وليم شكسبير..........فخر بريطانيا على مر العصور ، لم يخفت بريقه لحظة واحدة ، الدراسات الأكاديمية عنه تتوالى وكل يوم لابد من دراسة جديدة تطرح مفهوما مبتكرا وتفسيرا نقديا وشرحا مسهبا لمسرحياته وحياته وعصره وأشعاره ( السوناتات ) .
تُرجمت مسرحياته وأشعاره إلى اللغة العربية مرارا وتكرارا حتى لنجد مسرحية ( هاملت) مترجمة لأكثر من مترجم فى عالمنا العربى .
فى السنوات الأخيرة تصدى لترجمة بعض مسرحياته(روميو وجولييت ،تاجر البندقية ،يوليوس قيصر ،الملك لير ،هنرى الثامن ،الملك ريتشارد الثانى ،العاصفة ،هاملت ،عطيل ،حلم ليلة صيف ،مأساة الملك ريتشارد الثالث ) الدكتور/ محمد عنانى أستاذ الأدب الإنجليزى والمترجم ذو الخبرة الواسعة فى الترجمة من الإنجليزية وإليها وأخذ على عاتقه جهد الترجمة الدقيقة المنقطعة النظير، من الإنجليزية إلى العربية بلغة راقية وبيان ناصع وأسلوب عربى مبين ،حافظ فيه على روح شكسبير الإبداعية ،وقدًم كل مسرحية بدراسة مستفيضة عميقة وشروح وحواشى تتجاوز أحيانا نص المسرحية0 وقامت الهيئة المصرية العامة للكتاب بنشر هذه الترجمات بطباعة فاخرة وبثمن زهيد.
فى بداية القرن العشرين وما تعارف عليه آنذاك بعصر النهضة أو التنوير العربى ،ومسرح شوقى الشعرى والنثرى والبداية الحقيقية لمسرح عربى جاد يحمل أفكارا وطروحات معاصرة ويعالج المشاكل والهموم السياسية والإجتماعية وريادة توفيق الحكيم بمسرحيته الشهيرة( أهل الكهف)، حاول خليل مطران ترجمة بعض مسرحيات شكسبير لكنها والحق يقال ترجمة جارت على النص وهدمت موضوعه وشتت هدفه وأضاعت مبتغاه ، قرأت هذه الترجمة لكن لم أستفد منها إلا بألفاظ فخيمة رنانة .
دخل عباس محمود العقاد تحت مظلة شكسبير وامتشق الحسام وكتب دراسة (التعريف بشكسبير) مجموعة من المقالات عن حياة و مسرح شكسبير، ربما وفى حينها ذاع صيتها، والعقاد ملء العين والبصر ،إنما بالتدقيق فهى محاولة بدائية للكتابة عن شكسبير ،كعادة العقاد عندما يؤكد لمن حوله أنه يتحدى وعلى استعداد أن يكتب عن الله وإبليس ،والشيوعية والإسلام ، والشعر والنثر بنفس القوة والتدفق والحماس والإقناع.
ماكبث
========
من مسرحيات الشر التى حاول بها شكسبير أن يغوص فى النفس البشرية 0
كنت أقرأها متعجبا من إزدهار الشر بهذه الصورة المفزعة .إذ أن مجمل المسرحية يخلص فى :
أن جزيرة بريطانيا كانت مطمعا لقبائل الشمال من النرويج بقيادة ملكهم (أسوينه ) وتحالف معه بعض ألأمراء الإقطاعيين فى الجزر الغربية وكادوا يستولون على البلاد لولا شجاعة الأمير ماكبث وزميله بنكو قواد الملك دنكان ،وبعد انتصارهما فى المعركة ،عاد القائدان ليزفا إلى الملك نبأ النصر ،وفى الطريق إعترض طريقهما ثلاث ساحرات ،اللواتى هتفن لماكبث بأنه سيكون ملكا ، كما هتفن لبنكو أنه سيكون والدا للملوك ، بل بشرن ماكبث بالصعود إلى الإمارة وسيصير أميرا لإقطاعية (قودر )كخطوة أولى فى سبيل المُلك .
وأرسل الملك دنكان رسله لاستقبال القائدين المظفرين (ماكبث وبنكو )وأنعم عليه فورا بإمارة (قودر ) الأمر الذى جعله يصدَق بشرى الساحرات وأنه سيصير الملك .
وشب الطمع فى قلبه وأعمل فكره على الظفر بالمُلك ،وأخبر زوجته بما بشرته به الساحرات وتحققه وسعيه للظفر بالمُلك ، واشتعلت الرغبة ونما الطمع وحرضت زوجها ماكبث على تحقيق بشرى الساحرات وساعدته على تنفيذ الخطة وقتل الملك دنكان أثناء زيارته لماكبث فى قصره تكريما له وعرفانا بهزيمة الأعداء .
ولم يستطع الأمراء أن يجاهروا بالشكوك فى موت الملك دنكان فاختاروه ملكا على البلاد ، لكن ماكبث خشى من زميله بنكو وخوفه من تحقق بشرى الساحرات لكونه سيصبح والدا للملوك فعزم على قتله ،وقتله غيلة .
وتوجس ماكبث خيفة من أمرائه وخشى منهم على نفسه وملكه وتربص بهم وصار متخوفا شكاكا مرتعبا ،فالشر يجر الشر ويؤججه ،فدبر مؤامرة لقتل أكبرهم مكدف الذى هرب قبل وصول رجال الملك لقتله لكنهم وجدوا زوجته وأولاده الصغار فقتلوهم شر قتلة وفتكوا بهم دونما جريرة .
وذهب مكدف إلى مقاطعة إنجلترا وطلب مساعدة ملكها ووجد مالكوم ابن الملك دنكان الذى اغتاله ماكبث واتفقا على الإطاحة بالطاغية ماكبث هذا الشر المستطير وساعدهم الملك إدوارد بجنوده ،وحتى يسترجع الأمير مالكوم عرش أبيه المغتصب .
واشتعلت الحرب بينهما وبين ماكبث حتى انتهت بمصرعه جزاء شره وشرهه وطمعه على يد مكدف الذى كان يتحرق للإنتقام من ماكبث قاتل زوجته وأولاده الصغار .،واسترجاع مالكوم لعرش أبيه واعتلائه المُلك .
===============
بقلم / دكتور عبد الرؤوف النويهي