بيوت المصريين حاملة مشاعل الاستنارة ورسالة العقل!
لكنهم لم ييأسوا بل وجهوا حملتهم وجهة أخري أكثر ضمانا وأقوي تأثيرا.. ووجدوا ضالتهم في مؤسسة دينية رسمية تتمتع بسلطة التحريم والتجريم والمنع تحت لافتة حق الوصاية الدينية وهو حق تركته لهم الدولة لتثبت احترامها للدين وتقديرها لرجاله.. وكان قانون مجمع البحوث الإسلامية الأساسي ينص علي أن مهمته الوحيدة هي مراجعة ما يجد من إصدارات المصحف الشريف, والتأكد من سلامته والتزامه بحرفية النص وعدم تسرب أي حرف أو معني مخالف لنص كتاب الله المنزل.. أي أن المجمع تجاوز صلاحياته وقفز فوق قوانينه, وبدأ يمارس مهمة التفتيش والمصادرة( ولكنه للحق لم يحرق ولم يوص بحرق الكتب).
وبدأنا نسمع كل يوم عن كتاب ـ أو مجموعة كتب ـ تمت مصادرتها وتجد شرطة المرافق في تتبع أماكن عرضها وبيعها لتصادرها!.. ولقد فوجئنا خلال شهر واحد بتصريحين يثيران الرعب والغضب معا: كان التصريح الأول لوزير الثقافة الفنان فاروق حسني, وقال فيه ردا علي صحفي نقل إليه اتهاما بأنه سمح بطباعة وإصدار كتب ألفها إسرائيليون فاندفع الوزير ـ والأصح أن لسانه خانه ـ ينفي المنسوب إليه ويعلن أنه سيحرق أي كتاب إسرائيلي تسرب إلي مطبوعات الوزارة.
ولا داعي للاستطراد خلف ردود الأفعال الخارجية التي شنت عليه حملة شعواء قد تؤثر علي فرص نجاحه في الترشح لمنصب مدير اليونسكو.. وسننتقل إلي التصريح الثاني الذي ورد هذه المرة علي لسان أحد كبار الناشرين الذي صرح بأنه جمع كل نسخ كتب إحدي الكاتبات الشهيرات الباقية في مخازنه تمهيدا لحرقها!! وإذ تملكتنا الدهشة ـ بل قل الذعر ـ لا نملك إلا أن نتساءل: إيه حكاية حرق الكتب دي؟. ولا نملك أيضا إلا أن نستحضر ذكريات عصر الإرهاب في أوروبا.. ومحاكم التفتيش.. وجمع الكتب لحرقها في الميادين العامة( هل نتذكر فيلم45 فهرنهيت؟).. ما هي هذه اللهجة التي تنذرنا بحلول عهد ظلامي ممعن في قتامته؟
الوزير..والناشر الوزير برغم ثقافته الرفيعة وأفقه الرحب وسابق انجازاته المناصرة للتحرر العقلي والثقافي.. سبقه لسانه وانفعاله في الرد علي التهمة فورطه في كلام بدا وكأنه معاد للسامية.. فبدأ يدخل في سلسلة من الاعتذارات والتفسيرات التي لم يكن لها ضرورة علي الإطلاق.. ونأمل أن تخفت الضجة حتي تتلاشي.. وأن تبادر الحكومة المصرية والرئيس شخصيا إلي دعمه بقوة.. ليس لأنه واجهة مصرية مشرفة فقط, بل لأنه مكسب حقيقي للمؤسسة الدولية التي ترشح لها! أما الناشر, فقد انتظر حتي انتهي من بيع كل ما يمكن بيعه علنا وسرا من بيع الكتب وربح ما ربحه ـ بارك الله له فيما ارتزق ـ بعدها فقط تذكر أن عليه أن يتقرب من معشر المتأسلمين فأعلن قراره الرهيب بحرق الكتاب!.
وأتذكر بمرارة الكتب الرائعة والمتميزة من عيون الأدب المصري.. وترجمات عن الآداب الأخري.. تلك التي حصلت عليها من مكتبة الناشر.. أتذكر كيف كنت أوصيه بالبحث عن كتاب نفد من السوق أو صودر لسبب من الأسباب ويعدني باستحضاره وينفذ وعده في زمن قياسي.. وأتذكر احتفاءه وسعادته بكل كتاب جديد.
أتذكر كل هذا وأتخيل جحافل مفتشي الضمائر وجنود الإرهاب وهم يقلبون كل مكاتب الناشر رأسا علي عقب وينزعون أحشاءها من الكتب ويلقونها في ميدان طلعت حرب ويسكبون عليها جراكن البنزين ثم يشعلون النار.. ولا أتمالك نفسي من الارتعاد غضبا ورعبا.. ولا أصدق أن يأتي يوم مثل هذا.. تحدق فيه الكارثة بأغلي ما يملكه الإنسان المصري.. شرف العقل والضمير!
إننا لا ندافع عن كاتبة بعينها, فهي جديرة بالدفاع عن نفسها.. لكننا ندافع عن حقها في أن تدافع عما تعتقده.. فلنختلف عنها ومعها.. ونرد عليها.. ونجادلها بالتي هي أحسن.. ولنتذكر في الوقت نفسه مقولة فولتير الشهيرة بأنني قد أخالفك في الرأي, ولكني أدفع حياتي ثمنا لحقك في أن تعبر عن رأيك المخالف!.
لكن.. أن نحرق الكتب.. فتلك مقدمة منطقية لأن ننصب المحارق ونحرق الإنسان نفسه!!
الأهرام 20 يونيو 2008 | |
|
شريف الحكيم
عدد الرسائل : 1040 العمر : 57 الجنسية : مصرى تاريخ التسجيل : 29/05/2008
| موضوع: رد: أسامة أنور عكاشة: موجة تسونامي المتشددة وتفكيك مكونات الشخصية المصرية السبت 21 يونيو 2008, 9:01 am | |
| اخى الكريم الاستاذ عصام القضية الكبرى الان اننا اصبحنا نحرق كل عقل مفكر مصرى ونترك الساحة فارغة بالقوة الجبرية لكى نوفر مساحة للافكار الصهيونية الخبيثة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ان الدولة العبرية تقوم الان بنشر وتوزيع كتاب لكن ليس فى الادب ولا الشعر ولا حتى العلوم بل فى شرح القرأن الكريم ومعانى وتفسير الايات وطبعا من وجهة نظرهم لكى يتم التحريف وبالتالى يستمد القارىء العربى من الكتاب معلوماتة ومعرفتة لكن على طريقة بنى يهود ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ كل ذلك يحدث فى غفلة عن المسلميين ومشايخ الاسلام ؟؟؟؟؟؟؟؟ --------------------------------- خالص مودتى لشخصك الودود اخى عصام ------ | |
|
عصام الزهيري مشرف قسم القصص والروايات
عدد الرسائل : 460 العمر : 51 الجنسية : مصر تاريخ التسجيل : 12/05/2008
| موضوع: رد: أسامة أنور عكاشة: موجة تسونامي المتشددة وتفكيك مكونات الشخصية المصرية الأحد 22 يونيو 2008, 1:45 am | |
| الأخ العزيز شريف الحكيم بالفعل كما قلت هناك محرقة جهنمية منصوبة ليل نهار لاغتيال الأفكار والعقول، وصل الأمر أحيانا حد التصفية الجسدية كما حدث مع شهيد الفكر د.فرج فودة وكما كان يمكن أن يحدث في محاولة اغتيال نجيب محفوظ، كذلك مصادرة الكتاب بأنواعها، ومنها المصادرة باستغلال ترسانة من القوانين الاستبدادية المشبوهة سواء لأسباب إيديولوجية كما حدث ويحدث مع الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي ود.جابر عصفور و الشاعر حلمي سالم والشاعر حسن طلب والمفكر نصر حامد أبوزيد وسيد القمني و..و..و..أو لأسباب سياسية كما حدث ويحدث مع رؤساء تحرير الصحف المستقلة عبدالحليم قنديل وإبراهيم عيسى وعادل حمودة ووائل الإبراشي، وهناك طبعا المصادرة بطريق الأزهر أو مجمع البحوث الإسلامية أو الكنيسة هذه المؤسسات التي تحولت من مؤسسات دينية إلى مؤسسات فرض وصاية على المجتمع، والمصادرة عبر التهديد المباشر من متطرفين وبلطجية باستخدام وسائل اتصال كالتليفون والإيميل، وهناك طبعا تهييج الناس ضد أعمال إبداعية شعرية أو روائية عبر المنابر وفضائيات الفتنة المتشددة. كل ذلك يعني أن الكتاب وصناعته كما أن الحرية الفكرية وأدواتها في مأزق. ليس غريبا أن تنشر الدولة العبرية كتبا عن الإسلام أو في القرآن وتفسيره إذا كان لنا الحق المطلق في إصدار كتب عن اليهودية بمصادرها الأساسية فلليهود الحق في إصدار كتب عن الإسلام بمصادره الأساسية، المشكلة في نظري لا تكمن هنا، لكنها تكمن أننا نعيش في عصر الأصوليات الدينية، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، يهودية ومسيحية وإسلاما وغيرهم، عصر ترتفع فيه شعارات حرب مجنونة بين الحضارات، وبموجب ذلك تحولت إسرائيل من دولة استعمار استيطاني شرد شعبا وأحتل أرضا إلى دولة اليهود التي يعد قيامها علامة من علامات الساعة!!، وتحول الصراع العربي الإسرائيلي إلى "هرمجدون"، لم تعد القضية قضية بحث عن عدل وحرية ضد قوى استعمارية عالمية متوحشة بل أصبحت قضية صراع بين الإسلام واليهودية وهو أمر ليس حقيقيا ولم يكن حقيقيا طوال التاريخ الإنساني، فدائما ما يستخدم الدين غطاء للمصالح. | |
|