فاروق حسني حاول تبرئة «نظيف» من استبعاد «جويدة» ثم اعترف: «طلبت ترشيحه ولم يردوا»

كتب فتحية الدخاخني

٢٧/٦/٢٠٠٨

أثار انفراد «المصري اليوم» أمس باستبعاد اسم الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة من عضوية المجلس الأعلي للثقافة ردود فعل واسعة، حيث شهد مقر مجلس الوزراء ارتباكا واضحا منذ صباح أمس، وعقد فاروق حسني، وزير الثقافة، مؤتمراً صحفياً ظهر أمس، دافع خلاله عن د. أحمد نظيف، رئيس الوزراء.

كان الخبر الذي نشرت الجريدة تفاصيله، علي صفحتها الأولي أمس، قد أحدث غضباً في الأوساط الثقافية، كما بثته محطات تليفزيونية عديدة مساء أمس الأول، نقلاً عن «المصري اليوم»، ومنها برنامج «الحياة اليوم» الذي يذاع علي شاشة قناة «الحياة»، كما استهل المذيع البارز عمرو أديب برنامجه «القاهرة اليوم» بنقاش ساخن حول الخبر، نقلاً عن الصحيفة.

وقال فاروق حسني في المؤتمر : «رئيس الوزراء بعيد كل البعد عن موضوع الشاعر فاروق جويدة، ولو كان هناك خطأ فهو خطئي أنا، لأنني أبلغت جويدة أننا (نفكر في اختياره عضواً في المجلس الأعلي للثقافة)».

وزعم الوزير أن ما نشرته «المصري اليوم» كلام محرف تماما، لكنه عاد واعترف: «اتصلت منذ شهور طويلة بفاروق جويدة، وأخبرته أنني أنوي تعيينه في المجلس، وقد طلبت ترشيحه مرة واحدة وليس مرتين»، وأضاف: «إن مجلس الوزراء لم يقبل ولم يرفض ترشيح جويدة، وهذا الموضوع شأنه شأن موضوعات كثيرة لا يأتي فيها رد، وتحتاج إلي تذكير من جانبي».

وأشار الوزير إلي أنه كان ينوي ترشيح جويدة مرة أخري قبل انعقاد المجلس الأعلي للثقافة بأربعة أيام، لكنه وهو يتصفح أسماء المرشحين لجوائز مبارك وجد اسم جويدة بينهم، فعدل عن ترشيحه لعضوية المجلس، ورأي أن يتم تأجيله لمرة مقبلة، ورشح كلاً من الدكتور علي رضوان، والدكتور علي الدين هلال، والدكتور صبري الشبراوي.

وردا علي سؤال لـ«المصري اليوم» حول ترشيحه لرضوان، رغم أنه مرشح لجائزة مبارك، قال حسني: «عدم فوز جويدة بالجائزة أمر مختلف»، فسألته الصحيفة مرة أخري: ولكن جويدة لم يحصل علي جائزة مبارك أيضا؟.. فلم يعلق.

وقال حسني: «كان من المفترض أن أسأل جويدة هل تفضل عضوية المجلس أم جائزة مبارك، ولكنني توقعت أنه سيفضل الجائزة».

نقلا عن جريدة المصري اليوم

مثفقون وكتاب ينتقدون قرار «نظيف» شطب ترشيح جويدة لعضوية المجلس الأعلي للثقافة

كتب شيماء عبدالهادي وولاء نبيل وهبة عبدالحميد

انتقد عدد من الكتاب ورموز الفكر والرأي قرار الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء، شطب اسم الكاتب والشاعر فاروق جويدة من عضوية المجلس الأعلي للثقافة، علي خلفية كتاباته عن «مافيا الأراضي»، معتبرين القرار «إنذارًا خطيرًا وكارثة حلت علي جميع الشعراء والكتاب في مصر».

في الوقت الذي رفض فيه الشاعر فاروق جويدة التعليق علي القرار، وقال لـ«المصري اليوم»: «أرفض التعليق، وقد أخذت عهدًا علي نفسي بعدم التحدث في هذا الموضوع، وأتركه للدولة، فهي صاحبة القرار».

وقال أسامة أنور عكاشة، الكاتب والمؤلف: «شطب اسم فاروق جويدة من ترشيحات عضوية المجلس الأعلي للثقافة عيب وفضيحة»، وأضاف: «رئيس الوزراء فضح نفسه باستبعاده فاروق جويدة من بين المرشحين، لأنه أكد بذلك صحة كل كلمة كتبها فاروق عن إهدار الدولة المساحات الشاسعة من الأراضي، وكأن فاروق لمس (بطحة) في رأس الحكومة، كما أن رئيس الوزراء عندما يتخذ معيار (تصفية الحسابات) مقياساً للاختيار فهو بذلك غير أمين علي مصالح مصر».

وتابع: «ما فعله رئيس الوزراء لا ينقص من قدر فاروق جويدة شيئًا، بل ينبغي علي (فاروق) أن يفتخر بذلك، خاصة أنه ليس بحاجة لهذا المنصب، فهو الشاعر والفنان، والذي يعلو بشأنه جميع المناصب، حتي منصب رئيس الوزراء الذي شطب اسمه».

في حين استنكر الكاتب وحيد حامد ما حدث مع فاروق جويدة، واعتبر أنه «كارثة حلت علي جميع الشعراء والكتاب في مصر»، وقال: «معاقبة الكاتب أو الشاعر لمجرد الإدلاء برأيه بحرية سواء صوابًا أو خطأ فهذا معناه أن الحكومة (بتدوس علي الديمقراطية بالجزمة القديمة)».

ووصف ما حدث لجويدة بأنه «إنذار لكل الكتاب والشعراء، خاصة ان جويدة كاتب في جريدة حكومية، ويتمتع بحرية في الرأي والتعبير، فكيف سيكون التعامل مع كتاب الجرائد المعارضة والمستقلة؟».

وأشار إلي أن ما حدث سيجعلنا «نقعد» في بيوتنا، لأن ما سنقوم بكتابته سنعاقب عليه، وهذا ما يعد عارا علي جميع الكتاب والشعراء.

وقال الكاتب جمال الغيطاني إن القرار يعد سابقة «مؤسفة وخطيرة، تتطلب وقفة من المثقفين» - علي حد وصفه - وأضاف: «الأمر يدل علي تفكك الدولة، التي تعتمد علي تصفية الحسابات عند اختيار الكفاءات، مما يقضي علي الاستغلال الأمثل للكفاءات، ومنها فاروق جويدة، ذلك الشاعر الكبير الذي لا يستطيع أي شخص التشكيك في دوافعه النبيلة في الدفاع عن مصالح المواطنين».

وأثار استبعاد الدكتور نظيف رئيس الوزراء للشاعر فاروق جويدة من ترشيحات عضوية المجلس الأعلي للثقافة تعجب الكاتب الصحفي سلامة أحمد سلامة، الذي عقب قائلا: «إذا كان وزير الثقافة يرشح شخصًا يعتبر أنه جدير بعضوية المجلس الأعلي للثقافة فالمفروض، أن موافقة رئيس الوزراء تكون شكلية، والغريب هنا أنه رفض الترشيح، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول أسباب استبعاده مرتين خلال ثلاثة أشهر، وهل هي أسباب شخصية أم أمنية ؟، ولابد أن يشرح الدكتور نظيف هذا الموقف، خاصة أن فاروق جويدة شاعر معروف ومستقل في فكره وفي كل ما يكتب».

واستبعد سلامة أن يكون سبب الاستبعاد ما كتبه جويدة من مقالات انتقد فيها الدولة، خاصة سلسلة مقالات مافيا الأراضي، وقال: «غير وارد أن يكون ما يكتبه جويدة هو السبب، فما يكتبه مستندا إلي أدلة ولا يبرر إطلاقا أن يكون سببًا لاستبعاده من الترشيح لعضوية المجلس الأعلي للثقافة، وكثير منا يكتب موجها انتقادات لتصرفات سياسية معينة، ولم يحدث أن تدخلت الدولة فيما نكتبه، وأظن أنه حدث مع جويدة، أما إذا كان هذا ما حدث فهو حتما يقضي علي أي فرصة لتصحيح الأخطاء، وربما كان المقصود منه تخويف الناس والمفكرين وأهل الرأي».

من جانبه، عقب الكاتب الصحفي صلاح الدين حافظ قائلا: «أولا فاروق جويدة شاعر كبير، ذو قامة عالية بفضل إبداعه، وليس بفضل وظيفته، وبالتالي فعضوية المجلس الأعلي للثقافة لا تضيف إليه كثيرًا، ولا يجوز - إن صح الخبر - أن يتم (استبعاد حكومي) لاسمه، فهذا سلوك لا يجوز من جانب السلطة التنفيذية التي يجب أن تتفهم جيدا كيف تتعامل مع المثقفين ليس بطريقة تعاملها مع موظفيها».

واستطرد حافظ قائلا: «أتمني ألا يكون الخبر صحيحا، أو أتمني أن يرجع صاحب القرار عن قراره هذا، لأنه يشكل إساءة لمصر ولمثقفيها، ولا يشكل إساءة لشخص فاروق جويدة. ولعل هذا القرار - إن صح - يدفعني مرة عاشرة لأن أتساءل: متي نستطيع فك الارتباط الحديدي والقسري بين السلطة التنفيذية وبين المثقفين عموما في مصر، وهذه قضية محورية لا أعتقد أننا نستطيع تحقيق إبداع ثقافي دون معالجتها معالجة صحيحة».

نقلا عن المصري اليوم 27 يونيو 2008

اضطراب وزير الثقافة في تبريره لسحب ترشيح جويدة أمام أسئلة صحفية المصري اليوم دال وشبه قاطع
لجويدة وكما قال عكاشة أن يفتخر بهذا الاستبعاد
ولأعضاء المجلس الأعلى للثقافة أن يتخذوا موقفا مضادا يبرئ ساحتهم لأن استبعاد جويدة يمثل ألف علامة استفهام على وجودهم كأعضاء بالمجلس
وللمثقفين أن يكون لهم تحركهم القوي كرد فعل مستحق لو لم يتم التراجع عن مثل هذا القرار الغبي
شكرا للنقل د.محمد ربيع

الأديب الصديق الحبيب عصام
شكرا لجمال المرور وروعة الإضافة

أعادت جريدة العربي الناصرية نشر المقالات الثلاثة التي كتبها الشاعر فاروق جويدة في جريدة الأهرام الرسمية تحت عنوان "ثلاث رسائل إلى سمسار الدولة" وهي المقالات التي أدت إلى شطب رئيس الوزراء اسم الشاعر الكبير من عضوية المجلس الأعلى للثقافة..ها هي المقالات الثلاثة التي بالإضافة إلى ما فيها من موقف وطني يحسب للشاعر تحوى الكثير من المعلومات الخطيرة والموثقة حول عمليات بيع مصر.

1
تجارة الأراضى والملف الشائك مازلت أعتقد أن نزيف بيع الأراضى فى مصر هو أخطر وأسوأ نتائج برنامج الخصخصة وإذا كان بيع الأراضى أمرا مقبولا لإقامة مشروع صناعى أو زراعى فإن بيع المصانع وتفكيك معداتها وبيعها كخردة وتحويل المصنع إلى أرض بناء جريمة لا تغتفر بكل المقاييس ولا أدرى مع من يكون الحساب هل مع حكومات رحلت بعد أن باعت وخربت أم مع حكومة حالية أرى أن ثقافة البيع خاصة بيع الأراضى تسيطر على فكرها وترى فيها موردا هاما يغطى أحيانـا العجز فى الميزانية هناك فرق كبير بين أن أحاول استثمار بيت أملكه أو أن ألجأ لبيع البيت بالكامل وهذا هو خلافنا مع الحكومة التى ترى أن بيع البيت هو الحل الأمثل بينما نرى نحن أن استثمار البيت أفضل كثيرا.. المهم الآن أن الحكومة وزعت ما وزعت وخصصت ما خصصت من الأراضى التى وصلت للمحظوظين من رجال الأعمال والسلطة والمهنيين والقادرين على الوصول إلى تأشيرة مسئول هنا ومسئول هناك لكن سيبقى هناك لغز أبدى كيف يحصل شخص واحد علي0002 فدان فى مدينة 6 أكتوبر وكيف يحصل شخص واحد على ملايين الأمتار فى شرم الشيخ وكيف يحصل قطيع من كبار المسئولين على ملايين الأمتار يتاجرون فيها دون أن يسددوا سعرها وهو قروش قليلة كان أهم قرار تاريخى أصدرته ثورة يوليو هو تحديد الملكية الزراعية بمائة فدان وبعد خمسين عاما وجدنا من حصل على ألف فدان بتأشيرة مسئول كأنه يقدم هدايا من ميراثه من السيد الوالد. لا أعتقد أن صفحات الأمس قد طويت ومازلت على يقين أن هناك حسابا قادما لأن الأحداث التى جرت خارج كل سياق لابد وأن تعود إلى النقطة الأولى حتى نعدل المسار مازلت أرى أن حق هذا الشعب فى أرضه قضية لابد لها من نهاية حتى وإن تسربت إلى حسابات هنا أو هناك ويبقى أن نحافظ على ما بقى لدينا الآن وهنا ينبغى أن نضع مجموعة من الضوابط التى تحكم عمليات التصرف فى الأراضى فى الفترة القادمة.. لقد حذر الرئيس مبارك مرارا وتكرارا من عمليات تصقيع الأراضى والمضاربات التى أثرى الكثيرون من ورائها دون أن يسددوا حق الشعب. نقطة البداية أنه أصبح من الضرورى الآن إنشاء جهاز مركزى لحماية أراضى الدولة تكون له سلطات أعلى من سلطة السادة الوزراء الذين كانوا يوزعون الأراضى هنا وهناك أو يقيمون المزادات إن لدينا أكثر من جهاز لبيع الأرض إن وزارة الإسكان تتولى بيع أراضى البناء والعقارات والمدن الجديدة ووزارة الزراعة تتولى بيع الأراضى المستصلحة والقابلة للزراعة ووزارة الاستثمار تبيع أراضى المشروعات الاستثمارية ووزارة الرى تبيع أراضى توشكا وترعة السلام وتوابعها ووزارة الصناعة تبيع أراضى المصانع كما أن السادة المحافظين يبيعون الأراضى طبقـا لشروط محددة هذا بخلاف موافقات عليا وقرارات تخصيص من مجلس الوزراء وجهات سيادية أخرى وهذا يعنى أننا أمام سلسلة من المؤسسات تتنافس على بيع الأراضى دون تنسيق بينها وعلى سبيل المثال فإن الشركة الكويتية للاستثمار تتعامل مع أكثر من جهة فى 26 ألف فدان مخصصة لها اشترتها أولا من وزارة الزراعة وحصلت على موافقة من الآثار ثم اختلف الطرفان وتم إلغاء قرار التخصيص فلجأت الشركة إلى مجلس الوزراء وانتقلت إلى وزارة الإسكان لتغيير نشاطها من الزراعة إلى البناء والنشاط العقارى وهذا يؤكد حالة التخبط وعدم الشفافية فى عمل أجهزة الدولة هناك أيضا عمليات تصفية المصانع التى باعتها الدولة لرجال الأعمال مثل شركة المراجل والضغط العالى على نيل المعادى وشركة زيوت القناطر ومحالج شركة النيل وأراضى شركة البيبسى كولا والنحاس فى الاسكندرية هذه مصانع باعتها الحكومة بشرط أن تكمل نشاطها بنفس الشروط ولكنها باعت الأراضى فى مشروعات بناء دون أن يسألها أحد. إن المطلوب الآن هو جهاز واحد مسئول عن بيع الأراضى ضمن سياسة واضحة تضعها الدولة طبقـا لما هو متاح أما أن تتحول الوزارات إلى عمليات السمسرة فى بيع الأراضى فهذا لا يعتبر نشاطـا اقتصاديا بل هو نهب للمال العام نقطة أخرى يجب أن تراجعها الحكومة وهى المشروعات الصناعية التى تم إخلاء أراضيها تمهيدا لبيعها وفى تقديرى أن من حق الدولة أن تسترد هذه المشروعات وتحرم أصحابها المخالفين من فرصة تحويلها إلى أراضى بناء وتحقيق مكاسب خيالية من وراء ذلك وإذا كان الأمر سهلا فإن على الدولة أن تبيعها لحسابها وتسدد للمشترين ما دفعوه وتبقى بعد ذلك نقطة أخيرة وهى رصد عمليات' التخارج' التى حدثت بين رجال الاعمال المصريين والشركات الأجنبية إن هناك قواعد وقوانين تحكم تملك الأجانب للأراضى المصرية وعلى سبيل المثال فإن هناك ضوابط صارمة لذلك فى مناطق مثل شرم الشيخ والغردقة وسيناء بصفة خاصة وكل ما يتعلق بالأمن القومى ولكن بعض رجال الأعمال المصريين حصلوا على مساحات ضخمة من الأراضى يعرفها المسئولون فى شرم الشيخ والعلمين والمقطم والغردقة والقطامية بل حدث ذلك فى استثمارات معروفة فى القاهرة والاسكندرية وهذا موقف لابد وأن يخضع للحساب لأن فيه إخلالا بقواعد ملزمة وضعتها الدولة فيما يتعلق بملكية الأجانب للأرض المصرية خاصة أننا لا نعلم تماما من هم هؤلاء الأجانب ومن وراءهم. يبقى بعد ذلك حق الشعب فى حالة بيع الأراضى وهنا لابد أن تكون هناك ضريبة عادلة لأن من اشترى متر الأرض فى شرم الشيخ بسعر دولار واحد وباعه بخمسة آلاف دولار لابد وأن يسدد حق الشعب من الأرباح التى حصل عليها وبدلا من أن تفتش الحكومة فى جيوب الغلابة عن ملاليم قليلة فى صورة ضرائب عقارية أو غير عقاريةعليها أن تمسك بقائمة مخصصات الأراضى فى السنوات الأخيرة وما حققته من أرباح طائلة سقطت فى جيوب عشرات الأشخاص تعرفهم أجهزة الدولة المسئولة لأن أسماءهم واحدة فى كل قوائم توزيع الأراضى فى كل أرجاء مصر ابتداء بمرسى علم وشرم الشيخ والغردقة وانتهاء بالطريق الصحراوى والإسماعيلية والصعيد وفى النهاية يجب مراجعة مسلسل بيع الأراضى وما حدث فيه فى السنوات الماضية لأن هناك أشخاصا حصلوا على مساحات كبيرة من الأراضى ولم يسددوا ثمنها حتى الآن وباعوها بأعلى الأسعار وهناك من حصل عليها للزراعة وقام ببيعها كقصور وفيلات وهناك من حصل على ملايين الجنيهات بضمانها من البنوك وأخذ القروض وهرب وهناك من يسدد هذه القروض بمساحات من الأراضى حصل عليها من الدولة بملاليم ويبيعها الآن بالمليارات. سجل الأراضى المصرية حافل بمخالفات وتجاوزات وفضائح كثيرة وليتنا نفتش فيه الآن حتى لا يأتى بعد ذلك من يدين هذه المرحلة إدانات مخجلة بسبب هذا الملف الشائك الخطير

صفقة مريبة!
"الحكومة المصرية تحولت إلى سمسار أراض وأن هذا النشاط لا يدخل أبدا فى أعمال وأنشطة الحكومات التى تقدر المسئولية وتعرف شيئـا عن أمانة المال غضب منى المسئولون فى حكومتنا الرشيدة عندما كتبت يوما أن الحكومة المصرية تحولت إلى سمسار أراض وأن هذا النشاط لا يدخل أبدا فى أعمال وأنشطة الحكومات التى تقدر المسئولية وتعرف شيئـا عن أمانة المال العام وأمامى الآن واقعة غريبة ومريبة فى كل تفاصيلها أضعها أمام الرأى العام وأنا أتساءل ماذا وراء هذه القصة والقصة تبدأ مع إعلان نشر فى الصفحة الأولى فى الأهرام يوم الجمعة8 فبراير عن فرصة استثمارية نادرة بأجمل المواقع بمدينة الاسكندرية ويقول الإعلان: تعلن الشركة القابضة للصناعات المعدنية عن بيع آخر قطعة أرض داخل الكتلة السكنية بالاسكندرية والتى تكفى لإقامة مدينة متكاملة بمرافقها حيث ان مساحتها354 ألف متر مربع أى حوالي85 فدانـا وتقع هذه المساحة بامتداد منطقة كفر عبده وسموحة وموعد المزاد هو يوم 8 مارس 2008 والمبلغ المطلوب كتأمين لدخول المزاد هو 53 مليون جنيه.. وقد سألت نفسى وهل يعقل أن فى مدينة الاسكندرية وفى المنطقة السكنية مثل هذه المساحة الخالية من الأراضى وكيف بقيت هذه المساحات حتى الآن إن المساحة المذكورة تقع بجوار أرقى أحياء الاسكندرية وأغلاها سعرا وهى كفر عبده وللأسف الشديد اتضح أن هذه المساحة هى أرض مصانع النحاس المصرية التى كانت يوما واحدة من أهم معاقل الصناعة المصرية وكان العاملون فيها يحصلون على أعلى الرواتب فى الدولة المصرية أليس أمرا غريبا أن تعلن الشركة القابضة للصناعات المعدنية عن مشروع لبيع الأراضى بغرض الإسكان وليس الإنتاج الصناعى أو التعدينى وما هذا التداخل فى أنشطة مؤسسات الدولة. مصانع النحاس تحولت إلى أراضى بناء وتباع بالمتر فى قلب الاسكندرية كما حدث مع مصانع أخرى بيعت وتوقف نشاطها تماما وتم تسريح عمالها وبيعت بالمتر كأراضى بناء فى القاهرة والاسكندرية وأماكن أخرى.. وأمام مصانع النحاس التى تبيعها الحكومة الآن كأراضى بناء نجد أمامنا أكثر من سؤال: * إن متر الأراضى فى كفر عبده - وهذه الأراضى المطروحة للبيع امتداد لها- يباع بسعر يتراوح بين عشرين ألفا وخمسة وعشرين ألف جنية أى أن مساحة85 فدانـا التى جاءت فى الإعلان يتجاوز سعرها35 مليار جنيه ستباع قطعة واحدة كما جاء فى الإعلان والسؤال: من فى مصر الآن يستطيع أن يدفع هذا المبلغ فى قطعة أرض ولماذا الاصرار على بيعها كاملة كقطعة واحدة ومن يستطيع أن يوفر هذا المبلغ خلال شهر واحد حدده الإعلان لجلسة المزاد وهي8 مارس القادم وما هى الجهة المخولة بتنفيذ مثل هذه الصفقة الرهيبة وهل يوجد فى الدنيا كلها بلد يعرض354 ألف متر من أراضى البناء فى صفقة واحدة وفى شهر واحد. * ما هو مصير مصانع النحاس الموجودة فى هذا المكان والتى تباع خردة ضمن صفقة بيع الأراضى وهل يعقل أن تتحول المصانع إلى أراضى بناء وتباع فى مزادات علنية وهل هذه نهاية المطاف بالنسبة لبرنامج الخصخصة الذى يركز الآن على بيع أراضى المحروسة. ولماذا هذا الإصرار على بيع المشروعات الصناعية التى كانت تنتج سلعا وتوفر وظائف وتفتح بيوتـا بحيث تتحول إلى أراضى بناء. * إذا كانت الدولة تتحدث عن العدالة الاجتماعية وتوفير المساكن للمواطنين لماذا لم تستغل وزارة الإسكان هذه المساحة الرهيبة لإنشاء مساكن للمواطنين غير القادرين خاصة أن85 فدانـا من الأراضى تكفى لإنشاء مدينة كاملة فى قلب الاسكندرية خاصة أنها تمتد من أرقى مناطق الاسكندرية ـ كفر عبده ـ إلى أفقر مناطقها' حجر النواتيه'. * لماذا لا يتم تقسيم هذه المساحة الضخمة إلى مساحات صغيرة وبيعها مجزأة أم أن هذا سيكون مصيرها بعد إتمام الصفقة وتسليمها للمشترين لكى يقوموا بذلك ويرفعوا سعرها عشرات المرات. * من المسئول عن هذا الإعلان وعن هذه الصفقة وهل يمكن أن نضع مسئولية بيع مثل هذه المساحة المخيفة فى يد مجموعة من الموظفين كبارا كانوا أم صغارا أم أن هناك خلف الستار أشياء لا يعلمها أحد ومن فى مصر الآن يؤتمن على صفقة بهذا الحجم وبهذا المبلغ. * إن قضية بيع أراضى مصر بهذه الصورة المريبة تطرح أكثر من سؤال خاصة تلك المساحات التى تباع فى السر دون إعلانات أو مناقصات أو مزادات خاصة أن مثل هذه المساحات الضخمة تحتاج إلى قرارات على درجة عالية من الشفافية قد لا تتوافر أمام إغراءات شديدة الضراوة فى مثل هذه الصفقات. نحن فى هذه الصفقة أمام354 ألف متر مربع أراضى بناء وأمام صناعة مصرية تم تدميرها وهى مصانع النحاس وأمام85 فدانـا فى قلب الاسكندرية وقبل هذا نحن أمام صفقة ثمنها يزيد علي35 مليار جنيه ولنا أن نتخيل توابع هذه الصفقة. على الجانب الآخر ولكى تتأكد لنا عبثية الصورة يقول لنا د. جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات فى تقاريره إن حصيلة برنامج الخصخصة كلها من عام1992 إلى عام 2006 قد بلغت50 مليار جنيه هل يعقل أن يكون هذا هو العائد فى 15 عاما بيعت فيها مصانع الأسمنت والأسمدة والحديد والغزل والنسيج والبنوك ومساحات شاسعة من الأراضى والفنادق والشواطيء..50 مليار جنيه في15 عاما أى أقل من10 مليارات دولار أى أقل من دخل قناة السويس فى عامين أى أقل من800 مليون دولار فى السنة وأين ذهبت هذه المليارات بعد ذلك كله.. يقول الجهاز المركزى للمحاسبات ان هذه الأرقام لم تظهر فى سداد الديون أو تغطية عجز فى الميزانية أو إنشاء مصانع جديدة لم تظهر فى إصلاح وتطوير المصانع الحالية إداريا أو فنيا حيث بلغ كل ما أنفقته الدولة في15 عاما 3.7 مليار جنيه فقط فى عمليات إعادة الهيكلة ولا أحد يعرف أين تسرب الباقى. والغريب فى الأمر أن الحكومة لا تعترف فى عمليات البيع برقابة الجهاز المركزى للمحاسبات خاصة أن اللجنة الوزارية للخصخصة لم تعد قائمة الآن وكان يرأسها رئيس مجلس الوزراء وتضم عددا من الوزراء ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ومحافظ البنك المركزى ورؤساء سوق المال وهيئة الاستثمار والرقابة الإدارية إن تقييم بيع الشركات والمشروعات الآن لا يخضع لقواعد عامة ولا تمثل فيه القطاعات المسئولة ولن يكون غريبا طبقـا لهذه الأوضاع أن تباع أراضى مصانع النحاس فى الاسكندرية بعشرة جنيهات للمتر كما حدث فى أرض هدى شعراوى فى ميدان التحرير. إن أخطر ما يهدد برنامج الخصخصة الآن أنه تحول إلى برنامج لبيع الأراضى بعد أن كان الهدف بيع المصانع الخاسرة لإنقاذ المصانع الناجحة وتطوير الهياكل الإدارية والفنية فى مؤسسات الدولة وإنشاء صناعات جديدة تفتح بيوتـا وتقدم إنتاجا ولكن البرنامج المريب الغريب جنح عن أهدافه تماما وتحولت المصانع المنتجة إلى أراضى بناء تباع بالمتر ولم يتم تطوير المصانع القائمة وتم تسريح الملايين من العمال بنظام المعاش المبكر لتباع أراضى المصانع فى مزادات علنية. ومن هنا وبعد عشرين عاما على هذا البرنامج المشئوم يجب أن تكون لنا وقفة نراجع فيها كل شيء قبل أن نجد الحكومة تعلن عن بيع نهر النيل وقناة السويس والشعب المصرى الذى لن يشتريه أحد.
خطايا الخصخة
باعت الحكومة مصانع هذا الشعب ومصادر رزقه وإنتاجه لتتحول على يد رجال الأعمال إلى عقارات ومبان وتجارة أراض.. هل هذا هو الاقتصاد الحر ؟ للأرض قدسية خاصة فى أعماق الشعوب وكم دارت حروب وسقطت دول وتهاوت جيوش بسبب قطعة من الأرض ومن الأرض جئنا وعلى الأرض عشنا وفى الأرض ننفذ مشيئة الخالق سبحانه وتعالى عندما يضمنا ترابها وكانت مصر من أقدم الحضارات التى أدركت قدسية الأرض هناك مجتمعات أخرى كان ارتباطها بالأرض شيئـا عاديا حيث السعى الدائم وراء الماء والكلأ وكم دارت معارك بين القبائل حول هذا الكلأ ولكن حضارة وادى النيل عرفت معنى الاستقرار على ضفاف نهر وتشكلت على هذه الأرض حضارات كثيرة فى الأزمنة الأولى للبشرية ومن هنا تأتى أهمية الأرض فى حياة المصريين ولعل هذا هو السبب فى هذه الصرخة التى نتوجه بها للمسئولين فى بلادنا أمام هذا المزاد الذى لم تشهده مصر طوال تاريخها لبيع الأرض.. وفى كل دول العالم توجد ضوابط صارمة حول بيع الأرض يوجد أكثر من أسلوب هناك أساليب للإيجار لفترة زمنية معينة وهناك حق الانتفاع وهو أكثر الأساليب انتشارا لأن هناك دولا تمنع تماما تملك الغرباء لأراضيها وقد كنا فى مصر نضع ضوابط صارمة فى العصر الملكى ومنذ بداية عصر محمد على آلت معظم ملكية الأرض للأسرة الحاكمة خاصة أن أفراد أسرة محمد على كانوا يحبون الأرض ويفضلون حيازتها على أى نشاط استثمارى آخر. وعندما قامت الثورة بتحديد الملكية الزراعية بمائة فدان قامت بتوزيع الأراضى على صغار الفلاحين ولم يسمح القانون المصرى بملكية الأجانب للأراضى المصرية إلا فى حدود ضيقة للغاية ولعل السبب فى ذلك أن الأرض تمثل ثروة المصريين الحقيقية حيث لا توجد موارد لدينا غير ماء النيل وما عليه أو حوله من مساحة خضراء وقد كانت تكفينا حتى وقت قريب وفى السنوات الأخيرة انتشرت لعنة بيع الأرض مثل لعنة الفراعنة تماما وبدأت الدولة تبيع كل شيء وأغلقت المصانع والشركات وباعت معداتها فى أسواق الخردة إن أكثر ما أحزننى فى مزادات بيع أرض مصر هو المشروعات الصناعية الضخمة التى أغلقت أبوابها وشردت عمالها وباعت معداتها وتم طرحها فى مزادات عقارية بعد أن تحولت إلى أرض بناء وقد وصلتنى كوارث كثيرة أضع بعضها أمام المسئولين ربما أفاقت ضمائرهم. * فى عام 1994 باعت الحكومة لأحد رجال الأعمال المصريين شركة النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط وهذه الشركة هى الوحيدة فى المنطقة العربية التى تخصصت فى صناعة الغلايات البخارية وأوعية الضغط العالى الخاصة بالمحطات النووية ومحطات الكهرباء وشركات البترول والصناعات الثقيلة كانت تضم أكثر من1300 عاملا من الكفاءات النادرة والشركة تقع على مساحة35 فدانـا على نيل المعادى ولها ميناء خاص على النيل وأخيرا تم تسريح العمال وبيع معدات الشركة بالكامل لرجل أعمال مصرى شهير وتحولت إلى شركة للاستثمار العقارى وفى 24 فبراير الماضى تم بيع الأرض لإقامة منتجعات سياحية وعقارية رغم وجود بنود فى صفقة البيع مع الحكومة تحظر على المشترى تغيير نشاط الشركة ولكن من يتابع ومن يراقب ومن يحاسب فى ظل هذا الانفلات فى كل شيء إن الخطابات الصادرة حول هذه الصفقة وقد أرسلها العاملون فى الشركة إلى مجلس الوزراء ووزارة الاستثمار تثير الكثير من الشكوك والهواجس. " كارثة أخري * أمامى عقد اتفاق تم توقيعه يوم 1242007 تحت رعاية السيدة عائشة عبد الهادى وزيرة القوى العاملة بين المالك الجديد لشركة القاهرة للزيوت وممثلى اللجنة النقابية بالشركة لصرف تعويضات لعمال الشركة بعد انهاء خدمتهم هذه الشركة تخصصت فى انتاج الزيوت والصابون والسمن الهولندى ولها فروع فى مناطق كثيرة فى البدرشين والعياط وغمرة وتقع على مساحة8 أفدنة بالقرب من النيل فى القناطر الخيرية اشتراها أحد رجال الأعمال المصريين بمبلغ58 مليون جنيه وقام بهدم المنشأت والعنابر وباع المعدات ومنها جهاز فصل النيتروجين وثمنه50 مليون جنيه وقام بتقسيم الاراضى وباعها فى مزادات لإقامة العمارات والفيلات بسعر إجمالى 148 مليون جنيه وأغلقت الشركة أبواب الرزق أمام مئات العمال وحرمت مصر من إنتاج سلع ضرورية. " كارثة أخري * هناك مسلسل رهيب تم فيه بيع مصانع حليج الأقطان ذهب مصر وتاجها الزائل كانت هناك شركة تسمى شركة النيل لحليج الأقطان تملك عددا من محالج القطن موزعة فى الصعيد والدلتا وفيها مصانع لإنتاج الزيوت والمسلمى الصناعى وفول الصويا ويعمل فيها أكثر من1000 عامل فى عام1999 تم بيع الشركة وتمت تصفية المحالج وتسريح العمال وبدأ بيع أراضى المحالج للبناء والعقارات فى دمنهور وسوهاج وهناك مائة فدان فى محافظة المنيا تقع ما بين نهر النيل وترعة الإبراهيمية وأغلقت المحالج أبوابها لتنتهى واحدة من أعرق الصناعات فى مصر وهى صناعة الغزل والنسيج وتباع مصانعها لتتحول إلى أراضى بناء بعد توقف إنتاجها تماما. " مأساة أخري * عرضت الحكومة أرض مصانع النحاس فى كفر عبده بالاسكندرية للبيع فى مزاد تبلغ مساحتها85 فدانـا والغريب أن عددا من الورثة من المواطنين الغلابة يمتلكون مساحات صغيرة فى هذه الأرض وقامت الشركة بالضغط عليهم للتنازل عن قضايا أقاموها ضد الشركة فى المحاكم حتى تستطيع تنفيذ الصفقة بالكامل بلا مشاكل لقد أرغمتهم الشركة على بيع ما يملكون بسعر200 جنيه للمتر رغم أن سعر المتر فى كفر عبده هو25 ألف جنيه فماذا نسمى مثل هذه التصرفات التى تقوم بها مؤسسات مسئوليتها حماية حقوق المواطنين. " مأساة أخيرة * فى محافظة قنا وفى منطقة المراشدة استصلح الفلاحون سبعة آلاف فدان بجهدهم وعرقهم وسنوات عمرهم منذ27 عاما وأخيرا قررت الحكومة إخراجهم من الأرض وبيعها لشركة يابانية رغم أنهم طلبوا سداد قيمة الأرض بنفس الأسعار الذى عرضتها الشركة اليابانية وهو35 ألف جنيه للفدان الواحد ولم تسمع الحكومة صرخاتهم رغم أن هناك قرارا من الرئيس مبارك بتمليك الأرض لمن زرعها ولكن حكومتنا الرشيدة تفضل اليابانى على المصرى وتطرد الفلاحين من أرض زرعوها بسنوات عمرهم رغم وجود مساحات تزيد على 186 ألف فدان خالية يمكن أن يقام فيها المشروع اليابانى فهل من مجيب. فهل باعت الحكومة مصانع هذا الشعب ومصادر رزقه وإنتاجه لتتحول على يد رجال الأعمال إلى عقارات ومبان وتجارة أراض هل هذا هو الاقتصاد الحر وهل هذه هى برامج الخصخصة التى تتحدث عنها حكوماتنا الغير رشيدة هذه بعض الكوارث ولا أقول النماذج التى ارتكبتها أجهزة مسئولة فى حق هذا الشعب تحت مسميات كثيرة مثل الخصخصة والاستثمار والإنتاج والاقتصاد الحر وتشجيع رأس المال وكلها لافتات مزيفة لأن الفرق كبير جدا بين حرية الاقتصاد وحرية النهب بين أن نبيع أرضا من أجل الاستثمار وأن نبيع وطنـا لمجموعة من السماسرة والتجار د. نظيف هذه وقائع تستلزم التحقيق والحساب والمساءلة فهل تفعل..!