فضاء الإبداع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فضاء الإبداع

هذا فضاء للجميع فدعونا نحلق معا في أفق الإبداع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 (وداعا.. أيتماتوف ) بقلم الدكتور أحمد الخميسي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
دكتور : محمد ربيع هاشم
Admin
دكتور : محمد ربيع هاشم


عدد الرسائل : 1663
العمر : 53
الجنسية : مصر
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

(وداعا.. أيتماتوف )  بقلم الدكتور أحمد الخميسي Empty
مُساهمةموضوع: (وداعا.. أيتماتوف ) بقلم الدكتور أحمد الخميسي   (وداعا.. أيتماتوف )  بقلم الدكتور أحمد الخميسي I_icon_minitimeالأربعاء 25 يونيو 2008, 12:05 am

لم أستطع حين علمت برحيل الكاتب الكبير جنكيز أيتماتوف أن أنحي من ذهني صورة لقائي به في موسكو عام 1978، عندما كنت أنهي رسالة الماجستير وكانت روايته الشهيرة " جميلة " جزءا أساسيا من بحثي. وقد كان الانطباع الرئيسي الذي تركه في هو أنه إنسان واقع تحت ضغط شديد. في حينه لم أستطع تفسير اسباب ذلك الانطباع القوي. لكن السنوات اللاحقة أظهرت تلك الأسباب. فقد ولد أيتماتوف عام 1928 في بداية المرحلة الستالينية في قرية شكير المتواضعة في بلد جبلي فقير نشأت ثقافته تحت تأثير الثقافتين العربية والتركية، وكان والده توريكول أيتماتوف كاتبا اعتقلته السلطات عام 1937 وأعدمته بعد ذلك بسنة.

وربما يكون الخوف الشديد أو الحذر هو الذي رسم خطوات أيتماتوف لاحقا، فقد أنهى معهد للاقتصاد الزراعي في قرغيزيا ثم عمل سكرتيرا لمجلس سوفيت بإحدى القرى، ولم يكف بعد ذلك عن تأكيد ولائه للسلطة السوفيتية التي رفعته إلي القمة بعد صدور أولى رواياته " جميلة " عام 1958، فقد منح جائزة لينين في الأدب عام 1963، وكل الألقاب التي كانت تمنح بدءا من كاتب قرغيزيا الوطني وانتهاء ببطل العمل الاشتراكي إلي أن أصبح عضوا في مجلس السوفيت الأعلى وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي القرغيزي، وتقلد منصب مستشار الرئيس جورباتشوف عام 1989. حينذاك كان أيتماتوف يتحدث كثيرا عن أهمية " النظام الاشتراكي والأيديولوجية الشيوعية " كوسط اجتماعي في تربية موهبة الكاتب، وفي المقابل حرصت الدولة على تصدير أعماله الأدبية مترجمة إلي مائة وخمسين لغة، خاصة عندما قل عدد الكتاب السوفيت الموهوبين وسط جيش من أدباء الدعاية. وكان أيتماتوف موهوبا، ومخلصا لعمله بشكل مذهل، وفي الوقت ذاته كان يمثل أبلغ رد على القول بأن روسيا تحتل الجمهوريات الآسيوية، لأن أغلب ماكتبه كان يمثل بالفعل النزعة " الأوراسية " التي جمعت بين منجزات الأدب الروسي الأوروبي وتقاليد آسيا ومزجت بين الخصائص القومية المحلية والنزعة الإنسانية. وكان أيتماتوف يكتب باللغتين القرغيزية والروسية، وعام 1965 كتب روايته " وداعا جولساري " بنفسه بالروسية.

وبدءا من روايته " جميلة " التي قال عنها الشاعر الفرنسي أراجون إنها " أعظم قصة حب في العالم " استمرت رواياته في الظهور " شجيرتي في منديل أحمر "، والسفينة البيضاء " و" الكلب الأبيض الراكض على حافة البحر"، و" يمتد اليوم أطول من قرن "، ثم " النطع " وأخيرا " نمر من ثلج". وحافظ أيتماتوف في معظم أعماله على حذره، وتفادي الصدام مع الأوضاع السوفيتية، لكنه حين انهارت الدولة أخذ يتحدث عن " الأخطاء الاستعمارية لموسكو في قرغيزيا "، ثم تخير العمل سفيرا لقرغيزيا في أوروبا حيث ظل هناك في شبه هجرة لمدة ستة عشر عاما كأنها قطيعة مع الماضي الذي لم يستطع أن يواجهه، والأكثر من ذلك أنه كان مجبرا على دعمه بقرار شخصي منه. هناك أدباء سوفيت كثيرون أجبرتهم المرحلة الستالينية على الصمت، فلزموا الصمت، لكنهم لم يتطوعوا بقول ما لا يعتقدونه، وقد لا يجوز أن نحاسب أيتماتوف الأديب الكبير من هذه الزاوية السياسية، لكن هذه الزاوية تحديدا هي التي حددت أفق كتاباته الأدبية، بحيث تظل دائما منطوية على جزء من الحقيقة دون أن تعلو بهذه الحقيقة إلي سماء الأعمال الخالدة التي بلغها كتاب آخرون مثل ميخائيل بلجاكوف في رائعته " المعلم ومارجريتا "، لكن موقف بلجاكوف كان مختلفا، فاختلف مصيره واختلف إبداعه، ودفع ثمن ذلك عندما ظلت أعماله حبيسة خزائن اتحاد الكتاب السوفيت لأكثر من ربع القرن دون أن ترى النور. وبرحيل جنكيز أيتماتوف، ابن الجبال القرغيزية القاسية، يختفي آخر الكتاب السوفيت العظام بعد أن رحل من قبله فاسيلي بيكوف، ويختفي من تاريخ روسيا ذلك النمط من الكاتب الحذر، الموهوب، الذي يريد لكنه لا يستطيع أن يقول كل شيء إلي النهاية، الكاتب التراجيدي بكل تناقضاته، وبحيرته بين وأد موهبته أو التعبير في حدود المتاح.

كان أيتماتوف قبل وفاته بأسبوعين يتابع في قازان تصوير مشاهد من فيلم عن روايته " ويمتد اليوم أطول من قرن"، ثم نقل بالتهاب كلوي إلي مستشفى محلية، وبعدها بثلاثة أيام إلي ألمانيا حيث توفي هناك في العاشر من يونيو عن ثمانين عاما. وصية أيتماتوف الوحيدة كانت أن يدفن إلي جوار والده الذي أعدم ظلما، هكذا قرر أيتماتوف أن يعود إلي الحقيقة التى خيرته الظروف بين إعلانها والتوقف عن الكتابة، أو كتابة الجزء المتاح من الحقيقة. وفي كل الأحوال فإن رحيل الكاتب القرغيزي الكبير يظل كما قال الرئيس الروسي السابق بوتين " خسارة لا تعوض.. فقدنا بها كاتبا عظيما ومفكرا ومثقفا ذا نزعة إنسانية ". أما في قرغيزيا بلاده، فقد أعلن يوم الرابع عشر من يونيو يوم حداد قومي تنكس فيه الأعلام في كل مكان.

بقلم الدكتور أحمد الخميسي
منقول عن موقع ديوان العرب ٢٥ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨

(وداعا.. أيتماتوف )  بقلم الدكتور أحمد الخميسي 15751611
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://poems.mam9.com
ضحى بوترعة
مشرف قسمي حوارات خاصة مع شخصيات مبدعة وقضايا وآراء أدبية



عدد الرسائل : 1313
العمر : 55
الجنسية : تونسية
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

(وداعا.. أيتماتوف )  بقلم الدكتور أحمد الخميسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: (وداعا.. أيتماتوف ) بقلم الدكتور أحمد الخميسي   (وداعا.. أيتماتوف )  بقلم الدكتور أحمد الخميسي I_icon_minitimeالأربعاء 25 يونيو 2008, 9:44 am


رائع وقيّم وممتع ما تقدمه لنا من روائع الأدب العالمي والعربي خاصة

شكرا لهذا المجهود دكتور محمد ربيع

تقديري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دكتور : محمد ربيع هاشم
Admin
دكتور : محمد ربيع هاشم


عدد الرسائل : 1663
العمر : 53
الجنسية : مصر
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

(وداعا.. أيتماتوف )  بقلم الدكتور أحمد الخميسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: (وداعا.. أيتماتوف ) بقلم الدكتور أحمد الخميسي   (وداعا.. أيتماتوف )  بقلم الدكتور أحمد الخميسي I_icon_minitimeالأربعاء 02 يوليو 2008, 7:40 pm

الشاعرة ضحى
شكرا لمرورك العبق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://poems.mam9.com
 
(وداعا.. أيتماتوف ) بقلم الدكتور أحمد الخميسي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فضاء الإبداع :: المنتدى العام-
انتقل الى: