فضاء الإبداع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فضاء الإبداع

هذا فضاء للجميع فدعونا نحلق معا في أفق الإبداع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مشاعر القانون

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
وفاء شهاب الدين

وفاء شهاب الدين


عدد الرسائل : 9
العمر : 46
الجنسية : مصرية
تاريخ التسجيل : 25/06/2008

مشاعر القانون Empty
مُساهمةموضوع: مشاعر القانون   مشاعر القانون I_icon_minitimeالأربعاء 25 يونيو 2008, 4:27 pm

ارتدت ثيابًا تكللها الهيبة، رفعت شعرها ولملمته ليجردها قليلا من كونها أنثى، وضعت نظارتها الطبية لتخفي لون الأرق الذي صاحبها منذ قرأت ملف تلك القضية، أمسكت بحقيبتها، تأكدت من وجود ذلك الملف بها، وضعت الحقيبة جانباً، لجأت إلى أقرب مقعد ثم أسندت رأسها وأغمضت عينيها في محاولة لتأجيل تلك المواجهة.
اعتلت منصة القضاء بعد أن رمت بقلبها خارج القاعة، جلست في كبرياء، وزعت نظرات السخط على جميع الحاضرين بالعدل عندما سمعت همهماتهم، تحاشت النظر إلى القفص حيث تجلس المتهمة فلا تفصل بينها وبين الحرية سوى تلك القضبان وكلمة تنطقها شفتا امرأة مثلها .
كانت تتمنى أن تصبح قاضية كوالدها، تحلم بالعدل لكل البشر، تجسد بأسمى المعاني صورة المرأة التي تقف من خلفها حاملة ميزان العدل الذي لا يميل، أرادت أن تحمي كل النساء من مجتمع سيطرت على عقله هرمونات الذكورة فاستحال إلى غابة .
وقف المحامون يتلاعبون بالكلمات، يسردون وقائع تحفظها عن ظهر قلب، يثبت أحدهما الحدث بالأدلة والبراهين ويثبت الآخر العكس بأدلة أخرى وفي النهاية تبقى حقيقة وحيدة، أب قتيل، امرأة شابة متهمة بالقتل، طفلة أودعت إحدى دور الرعاية الاجتماعية وجنين تضمه جوانح امرأة تنتظر حكم بالموت.
أجبرت عينيها على النظر إلى المتهمة وسألتها بكبرياء أن تحكي لها الحدث قبل النطق بالحكم .
أخذت تسرد الوقائع بصوت مرتجف وعينين استوطنهما الهلع بينما سرحت القاضية في المشهد، امرأة شكك زوجها في نسب طفليها وذهبت لتسترضيه فوجدته ينهل من آبار اللذة مفضلاً عليها إحدى جاراتها، وكعادة كل امرأة لم تجد سوى الصراخ متنفساً لصدمتها، هربت الجارة ومارس هو هوايته في التعامل معها كحشرة تنتهي المشكلة دائما بدعسها بالحذاء، لكن هذه المرة رفعت يدها لتدافع عن كرامتها، تدافع عن جسدها الذي تحول إلى مقبرة للمشاعر، وتدافع عن جنين كل ذنبه أنه استوطن أحشاء فتاة مستضعفة.
دماء متناثرة، زجاجة خمر نصف فارغة، جسد مسجى، صرخات طفلة، ويدا أم تلطخت بالدماء، وهمسات عن عشيق خفي ــ لا أحد يعلم من هو أو متى اتخذ تلك الصفةــ هو كل ما تبقى من أنفاس تلك الليله.
كانت تدرك براءتها بحدس الأنثى، ولكن الحدس الأنثوي ليس مصدراً للتشريع لذا لا يعترف به القانون، شعرت بالقهر فكل الدلائل تدينها بقتل الزوج لتنتقم منه.
تصورت نفسها تنطق بالحكم :"حكمت المحكمة حضوريا على المتهمة منى عبد الرحمن بتحويل أوراقها لفضيلة المفتي".
لون ثياب الإعدام الحمراء أثار الذعر في قلبها، طفلها الفطيم يشير إليها ويبكي، تمتمت بضعف "لا يمكن أن يكون ذلك القانون أنثى إنه ككل شيء من حولنا ذكر"
في نهاية الجلسة قرأت الحكم بصوت واثق،تحاشت النظر إلى وجه المتهمة الذي اصطبغ بلون الموت، تجاهلت كل من بالقاعة وهي تمنحها الحرية، وتمنح طفلها الصغير فرصة للحياة بحضن والدته .
بعد أن أفرغت شحنة المشاعر بداخلها، وشعرت بذلك الخدر الذي يعقب الألم الشديد، حانت منها التفاته فالتقطت عيناها قبلة على الهواء أرسلها شخص ما للمتهمة التي غمزت له بعينها ورسمت له أناملها علامة الظفر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عصام الزهيري
مشرف قسم القصص والروايات
عصام الزهيري


عدد الرسائل : 460
العمر : 51
الجنسية : مصر
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

مشاعر القانون Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاعر القانون   مشاعر القانون I_icon_minitimeالأربعاء 25 يونيو 2008, 8:30 pm

القاصة وفاء شهاب الدين
لغة متماسكة تدل على قاصة متمكنة من لغة السرد وأدوات القص، "مشاعر القانون" تثير بمضمونها الكثير من الأسئلة، هل أن القانون فعلا مجرد من المشاعر؟ هل هو مجموعة من النصوص الباردة التي تتطلب عقلا باردا يتعامل معه؟ أم أن القانون له أيضا مشاعره، اتجاهاته، هويته الإنسانية، بل وانتمائه الجنسي الذكوري؟ وما هو إذن موقع "نصوص الرحمة" التي نحفظها منه مثلا "الشك يفسر في صالح المتهم"؟
ربما تكون القاضية حكمت فعلا بمشاعر القانون وليس بمشاعرها كما يقول عنوان القصة لكن تبقى النهاية المفاجئة مفتوحة على الاحتمال والتأويل.
مرحبا بك وبإبداعاتك على صفحات الفضاء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وفاء شهاب الدين

وفاء شهاب الدين


عدد الرسائل : 9
العمر : 46
الجنسية : مصرية
تاريخ التسجيل : 25/06/2008

مشاعر القانون Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاعر القانون   مشاعر القانون I_icon_minitimeالثلاثاء 08 يوليو 2008, 3:07 pm

شكرا لردك يا أستاذ عصام
تحياتي وتقديري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رامي نور
مشرف قسم نصوص أدبية



عدد الرسائل : 265
العمر : 46
الجنسية : سوري
تاريخ التسجيل : 13/06/2008

مشاعر القانون Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاعر القانون   مشاعر القانون I_icon_minitimeالخميس 10 يوليو 2008, 12:52 am

جميل
مودتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
د. مصطفى عطية جمعة
مشرف قسم دراسات وآراء في النقد الأدبي
د. مصطفى عطية جمعة


عدد الرسائل : 183
العمر : 55
الجنسية : مصري
تاريخ التسجيل : 08/06/2008

مشاعر القانون Empty
مُساهمةموضوع: رد: مشاعر القانون   مشاعر القانون I_icon_minitimeالخميس 10 يوليو 2008, 12:59 pm

الأخت العزيزة / وفاء
تحياتي إليك
القصة تثير قضايا عدة :
- مشاعر القاضية وهي تتعاطف مع حالة أم قاتلة زوجها ، وابنتها في رعاية الأحداث .
- تمتلكين القدرة على تصوير الموقف بشكل معمق وبلغة قصصية متدفقة ، غزيرة الكلمات ، مع حنكة في وصف المشاعر .
- عنوان القصة مقالي أكثر منه إبداعي قصصي ، والأفضل أن يكون عنوانا معبرا مثل : ألم على المنصة ... إلخ
- في القصة عبارات مباشرة خطابية مثل : ( كانت تتمنى أن تصبح قاضية كوالدها، تحلم بالعدل لكل البشر، تجسد بأسمى المعاني صورة المرأة التي تقف من خلفها حاملة ميزان العدل الذي لا يميل، أرادت أن تحمي كل النساء من مجتمع سيطرت على عقله هرمونات الذكورة فاستحال إلى غابة )
فهذا كلام غير قصصي ، وإنما هو مباشر والأفضل في القصة التعبير من خلال الحدث والحوار وحركة الشخصيات .
- القصة تثير قضية المرأة القاضية ، وجمود نصوص القانون وهذا يحسب لك .
- في القصة مفارقة عجيبة في نهايتها : الحبيب العاشق الذي يرسل قبلة .

أهلا بك
مع خالص تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مشاعر القانون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فضاء الإبداع :: القصة والرواية-
انتقل الى: