فضاء الإبداع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فضاء الإبداع

هذا فضاء للجميع فدعونا نحلق معا في أفق الإبداع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 فاروق عبدالخالق يكتب عن أهل الله أبطال الفداء..قصة الجيش المحمودي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عصام الزهيري
مشرف قسم القصص والروايات
عصام الزهيري


عدد الرسائل : 460
العمر : 51
الجنسية : مصر
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

فاروق عبدالخالق يكتب عن أهل الله أبطال الفداء..قصة الجيش المحمودي Empty
مُساهمةموضوع: فاروق عبدالخالق يكتب عن أهل الله أبطال الفداء..قصة الجيش المحمودي   فاروق عبدالخالق يكتب عن أهل الله أبطال الفداء..قصة الجيش المحمودي I_icon_minitimeالجمعة 11 يوليو 2008, 4:40 am


فاروق عبد الخالق يكتب عن: تاريخ أهمله التاريخ.. جيش الدراويش في حرب فلسطين



في الحروب كثيرًا ما تضيع الحقيقة..
ففي خضم لهيب المعركة.. وأتون نيرانها.. وأن تصطلي الجبهات بنيران وطلقات المدافع والبنادق.. واقتحامات وقصف الدبابات والمدرعات وتهاوي الحصون والموانع.. ويخيم شبح الموت في جميع الأرجاء، ويصبح لليل عالم كله خيالات وأشباح.. وتفقد كثير من الكلمات معناها.

وحتي الإحساس بالألم.. كثيرًا ما يتواري في ظل تأوهات المصابين والجرحي وتفقد حاسه السمع استعدادها لسماع خطب الساسة.. وبيانات القادة وتصبح اللغة الوحيدة، إما صمتًا في انتظار قعقعة سلاح.. أو ضجيجًا يتلوه حصر خسائر.. وكثيرًا ما يتحول البشر إلي مجرد أعداد وأرقام فقط لإحصاء الشهداء والقتلي والجرحي.. أو الأسري.

وعندما يهدأ الميدان.. وتنجلي الأدخنة.. ليس شرطًا أن تظهر الحقيقة، فقد تظل تائهة ويعلو ويسود الأعلي صوتًا.. والأكثر قوة وعتادًا، ومن يمسك بين يديه بتلابيب السلطة.. ويحتكر لنفسه حكايات المجد.. وينكر علي الآخرين حتي ذكر مشاركتاهم.. إلي أن يحين وقت.. يقصر أو يطول وتتبدي ظاهرة وجلية.. الحقيقة.

وقد نتساءل.. لم تظهر من قبل؟!.. ولماذا الآن بالذات؟.. لعلها تكون طاقة نور تجدد جذوة الأمل في نفوسنا وإن تاريخ هذا الوطن.. وتضحياته.. ستظل دومًا سدًا منيعًا لغد أفضل وأكثر إشراقًا.. وإن تضحيات الشهداء لن تضيع هباء.. وكلما ظنوا أنه قد هدأ واستسلم واستكان يهب يومًا من حيث لا يحتسبون فيخيب ظنهم ويطيش سهمهم وتدبيرهم.. وترتفع راية الشعب وجهاده وفداؤه.

ولا تزال حرب فلسطين 1948 منذ اندلاعها وحتي اليوم وجميع ما ترتب عليها من نتائج ومعطيات وتداعيات.. تطرح تساؤلات لم يكتب لها الحسم حتي الآن.

وأيضًا أدوار وتضحيات لم يتح لها أن يكشف عنها، وأن ينصف أصحابها وأن تنضم إلي سجل الفخر والعزة للمصريين.. كل المصريين بجميع طوائفهم.. رصيد وقدوة للأيام.

الدعوة:

في تلك الفترة من حقبه الأربعينيات من القرن الماضي.. كانت الحركة الوطنية المصرية في شاغل كبير بمطلب بلاء المستعمر البريطاني.. وأيضًا بقضية وحدة مصر والسودان.

ورغم الأهمية القصوي لهذين العاملين.. إلا أنها لم تغفل النظر والمتابعة والاهتمام بقضية فلسطين.. سواء بالصحافة أو الدراسات أو الكتابات المتنوعة والندوات، مما كان له أكبر الأثر، في تعميق الإحساس بالقضية.. وأن يشكل الاهتمام الشعبي ضغطًا علي السياسات الرسمية.. وأن يصبح الاتجاه العام إظهار التعاطف والتأييد للشعب الفلسطيني في نضاله ضد المهاجرين والمستوطنين اليهود.. ومتجاوزًا في انفعاله حالة عدم الاستقرار البرلماني السائد في تلك الفترة ما بين الأحزاب وبعضها البعض بإذكاء من الملك فاروق.

إلا أن صدور قرار تقسيم فلسطين ما بين العرب واليهود في 29/11/1947 «من الأمم المتحدة» وإعلان بريطانيا في 11/12/1947 موعدًا لإنهاء الانتداب البريطاني علي فلسطين اعتبارًا من 15/5/1948.. إيذانا بانفجار مشاعر الغضب ضد ما اعتبره العرب انحيازًا أعمي من الغرب ضد العرب.

واستبد الغضب بالشعب.. وانطلقت المظاهرات الهادرة التي شارك فيها كل الأطياف والفئات منددة بالقرار.. ومنادية باتخاذ موقف أكثر حسمًا وتعددت اجتماعات الحكام العرب وجامعة الدول العربية وتباينت المواقف وعلا صوت المزايدات.. وأيضًا المحاولات السياسية وطرحها علي الرأي العام العالمي.. ومجلس الأمن.. والمشارات الثنائية بين العرب والحكام وبعض الدول الأوروبية.

ولكن إصرار الغرب كان الأكثر صراحة ووضوحًا.. والرؤية أكثر بعدًا ووعيًا بمصالح الغرب.. وواقع حال العرب.. وأيضًا الشعوب العربية كانت أكثر صدقًا من حكامها.

وفي إحدي البقاع النائية في الريف المصري.. في قرية صغيرة بالصعيد.. كثيرًًا ما أغفلت ذكرها الخرائط الجغرافية للمدن والقري الواقعة علي مجري النيل وما حوله.. وتحديدًا في قرية بني مهدي «التابعة آنذاك لأعمال مركز ومديرية المنيا»نجحت هذه القرية في أن ترسم لنفسها موقعًا متميزًا ورائعًا في تاريخ كفاح الشعب المصري وبطولاته وتضحياته.. وتقدم دماء الشهداء من أبنائها، قربانا لقضية الوحدة العربية والقومية العربية ووحدة فلسطين وترابها.

وما أن صدر قرار مجلس الأمن الدولي بتقسيم فلسطين العربية حتي انطلقت صيحة ودعوة العارف بالله السيد: الصادق محمود ماضي أبو العزائم الذي ولد بالإبراهيمية شرقية، ثم صحبه والده السيد محمود ماضي أبو العزائم -مؤسس الطريقة المحمودية العزمية إلي نزلة مهدي مركز ومحافظة المنيا، حيث عاش فيها وبدأت الدعوة منها.. وألحقه والده بالمدارس الأولية وآنذاك بمدرسة الفكرية التابعة لمركز أبو قرقاص محافظة المنيا.. ومكث بها أربع سنوات.. بعدها ترك الدراسة وأخذ في تحصيل العلوم الدينية علي يد والده الذي كان له عظيم الأثر في تربيته وتنشئته..

وكان منهجه نبراسا تأصلت فيه حرية الرأي.. وحرية الكلمة.. والثبات علي المبدأ.. وانطلق يدعو لله في الله بالله.. لاقصد له سوي الحب الخالص النزية.

وقد تسلم الوراثة من والده في عام 1935، وقام يدعو بدعوة الإيمان المطلق لذات الله.. وانتشرت دعوته في أنحاء البلاد والتف حوله اتباع كثيرون بغيتهم حب الله وبذل كل غال في سبيل الله..

لذا عندما دعاهم إلي الجهاد والغيرة علي الدين والوطن ودرء هجمة قد تصيب القدس وفلسطين ودعاهم للتطوع في سبيل دفع الصهاينة ومقاومة مخططهم لبي المئات منهم النداء مسرعين، وما أن سمع الأتباع نداء السيد: الصادق محمود ماضي أبو العزائم، حتي هرعوا إلي مقره في قرية بني مهدي.. الذي كان قد أعد لذلك دفاتر خاصة يقيد فيها كل من يأتي بعد أن يقسم اليمين علي إخلاصه وتطوعه للجهاد والهجرة لنصره فلسطين وبذل روحه ودمه في سبيل الله دون تردد ولا تأويل.. «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه».

وأعَّد أرضا واسعة علي رقعة إحدي الأراضي الزراعية للتدريب واكتملت قوة المتطوعين لتبلغ ثمانمائة من الرجال الأصحاء الأقوياء بنيانًا وإيمانًا وعقيدة ثابتة «إن الموت في سبيل الله هو خير توابا وخير عقبا».

وعندما بدأ تلامح جيش المجاهدين تتضح وتنتظم كمجموعة مهيأة للعمل الجهادي والفدائي.. رحل السيد: الصادق محمود ماضي أبو العزائم إلي القاهرة لبحث سبل سفر المجاهدين إلي فلسطين.. وقدم طلبه إلي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بمركزها بالقاهرة.. وكان الرد أن طلب منه الانضواء ضمن قوة حزب من الأحزاب القائمة.. فاتجه إلي الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين الأكبر الذي كان مقيما بالقاهرة في هذه الفترة عله يجد عنده المشورة التي تمكنه ورجاله من السفر إلي فلسطين فأشار عليه بنفس النصيحة.. فاتجه إلي المركز العام لجمعيات الشبان المسلمين ورئيسه اللواء محمد صالح حرب.. ورغم كل مجهوداته واتصالاته.. إلا أنها أيضا لم تسفر عن نتيجة.. ولم تقلل من همته وحماسته تلك العقبات.. بل كان كلما واجهته عقبة حاول تجاوزها أو البحث عن وسيلة للتغلب عليها.. بلاراده وقد العزيمة ووضوح الهدف..لذا توجه إلي حزب مصر الفقاه ورئيسه المجاهد السيد: أحمد حسين والذي كان من أوائل المتطوعين بشخصه مجاهدا بنفسه ويشرف علي سفر أفواج متطوعي حزب الفتاه إلي سوريا وإلحاق المتطوعين للجهاد عن شمال فلسطين.. وكان اللقاء والتقدير والتشجيع والتأييد من المجاهد أحمد حسين لسماحة السيد: الصادق الذي قام معانقا له محتضنًا إياه.. قائلا له.. ما هذا البعث الجديد والروح الدينية التي انطلقت من قبور أهل التصوف.. فكأنما رسول الله وأصحابه أحياء بأجسامهم النورانية.. قائمين بالحق.. يحيون السنة ويرفعون علم الدين.. واتفقت الرؤية الجهادية القتالية لهما بأن فلسطين من الشمال معززة بمتطوعين وفدائيين عرب.. ويجب أن يتم فتح جبهة جنوبية لحماية ظهرها ويمثلها في هذا المكان المصريون، وأشهرت جمعية أنصار الحق.. حتي يتحرك مجاهدوها ومتطوعوها تحت اسمها وشعارها.. ومؤسسها ورئيسها السيد: الصادق محمود ماضي أبو العزائم.. وعاد إلي بلدته بعد أن نجحت جهوده وأثمرت وعرف الداني والقاصي أن هناك فئة آمنوا بربهم في قرية بعمق صعيد مصر يحتشد فيها متطوعوها استعدادا للذهاب إلي فلسطين.. وأتم الجيش استعداده من التدريب المكثف شهرًا كاملاً تحت إشراف قياده عسكرية مشهود لها بالكفاءة والوطنية ورمز يكن له كل التقدير وهو الضابط مهندس عز الدين عبد القادر حفيد الزعيم أحمد عرابي.. لما كانت قوة مجاهدي أنصار الحق لم تتلق أي دعم من الجهات الرسمية فقد قام السيد: الصادق محمود أبو العزائم بتحمل جميع التكاليف والأعباء اعتبارًا من تجهيز أرض التدريب وسط الحقول الزراعية وشراء سلاح من طرز وأنواع جديدة بلغ أكثر من أربعين بندقية وذخيرتها وإعداد الملابس العسكرية والزي الموحد للقوات إضافة إلي تكاليف الإقامة والإعاشة.

وبعد مضي ستين يوما العمل في اتجاهين: الأول استمرار التدريب والاستعداد.. وكل ما يصاحب ذلك من جهود واستعدادات..

الثاني استقبال الزائرين من كل جهة والمودعين أو المتعاطفين وبعد الأنتهاء وفي كل ليلة تقام الحضرة.. وجلسة الذكر والمواجيد..وقد تم إعدادكشف الثمانمائة مجاهد طلب للتصريح بالسفر من الجهات الرسمية.. بالحكومة المصرية أو جامعة الدول العربية فلم يوافق أي منها علي سفر هذا العدد الكبير الذي جاوز أي مثيل وبعد مجهودات ومحاولات وبعد الأخذ والرد من المكاتبات أو اللقاءات والاجتماعات فقد اقتصر الأمر علي الموافقة أن يضم جيش أنصار الحق فقط مائتي متطوع.. وبذلت مجهودات شاقة للاختيار ضمن القوة.. إذ كان هذا العدد يعني تسريح ثلاثة أرباع القوة التي كان يأمل جميع أفرادها أن ينالوا شرف الجهاد في فلسطين.. وتم الرضوخ والاقتصار علي العدد المطلوب في حدود الأكثر قوة ولياقة وتدريبا والأكثر مناسبة للعديد من العوامل الأخري والمواصفات..إلا أن المصاعب والعراقيل لم تنته وأن الشروط السابقة وما تم الاتفاق عليه كان لمجرد كسب الوقت.. فقد تعذر وتعثر الحصول علي التسهيلات والتصاريح بمرور مجاهدي أنصار الحق من أي حدود توصل إلي فلسطين.. وأرسل سماحة السيد: الصادق بمراسلاته إلي كل من السيد عبد الرحمن عزام باشا -أمين جامعة الدول العربية-، السيد: اللواء محمد صالح حرب باشا -رئيس جمعيات الشبان المسلمين-، السيد: علي علوبة باشا -رئيس بعثة وادي النيل العليا-

السيد: رئيس وزراء مصر

السيد: سماحة المفتي الأكبر لفلسطين

يدعوهم فيه إلي التأييد والتحضير وفتح باب الجهاد لكل من يريد التطوع وتسهيل السبل؛ حتي يؤدي أهل الإسلام ما وجب عليهم من جهاد واستشهاد.

وأخيرا كان الرأي الذي وافقوا عليه جميعا.. أن يشق طريقة للسفر، حيث شاء علي حسابه الخاص..إذ أن الجامعة العربية لا يمكنها القيام بأعباء مئونة أو زاد أو زخيرة أو نقل هذا الجيش.. ولم يؤثر هذا القرار في صلابة مسعي السيد: الصادق أبو العزائم.. بل زاده إصرارًا وعزما.. إذ أن هذا الجهاد وهذه الهجرة إلي الله قد تكلفت حتي ذلك الحين أكثر من خمسة عشر ألف جنيه وهي لها مالها من قيمة ضخمة وكلفة عالية بمقاييس القوة الشرائية لذلك الحين.. فهو علي استعداد أن يضحي بكل غال ونفيس في سبيل هذه الدعوة وهذا الجهاد.. وأصدر سماحة السيد الصادق تعليماته بسفر الجيش المحمودي من الرحاب العامرة بقرية بني مهدي إلي القاهرة.. وفي 16/3/1948، أقيم حفل وداع للمجاهدين حضره خصيصا من القاهرة للمشاركة فيه رئيس حزب مصر الفتاة ومأمور المركز والأعيان والوجهاء وجمع عظيم في اجتماع روحاني جليل ومشهد مهيب.

وصباح الأربعاء 6 جمادي أول 1365هـ الموافق 17 مارس 1948 إذن للجيش بالمسير.. فاصطف صفا واحدا.. وأمامهم إمامهم ومرشدهم يمتطي جواده شاهرا سيفه.. وفي وداعهم حشود المودعين وأهالي القري المجاورة..في مسيرة امتدت حتي شاطئ الترعة الإبراهيمية، حيث كانت تنتظرهم السيارات التي أقلتهم إلي القاهرة وعلي الطريق كانت تخرج حشود أهالي القري والمركز يباركونهم ويتمنون لهم النصر.. وقد صحب الجيش المحمودي ثلاث نساء متطوعات للجهاد للقيام بأعمال التمريض والمتابعة العلاجية كحملة طبية مرافقة ومعاونة للطبيب المتطوع كأحد مجاهدي أنصار الحق وهن زوجات ثلاثة من المجاهدين المتطوعين ووصلت الحملة إلي القاهرة عصرًا وكان في انتظارها أيضًا جمع غفير من الهيئات والأحزاب.. وارتجل الجيش وسار في موكب عسكري منظم وزي موحد حسن المظهر كأفضل ما يكون الجندي.. واخترقوا شوارع القاهرة الرئيسية حتي وصلوا إلي سراي عابدين ودونوا اسماءهم في سجل التشريفات الملكية.. بعدها إلي مقر جمعية أنصار الحق بشبرا كانت وجهتهم للمبيت وانتظار التحرك.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عصام الزهيري
مشرف قسم القصص والروايات
عصام الزهيري


عدد الرسائل : 460
العمر : 51
الجنسية : مصر
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

فاروق عبدالخالق يكتب عن أهل الله أبطال الفداء..قصة الجيش المحمودي Empty
مُساهمةموضوع: 2   فاروق عبدالخالق يكتب عن أهل الله أبطال الفداء..قصة الجيش المحمودي I_icon_minitimeالجمعة 11 يوليو 2008, 4:42 am


وتجددت العراقيل مرة أخري «وبنص ما هو مدون باليوميات»، قام بعض الحاسدين الذين سلطهم الله امتحانًا لقلوب الصادقين المجاهدين يبثون أغراضهم بأن هذا جيش كبير وغير مدرب علي النظام العسكري... إلخ.

كل هذا وسماحة السيد الصادق يضرب مثلا في الصبر ويريد أن يخطو بالجيش كل خطوة قانونية لئلا يكون للناس علي الله حجة.. ولكي يقيم للعدل ميزان الاستقامة والنزاهة.

ولم تشأ الحكومة في نفس الوقت أن يظهر للرأي العام أنها تمنع هذا الجيش وتعللت وتكررت الوعود يوما بعد آخر.. وآخر.. إلي أن استقر الرأي أخيرًا بعدم التصريح بحركة هذا الجيش وهو مسلح داخل القاهرة وحتي الحدود مع فلسطين.. ولكن يجمع السلاح ولا يسلم لهم إلا عند وصولهم إلي حدود فلسطين.. وتمت الاستجابة وتم تسليم السلاح إلي السلطات المختصة.. كانت هذه القوة تمثل عامل ضغط علي الحكومة لكي يكون لها رد فعل يتناسب وهذه الرغبة الشعبية والجهاد ضد اليهود في فلسطين والدعم الإيجابي والفعال بمجاهدي فلسطين والوقوف ضد قرار التقسيم.

ولكن سياسة الخطوة للأمام والخطوتين للخلف التي كانت تتبعها الحكومات العربية، وضمنها الحكومة المصرية.. كان يفضحها اصرار المجاهدين علي الحرب في فلسطين.. لذا كانت المماطلة والمناورة.

وظل جيش المجاهدين بالقاهرة يوماً بعد يوم - حتي بعد أن تم جمع السلاح - يجدد نشاطه بتنظيم طابور عسكري في الشوارع المحيطة بالمقر احتفاظًا بلياقته البدنية لحين صدور التصريح.. ومر أسبوعان.

وإذا بمفاجأة قاسية.. إذ أن الحكومة والجامعة العربية وهيئة وادي النيل لم تصرح بسفر متطوعين.

وأعاد السيد الصادق محمود ماضي أبوالعزائم.. اتصالاته وسعيه ومراسلاته واسعة الشرح لهذه الحملة ونواياها الشريفة.. وقدر الاهتمام والهيئة والتدريب والتجهيز.. وكم المصروفات والتكاليف التي تم انفاقها.. وأيضاً كم العبء في الإنفاق الذي لا طائل وراءه، كلما طالت فترة الانتظار بالقاهرة والأولي أن يستثمر هذا الإنفاق في أرض المعركة.

وكرر لدي جميع الجهات المسئولة كي يتغلب علي دعاواها بعدم وجود اعتمادات للصرف أو إمكانات لدي هذه الهيئات.. أنه لا يريد من أي جهة رسمية أو غير رسمية أي مساعدات أو تبرعات أو دعم إلا التشجيع العملي لأوامر الدين وخدمة الوطنية وتوحيد كلمة الإسلام.

وأنه إذا لم يصرح له رسمياً.. فسيشق طريقه بالجيش عبر الصحراء والجبال، ولم يوقفهم عائق عن ارتياد شتي الطرق للوصول إلي الحدود.. سواء فرادي أو جماعات.

أربعة عشر يوماً مضت منذ الوصول إلي القاهرة.. إلي أن صدر أمر معالي وزير الحربية بالسفر فتوجه الجيش المحمودي «جيش أنصار الحق» إلي مسجد سيدنا الحسين وصلي صلاة وداع.

وتم بعدها إعداد العدة وتحركت قافلة السيارات حاملة المجاهدين وهم يرتلون المواجيد والابتهالات إلي أن وصلوا الإسماعيلية وبدأت جولة أخري من العراقيل أهمها المنع من السفر لعدم صدور التصريح بالمرور من نقطة الجمارك.. ورابط الجيش مدة ثمانية أيام بمدينة الإسماعيلية في سرادق إقامة المجاهد محمود سليمان غنام الذي أكرم مثوي الجماعة واخلي غرف داره للعارف بالله المجاهد سماحة السيد/ الصادق وجنوده طيلة هذه المدة.

وعاد إلي القاهرة وفد من المجاهدين للتفاهم علي كيفية تنفيذ الأمر الصادر من وزير الدفاع وحل المشكلة.. ولم يترك المجاهد/ أحمد حسين وفد أنصار الحق وحده.. بل رافقه في جولاته إلي جميع الجهات المعنية.

وكان الأهل وأهل المعية وعموم الشعب في الصعيد والقاهرة يتابعون أخبار حملة المجاهدين من جيش أنصار الحق وما يوضع في طريقها من عراقيل.

وفي نفس الوقت فإن أقرب الناس معرفة ببواطن الأمور والاحوال وأكثرهم احساسًا بها وأن المدة التي قضاها الجيش بالقاهرة والإسماعيلية وتتجاوز واحدًا وعشرين يومًا.. إنما يترتب عليها نفقات يصعب حصرها وتحديدها.. سواء مؤنة أو نفقات ومصروفات وإيجارات سيارات ووسائل نقل وضيافة ونثريات عدا نفقات الجيش.

د. سماحة السيد/ الصادق قد أخذ العهد والتزم ولا يقبل ولا ينتظر معونة من أحد.. «ولكن الله سبحانه وتعالي كفيل بعباده المؤمنين وكتب الله لهم العزة» لذا وبنص حديث ورد في كتاب أحد مسئولي الاعاشة.. فقد تبرع آل بيت مولانا ورحابه المقدس اغصان الشجرة المباركة وازدواج سماحة مولانا -حرمه المصون- بما يمتلكن من حليّ وذهب مساعدة لنفقات المهاجرين إلي الله الذين عاهدوا الله عهدًا لافكاك له إلي الأبد».

وقد سمعت شخصيًا في لقاء تم بقرية بني مهدي من الأخت الصغري لسماحة العارف بالله السيد/ الصادق رئيس جمعية أنصار الحق، والتي كانت تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا، عام 1948 أنها عندما شاهدت والدتها تخلع مصاغها وحليها وتخرج ما في صندوق ذهبها كي ترسله إلي ابنها في القاهرة، دعمًا له في تكاليف ما التزم به تجاه أنصار الحق خلال جهاد منهم وبهم للسفر إلي فلسطين والانفاق علي حملة المجاهدين.. فقد خلعت هي الأخري مصاغها وحليها عن طيب خاطر بما في ذلك مصاغ خطوبتها لتضمها، إلي ما سوف ترسله أمها إلي أخيها.

وحتي يوم 7 أبريل 1948 لم تفلح الجهود والمحاولات في الحصول علي التصريح بمرور المجاهدين وجيشهم إلي سيناء.. ومنه إلي فلسطين.

وكان لابد من اتخاذ خطوة وتدبير خطة لكسر جمود موقف الانتظار الذي لا يبدو له في الأفق نهاية.. فالحكومة ليست مهيأة لاتخاذ موقف حاسم.

فالتعاطف مع الشعب الفلسطيني والانفعال والحماس الشعبي يجبرها علي المسايرة قولاً وشعارًا، ولكن أن يتحول هذا التعاطف والاستجابة إلي المطلب الشعبي إلي أفعال حقيقية ودعم ومشاركة وتسليح الفدائيين والمجاهدين والمقاومين فلا.. وألف لا.. إذ أنه قد يورطهم في مواجهة الدول الغربية أو يستدرجهم إلي حرب لا يملكون لها جيشًا مستعدًا مدربًا مزودًا بالأسلحة والعتاد الحديث والمناسب.

لذا فقد اتخذ رئيس جماعة انصار الحق قراره بتقسيم المجاهدين إلي جماعات صغيرة تسافر باعتبارها أفرادًا منفصلين إلي القنطرة.. ومنها تركب القطار إلي رفح عبر العريش.

ورغم ما في هذه الخطة من جهد ومشقة وتضحيات.. كانت كتيبة أنصار الحق في أحوج ما يكون إليها.. ومنها حمولة ثلاث سيارات نقل من الأغذية والمؤن والمهمات تم الاستغناء عن أكثرها والاكتفاء بما يمكن حمله.

وبالفعل تحركت المجموعة الأولي وضمنها معلمها ومدربها المهندس: عز الدين عبد القادر والذي شارك بماله من خبرة ودراية عسكرية في تدريب هذه القوات وعلي رأس هذه المجموعة مولاها مؤسسها وقائدها رئيس جمعية انصار الحق، وقد وصل الفوج الأول إلي رفح الفلسطينية في الخامسة صباحًا.. وصل إلي بلاد لم يستطلعها ويدرس مواقعة فيها الدراسة الكافية أو فكرة عن خطوط التماس أو الفصل بين العرب واليهود.. إذ استنزف جهدة لمدة طويلة فيما لا طائل منه من قلق وتشتت وانتظار ملئ بالتساؤلات.. لماذا.. ولمصلحة من.

وهل هي محاولات لامتصاص حماس المجاهدين.. وتحويل أنظارهم في اتجاه يحيد بهم عن الهدف المنشود.. أو أن تتفكك كتيبة أنصار الحق بفعل شك أفرادها في جدوي الأنتظار.. أو أن تتغلب عليهم عوامل الحنين إلي الأهل والأولاد. ولكن خيب الله ظن كل من أعاق مسيرتهم.. فقد برهنوا علي حسن الطاعة والاقتداء بامامهم ومولاهم فهو منهم وفيهم ماداموا لأمره طائعين.. وبمجرد وصولهم إلي رفح فلسطين عاد سماحة العارف بالله السيد الصادق إلي الإسماعيلية للتصرف في أمر باقي المجموعة وترتيب سفرهم للحاق برفاقهم في رحلة الهجرة إلي الفداء والشهادة.. ولم يذق رئيس جماعة أنصار الحق الراحة ويستسلم لها عند عودته إلي الإسماعيلية.. بل أخذ في تجهيز باقي القوة.. وما يمكن أخذه من المؤونة والزخيرة.. وبرفقة القوت الممرضات الثلاث والطبيب السابق ذكرهم و تحركت القوة مساء يوم الجمعة 9 أبريل 1948، 29 جمادي أول 1365هـ من الإسماعيلية بالسيارات إلي القنطرة.. ومنها بالقطار إلي رفح.. فوصلوها في السابعة صباحًا ومنها إلي حيث المعسكر الذي سيقيمون فيه فأنضموا إلي الفوج الأول..وفورًا بدأت الاستعدادات وتوزيع المهام كل في اختصاصه سواء في الشئون الإدارية، أو المطبخ، التمريض، الحراسات، الخدمات وتوزيع كل منها إلي موقعه.. وأخيرا وبعد 23 يوما من مغادرة المجاهدين لقرية بني مهدي وصلوا إلي أرض الفداء والشهادة والجهاد أرض فلسطين بدأ أنصار الحق وجنود الرحمن مرحلة جديدة من مراحل الجهاد.. تتطلب توجيهي وميثاقا يلتزم به الجميع.. لذا ما أن استقرت الأحوال بالمجاهدين في المعسكر حتي صدر البيان التالي.

بيان من أنصار الحق عن هجرتهم

قال تعالي: «يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة» صدق الله العظيم

عملا بهذه الآية فرض علينا الجهاد بالمال والنفس والروح لإنقاذ فلسطين العربية والدولة الإسلامية من خطر الصهيونية الكافرة الجاحدة ولو علي آخر قطرة من دماء أنصار الحق.. ونعتبر أن فلسطين هي البلد الحرام وإحدي القبلتين التي أمر عليه الصلاة والسلام بالحج إليهما والتوجه إليهما بالدعوات وجعلها موضع التشريف والتعظيم كمكة والمدينة، فلذا هدف الجماعة بأمر صاحب الخلافة المحمودية قائدنا السيد: الصادق محمود ماضي أبو العزائم

1- القضاء علي الصهيونية في كل مكان من جميع بقاع فلسطين.

2-الجهاد في سبيل الله لا نريد أجرا ولا رياء ولا شهرة ولا ثوابا إلا الموت.

3- نشر تعاليم الدين الإسلامي واحياء سنة الرسول واخلاق الصحابة وتطهير جميع بقاع المناسك الدينية من كل شبهة وفساد.

4- اثبات كل غزوة بين العرب واليهود واعطاء كل ذي حق حقه بياناً للناس عامة وإظهاراً للمجاهدين سوا ء كانوا مصريين أم سوريين أم فلسطينيين أم أردنيين أم حجازيين أو عراقيين حيث التقينا بني الإسلام جميعاً في مكان واحد بمقصد واحد «علي الموت تعاهدنا» في ميدان الجهاد.

5- مد يد المساعدة بكل ما نملك من مال وقوة ورجال وسلاح لنصرة العرب.

6- الاقتصاد في كل شيء حرصاً علي المنفعة العامة العربية حيث الاقتصاد نوع من الجهاد

7- التعاون مع كل مسلم وكل عربي «مخلص صادق مجاهد» تتوافر فيه شروط الجهاد علي أن نكون يدًا واحدة وكلمة واحدة.

8- احترام الأوامر العسكرية الحربية الصادرة إلينا من القيادة العامة والهيئة العربية العليا.

9- ينسب جهادنا وشعارنا وتضحياتنا وأرواحنا لقائدنا السيد/ الصادق محمود ماضي أبو العزائم.

10- نحن أنصار الحق أولاً.. المصريون الإسلاميون العرب أعداء الاستعمار والشيوعية في كل مكان علي أرض البسيطة.


الدستور 9/7/2008


[/font]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رشا صابر

رشا صابر


عدد الرسائل : 379
العمر : 41
الجنسية : مصرية
تاريخ التسجيل : 04/07/2008

فاروق عبدالخالق يكتب عن أهل الله أبطال الفداء..قصة الجيش المحمودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: فاروق عبدالخالق يكتب عن أهل الله أبطال الفداء..قصة الجيش المحمودي   فاروق عبدالخالق يكتب عن أهل الله أبطال الفداء..قصة الجيش المحمودي I_icon_minitimeالجمعة 11 يوليو 2008, 10:49 am

هذا المقال ما أروعة حقا ، وهذه الجوانب الغير ظاهرة من تاريخنا لابد من تسليط بعض الضوء عليها لتتضح أكثر واكثر
شكرا للأديب عصام الزهيري على هذه المقالة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عصام الزهيري
مشرف قسم القصص والروايات
عصام الزهيري


عدد الرسائل : 460
العمر : 51
الجنسية : مصر
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

فاروق عبدالخالق يكتب عن أهل الله أبطال الفداء..قصة الجيش المحمودي Empty
مُساهمةموضوع: رد: فاروق عبدالخالق يكتب عن أهل الله أبطال الفداء..قصة الجيش المحمودي   فاروق عبدالخالق يكتب عن أهل الله أبطال الفداء..قصة الجيش المحمودي I_icon_minitimeالأحد 27 يوليو 2008, 4:19 am

الأديبة رشا صابر
أماط الكاتب اللثام عن صفحة مجهولة من تاريخنا القريب فما بالنا بالبعيد؟..هي صفحة من تاريخ البسطاء الذي لا يهتم به عادة التأريخ الرسمي. ما أهم هذه الصفحات التي لا تزال في حاجة إلى تسليط المزيد من الضوء عليها لنعرف أكثر عن تاريخ ما أهمله التأريخ
شكرا لحضورك اللطيف وملاحظتك الثاقبة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فاروق عبدالخالق يكتب عن أهل الله أبطال الفداء..قصة الجيش المحمودي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فضاء الإبداع :: المنتدى العام-
انتقل الى: