دكتور : محمد ربيع هاشم Admin
عدد الرسائل : 1663 العمر : 54 الجنسية : مصر تاريخ التسجيل : 12/05/2008
| موضوع: سولجينتسين وريث دستويفسكي المريب يمضي إلي المنفي الأخير الثلاثاء 05 أغسطس 2008, 10:32 pm | |
| 05/08/2008 اعتقل لأول مرة بسبب خطاب أرسله إلي صديق ..وخروشوف استخدم أعماله لتشويه صورة ستالين
توفي، أمس الاول، الأديب الروسي الشهير "ألكسندر سولجينتسين" عن عمر يناهز 89 سنة جراء أزمة قلبية أودت بحياته.و سولجينتسين الأديب الذي عاش حياته المديدة في عزلة فرضها عليه النظام السوفيتي, هو واحد من أهم الأدباء الروس في النصف الثاني من القرن العشرين . وتكشف سيرة الراحل عن جملة من التحولات الدرامية فقد ولد الكسندر سولجينتسين في 11 ديسمبر 1918 بمدينة كيسلوفودسك الروسية لأسرة بسيطة. درس علم الرياضيات بجامعة روستوف وتخرج فيها عام 1941،بينما كان يأخذ دروسا موازية بمعهد موسكو للفلسفة والآداب والتاريخ. وتزوج من ناتالي اليكسييفنا عام 1940، لكنهما انفصلا في 1950 . وتزوج مرة أخري عام 1973 من ناتالي سفيتلوفا ,وأنجب منها ثلاثة أبناء .
كتبت : سلمي الورداني
وخلال الحرب العالمية الثانية، حصل علي رتبة نقيب بالجيش السوفيتي. لكنه اعتقل في الفترة بين (1945-1953) بسبب خطاب ارسله إلي أحد أصدقائه ينتقد فيه الزعيم السوفيتي "جوزيف ستالين " . وخلال فترة وجوده بمعسكرات الاعتقال، حصل الكسندر علي درجة علمية في الرياضيات والفيزياء، ثم انتقل في السنوات الأخيرة من فترة الاعتقال إلي معسكرات الأشغال الشاقة بجمهورية كازاخستان الاشتراكية السوفيتية، وهناك أصيب بسرطان في معدته عبر عنه في روايتيه اللتين كتبهما لاحقا "الدائرة الاولي" و"معتقل السرطان" . وفيما بين عامي 1953 و1956، نفته السلطات إلي قرية صغيرة جنوب كازاخستان، حيث عمل مدرسا للفيزياء والرياضيات . وخلال هذه السنوات كان يكتب عددا من الروايات والأعمال الأدبية لكنه لم ينشرها خوفا من السلطات . وعندما بلغ الثانية والاربعين من عمره، كان لديه عدد من الأعمال الأدبية غير المنشورة. ولكن عندما انتقد الزعيم السوفيتي السابق "نيكيتا سيرغيفيش كريشوف" ستالين علنا، أصبح المناخ العام أكثر حرية وتسامحا، وساعد ذلك ألكسندر علي نشر كتابه الاول "يوم واحد من حياة ايفان دينيسوفتش". راية التمرد والمؤكد أن روايته الأولي "يوم واحد من حياة ايفان دينيسوفتش" عام 1962 كان لها الفضل في شهرته الكبيرة إذ يحكي فيها عن تجربة اعتقاله التي استمرت ثماني سنوات في سجون الاتحاد السوفيتي. ورغم أن هذه الرواية كانت العمل الاول له الا أنه اكتسب بفضلها الكثير من الشهرة والنجاح الذي جعل منه أديبا عالميا بكل المقاييس حيث تعرف عليه الغرب، بوصفه كاتبا مضطهدا من الاتحاد السوفيتي . وتبعا لذلك احتفت به دور النشر الغربية وترجمت الرواية إلي لغات أجنبية عديدة. ومن اللافت للنظر ان الزعيم الروسي خروشوف احتفي بالرواية ، نظرا لتماشيها مع رغبته في فضح الجرائم الستالينية ورغبته في استمالة الرأي العام لجانبه في مقارعة الحرس القديم من بقايا القيادة الستالينية. وبفضل هذا المناخ رفعت رواية سولجينتسين الأولي راية التمرد علي النظام السوفيتي الذي اوجدته الثورة الاشتراكية كما كانت أولي بشارات الخروج علي الخط الذي رسم للكتاب السوفييت وألزموا باتباعه لسنوات عديدة. وأكتسبت روايته الاولي أهمية ليس فقط لجرأتها الشديدة وواقعيتها، ولكن لانها كانت أول عمل أدبي سوفيتي ذي دلالات سياسية يكتبه احد المعارضين للحزب الحاكم في القرن العشرين. وتدريجيا قدم سولجينتسين مجموعة من الاعمال الادبية المتنوعة منها الرواية والقصة القصيرة والمسرحية والشعر النثري, و حاز في 1970 جائزة نوبل للاداب عن مجمل أعماله الادبية ومنها "يوم واحد من حياة ايفان دينيسوفتش" 1962,و"أرخبيل جولاج" 1973 و "الدائرة الاولي" و"جناح السرطان" و"الطاحونة الحمراء". وقد نال ألكسندر شهرته من أعماله الأدبية التي تحدثت في وقت مبكر عن أجواء المعتقلات ومعسكرات العمل الإجباري التي أقامها النظام الستاليني لمعاقبة المنشقين والمشكوك بولائهم للسلطة، والذين كان هو نفسه منهم. واستقصي في قصصه القصيرة مثل (اليد اليمني) 19 معاناة الحياة في الأقاليم البعيدة في الزمن السوفيتي حيث الجوع والفقر والإهمال وعبودية العمال. تدليل الغرب واستكمل ألكسندر في رحلته الأدبية الاتجاه الواقعي في الأدب الذي بدأه رواد الأدب الروسي مثل دستويفسكي وتولستوي، وأضاف عليها رؤيته الناقدة لأوضاع كل من الغرب والشرق . وقام بين 1983 و 1991 باعادة كتابة التاريخ الروسي خلال سنوات الثورة وجمعها في كتاب من عدة أجزاء بعنوان "العجلة الحمراء"، إلي جانب ذلك كتب القصص القصيرة والمسرحية والشعر. وقدم القصيدة النثرية المتميزة التي تجمع بين ايجاز بودلير وثراء المضمون ودقة التعبير والذكاء في العرض. وقد احتفي النقاد بأدائه الشعري ووصفوا قصيدته النثرية بأنها قدمت ما عجز النثر القصصي التقليدي أو القصيدة المقيدة أن تبلغه، وعبر في قصائده عن معاناته الذاتية وعن قيم وجودية مثل جدلية الجمال والقبح وحرية الروح وسر الحياة ومرارة الحقيقة. وحرم ألكسندرمن جنسيته السوفياتية في عام 1974 ,لدي عثور السلطات علي مسودة كتابه "أرخبيل جولاج" وطرد من روسيا ليعيش في المانيا وسويسرا ثم في الولايات المتحدة التي حصل علي جنسيتها في ذروة المواجهة بين بلاده وأمريكا خلال سنوات الحرب الباردة . وفي منطقتنا العربية ارتبط حضوره بالجدل الذي دار حول احتضان الغرب لكاتب تم النظر اليه دائما من قبل اليساريين باعتباره " كاتبا منشقا " احتضنته امريكا ، وروج الغرب لاعماله التي اعتبرت معادية لليسار ربما لانها كانت تنتقد صور القمع خلال فترة حكم ستالين وكشف فيها عن واقع معسكرات العمل المجاني في السنوات التي اعقبت الثورة الروسية وحوكم بسببها بتهمة " الدعاية ضد النظام " وبعد سنوات من سقوط النظام السوفيتي بدأت روسيا تعيد النظر في موقفها من كاتبها الكبير الذي عاد في العام 1994 . وأّلف عند عودته مجموعة قصصية كبيرة هي "الحبوب بين حجري الدمي" وهي عبارة عن مذكرات لفترة إقامته في الغرب، وكتاب كبير من جزئين عن تاريخ العلاقات اليهودية الروسية بعنوان "مائتي عام من العيش المشترك" في 2001 و2002 . سنوات العزلة ورغم احتفاء رجال الفكر به منذ عودته من أوروبا اذ لقبوه بـ "ضمير روسيا الحي" وانتخابه في 1994 عضوا في الاكاديمية الصربية للعلوم والفنون وحصوله علي جائزة الدولة الروسية للأعمال الإنسانية في يونيو 2007، الا أنه عاش هو وزوجته في عزلة تامة في إحدي ضواحي موسكو منذ عودته من أوروبا ولم يكن ليظهر الا نادرا، وهذه العزلة التي حوصر بها صاحب نوبل بسبب كتاباته التي صدمت المجتمع الروسي، وسلبيته في الوقت ذاته إزاء أكثر قضايا بلاده الحاحا . غير ان هذه العزلة لم تمنعه في مناسبات كثيرة من توجيه انتقادات حادة إلي القيم الاستهلاكية داعيا إلي العودة إلي القيم الاخلاقية التقليدية ، كما انتقد بشدة السياسات التي انتهجتها الولايات المتحدة الامريكية وقال بأنها تسعي إلي «تجريد روسيا من سيادتها» كماحذر من السياسة العدوانية لحلف الاطلنطي وواشنطن التي تحمل شعارات نشر الديمقراطية الغربية وقال إنها يمكن أن تؤدي إلي انهيار الحضارة المسيحية برمتها« ما يعني خيبة أمله في السياسة الامريكية بالكامل. ملفات مفتوحة وشهدت الفترة الاخيرة من حياته ظهور العديد من الاعمال التي هاجمته ككاتب ورجل مقاومة وفكر، من أهمها كتاب "صورة علي خلفية الاسطورة" للاديب المعروف "فلاديمير فوينوفتش" الذي أثار ضجة كبيرة منذ صدورها، حيث يقول فيه فوينوفتش إن سولجينتسين خرافة صاغها الخيال الجمعي، ويقيمه علي أنه أديب متوسط المستوي لايستحق جائزة نوبل، وأن العمل الوحيد له الذي يحظي بالتقدير هو يوم واحد من حياة ايفان دينيسوفتش، والروايات الاخري تبعث علي السأم. وكذلك كتاب " وداعا للاسطورة" لالكسندر اوستروفسكي الذي سعي فيه لتهشيم الاسطورة التي رسمت عن سولجينتسين لعدة عقود وتصويره كداعية إنساني عظيم وعبقري وصوت الملايين ووريث التقاليد العظيمة وضمير الامة ومعلم الحرية وغيرها. واتهم ألكسندر بأنه صنيعة اجهزة الامن السوفيتية، وأنه عمل مخبرا في فترة اعتقاله لينقذ نفسه من الموت. والمؤكد أن موته سيفتح صفحات جديدة في ملفه المتخم بالتحولات والانتقادات التي تظل بعيدة عن قيمته الأدبية .التي دفعت الرئيس الفرنسي ساركوزي امس إلي أن يوجه تحية لذكري الأديب الذي اعتبره وريثا شرعيا لدستويفسكي. عن جريدة البديل | |
|