رشا فاضل
وجع العراء يفترش مداد الظل
وثمة أنتِ في الطرف الآخر من الجرح
تمكثين في النوم منذ ستة أعوام ..
ستة جراح
تشتعل كل يوم في رماد القلب..
وفي روحي المصلوبة بحنانكِ البصري
الذي لاتجيده كل أمهات الكون ..
وجع العراء يحملني من سرير الصحو
ويطوف بي بين الوجوه الغريبة ..
الجسد غواية الأسئلة وغايتها ..
والصبح حلم راعف فوق كفكِ الغائبة
حد اللعنات ..
حد الإنكفاء في رائحة قماط
يحمل دفء ضمادة ..
كبرالجسد .. معمّدا بلعاب النهارات الزائفة ...
وبقي القلب موشوما برائحة شاي معتّق
تعلّله يداكِ وهي تنثر الهال في سواد أيامه
لترقي الذاكرة من النسيان ..
وفي مرايا الليل يشرق وجه الإنكسارات الكبيرة ..
هنالك حيث تغمر وجه القمرالشاخص
نحوكِ لعله يوصل رعشة النداء ..
مازلت أتدفأ ببقايا شيبكِ العالق في مشطي الصغير ..
وأتلو تعاويذ الرحيل
فوق جسدك المسجى بين كفن التراب .. وكفي
اغفري لي اني اجترح الحياة بعدك بكل هذا النزق
..واني لم ازركِ في مملكة الرمال حتى اليوم ..
بيني وبين البصره ..
ينتصب الرصاص الملثم
ليقتنص بهجة عناقنا المؤجل حتى موت اخر ..
افسحي لي مكانا قرب رائحة عرقكِ
اتدفأ بها فالعراء بارد هذه الليلة..
لن ازعجك بصوت انفاسي التي اضاعت الدرب للهواء ..
كلانا عانقنا كمامات الاوكسجين وابر الكورتيزون ...
كان المرض صديقا حميما لكلينا
لكنه في نهاية اللعبة فضلك علي لتكوني صديقته الاجمل
ولأكون صديقة الهواء الفاسد ..
الهواء اختناق مؤجل ..
وبقايا انفاسك ترسم كفني الاخر باناقة ممدة فوق سرير الهزيمة ..
اقول لكِ ان الرصاصة اكثر حنانا من الاختناق او الموت صمتا !
لكنك تصرين وانت تطرقين باب احلامي الراعفة :
لماذا لم تشربِ دواءكِ هذا المساء ؟
اقول لك ان الهواء عار من الصحة ..
وان وجهي لم يعد لي ..
وان الأطفال الذين تركتيهم صغارا
كبروا الان
واني عدت اصغر بكثير مما تركتني
اقول لك ان العراء يرتديني
كلما توسدت صورتك المعلقة بين الهدب والهدب ..
واقول لك فيما اطلق من هذيانات ..
ان الليل طويل ..وقاس..
وان الوطن ناء مثلك .. فقد انتبذ هو الاخر قصرا في الرمال ..
وانني وحيدة..وحيدة ..
وان النجمة العالقة في اذيال السماء انطفاء مؤجل ..
اقول ان الريح تصفر في جسدي العاوي
مثل فزاعة تنتصب في قلب العدم ..
كان هنالك جسد ..
وكانت يدك التي تهدهد وجعه وتلم شعثه وتهندم حزنه
كان هنالك انتِ
تعبّدين الدرب بالياسمين
وتعفّرين الارصفة بالادعية
لتحفظ خطواتي وهي تمرعليها
لئلا يخدشها الهواء العابر ..
وكنت لا اهاب غضب الموج
لانني ارى ابتسامتك تقف خلف الاعاصير
ووجه السماء الملبد بالمجهول ..
غابة من الصبّير تنمو فوق عصب الانتظار ..
صبح العناق بعيد ..
والمحطة يعلوها غبارالعابرين بلا خرائط..
ووجهكِ في الافق يلوح لي الاّ عناق بين الرمل والهواء ..
وصوتي يتسامى في ليل الوحشة والخوف :... اغلقوا النوافذ ..
اطفئوا الشموع.... حتى النور يجرحني بغيابها العسير .