يقبل الوقت ويمضي
دون أن ينتقل الظلّ
وهذا شجر الأسمنت ينمو
كنبات الفِطْرِ،
يكسو قشرة الأرضِ،
فلا موضعَ للعشبِ،
ولا معنى لهذا المطر الدافقِ،
فوق الحجرِ المصمَتِ،
لا ينبت إلا صدأ
أو طحلبا دون جذورْ
تقبل الريح وتمضي
دون أن تَعْبرَ هذا الصمتَ،
أو تقوي علي حمل استغاثات القرى
والسفن الغرقَى،
وهذا شجر الأسمنت في كل مكانِ
يتمطَى ، ويخورْ
كالشياطينِ،
ويصطاد العصافيرَ التي تسقط كالأحجار،
في أجهزِة الرادارِ،
أو تشنق من أعناقها الزّغب،
علي أَسلاكِ آلات استراقِ السَمعِ،
في تلك السموات التي نعرف من شرفاتنا
أن العصافير تموت الآن فيها
حينما يرتطم السرب،
فتهتز قرون المعِدنِ الوهَاجِ في الضوءِ الأخيرْ
يقبل الليل ويمضي
دون أن نشبع من نومي،
وهذا شجر الأسمنت يلتفّ علينا.
والمواليد الذين اعتاد آباؤهم الصمتَ
يجيئون قصارا
ناقصي الخلقةِ،
لا خرج من أفواههم صوت
ولا تنمو خِصاهم.
والنفايات التي تلفظها الشهوة في كل صباحِ
سأَما، لا شَبَعَا
توضع أكداساَ علي الأبوابِ،
والآلات تلقي غيرها زبدا، وخَمْرا
في النهيرات التي تفضي إلي الباعِة،
والأرض تدورْ!
باريس 20/3/1979