مجموعة حسين عجيب \ ( بيتُنا
الشاعر: دمر حبيب
منذ العام 2005 وهذه المجموعة الشعرية عالقة بالشبكة العنكبوتية
كما تعلق الأغاني في الروح
لكن الآن وهي بين يدي على الورق أشعر أنّ مدينة ما تعيد
ترتيب شوارعها في قلبي
( بيتُنا ) هذا هو عنوان المجموعة الجديدة للشاعر حسين عجيب
عندما أقول لك صدرت للشاعر حسين عجيب مجموعة شعرية جديدة
لا يعني هذا أنّك ستقرأ على غلافها اسم دار نشر ما
وليس بالضرورة أن ترى لوحة غلاف لفنان تشكيلي ما
انما قد تجد غلافا مطليّا برمل الشاطئ
وشهقات أصدقاء تمتد أوردة لدم هذا الشاعر
وان رأيته مصادفة في مقهى قصيدة النثر في اللاذقية
أو في شارع حزين من شوارع تلك المدينة التي تثرثر في قلبه
سيكتب لك اهداء على ديوانه لكن على الصفحة الأخيرة
ذلك لأن الصفحة الأولى لم تحضر العرس بعد
فهي مشغولة باكتمالها في غصن بعيد ....
كان للخوف حضور كبير في قصائده حتى وصل الى خوف الخوف
فالخوف هنا لا يأخذ معناه التقليدي فهو يتغلغل في كل شيء يتدحرج في سهول
العمر والتجربة ... في الهوية والحب والكذب وفي نفسه أيضا .
( يصعب وصف الخوف من الداخل
يتّسع ليسع العالم
يضيق ويختنق بنفسه
وكأننا جميعا أتينا بعدنا
كدت أنجح في اخماد الرغبة )
( ... المحارب يأخذ شكله من الموت . )
( بل ستنظر الى الأسفل دائما
لتعرف أن الخوف أعمق من التجربة .. )
( ... أنت فتحت الباب فقط
لتكرر ما سبق وفعلته
وأنت تحدّق في الهاوية . )
هذا الشاعر لا يعقد صفقة مع دموعك ولا يساومها أو ينقّب عنها
لا يستمطرها ... بل هي ... دموعك تستعطشه
فيرمي حزنه في عينيك حتى يسيل الدمع من مخيّلتك
ذلك لأنه يتعرى أمامك ونشوته تتمسّك به
( لا أحب الكلام ولا أجيده
أنا الأعزل الحائر
ماذا فعلت لك يا الهي ؟
هل اعتبرتني خصما ؟
هل حطّمتني بدراية وقصد وتخطيط ؟
لا الأرض ولا السماء حجتي
فبم غلبتني يا الله ؟ )
( ... خطئي أنني ظننت الخلاص في مكان آخر
هكذا هي الرسائل
لا تصل أبدا )
في نصوصه دائما تجد قلقا وجوديا يجعلك تغيّر طريقك احيانا
وقد يجعلك تدقّ جسدك عند منعطف ما وتنتظر قهقهة العابرين
الخلود هو كذبة الزمن هنا والمكان صيحة توسّع حدقة العين
حتى ترى موتك .. حتى ترى كم أنت طويلا كذبت على نفسك
وصدّقتك المرايا
ولعل للغربة النفسية والفكرية التأثير الأقوى في جعل هذا الشاعر
يتأمل كمفترس ويتكلّم كفريسة
( أنت منتصر
فأنت وحيد ...
لا يحتاج العظماء لمن يشاركهم أمجادهم
الهيبة والعزلة والفراغ
ثمن بخس للخلود .. .... )
( عرفت الكثير ممن يعرفون كل شيء
وآمل وأرجو ألّا ألتقي بأحدهم ثانية )
( الأسلاف
هلكوا خلف أعمدة النار
الغبطة والحبور نصيبهم
يا لهم من أشقاء في المكيدة والندم
كان الحقّ الى جوارهم ويسحقهم ببطء )
( ... كانت اللاذقية صغيرة و قبيحة
وكنا نشرب العرق
لنراها أجمل )
( دارت اللاذقية على كعبي هذا المساء
لم أجد أحدا ..... )
(رأيت عجز اخوتي وأصدقائي
وكان الخوف عاريا بلا صباغ
اندفعت بكل قوتي
لأزحزح تلك الصخرة
ملامحهم تهجم على وجهي كالخفافيش
في جبلة دائما النمر يأكل البقرة )
كثيرا تجد نفسك أمام كتمان ما
لا نستطيع أن نكتشف أنفسنا ليس لعدم قدرتنا على فهمنا
بل لأننا نخشى تدمير أية آلية دفاع نفسيّة لطالما كنّا نحارب بها
الاخر ونحارب بها ضعفنا وخوفنا ويباسنا
حسين عجيب شاعر يغوص عميقا في النفس
يكشف عن ارتباكها وفوضاها ويقدمها لك بكل صدق
لذلك عندما تقرؤه ستجده يكسر صناديقك السرّية من الداخل
سيدخلك من قاعك كما تدخل الجزيرة البحر
فأصابعنا متشابهة الى حد كبير رغم اختلاف البصمات
( ...هل قلت شيئا ؟
هل ترغب أن تقول شيئا ؟
تلك مشيئتك وذلك كنزك
كان الصوت غامضا
ليتك تشعر وتدرك
الفراغ هو أنت . )
( .... شفقة الضحية هي الأسوأ
هي الوجه الأقسى للموت
من يقوى على اغراء القاع ؟ )
( ... تراني مواربا في الصمت والكلام
قبلت ضعفي وحميته
كي لا أترك ندبة في سيرة العائلة )
لا تطرق الأبواب عندما ستدخل مجموعة حسين عجيب
كل الأبواب مفتوحة وحتى الجدران تمد شقوقها لتصافحك
وهو ليس بيته وحده
انّه ( بيتُنا )
وأنت أيها الشاعر حسين
الكأس لن تنتظر طويلا
لأننا سنعصر السماء
ولن ننتظر وصول البحر .
دمّر حبيب
17\ 7\ 2008