الحجرة اقتسماها ، النصف الأوت مرسم ، الآخر
أشياؤه مبعثرة ، كلاهما ارتضيابالجوار والمرافقة
فى الحجرة على أن يلتزم كل منهما بنصفه 0
فرشاته تضع خطوطاً فوق اللوحة ، الألوان تتناغم
مع طيور النورس التى حطت فوق وجهها الملائكى ،
الوجه ينطق والبلابل فى عينيها تغرد 0
أوصدت باب حجرتها ، من بين طيات ملابسها أخرجت
مجلة ملونة صورها ، ألقت ببلوزتها والجونلة 0
على الجانب الآخر المبعثرة أشياؤه ، كان يقف خلف درفتى
الشباك ، يراقبها ، عيناها تنغرسان فـى المجلـة ، عيناه
تطوفان بجسدها ، شعرها الأسود ينطلق كالمهر فوق كتفيها
العاريين 0
يغمس فرشاته ، فيضفر من خلفيتها زرقة سماوية 0 شردت
عيناه فيما وراء السماوات ، ابتلع نصف فنجان القهوة ، أطرق
رأسه مفكراً فى وضع الشمس عن يمينها ، أم اكتمال القمر فى
كفيها ، نظر عبر النصف الفوضوى ، وجده مستغرقاً فى طوافه ،
قال له متسائلاً :
- كيف رأى سيدنا يوسف الشمس والقمر يسجدان له ؟
لم يلتفت أليه ، مبحراً فى طوافه ، والعرق يسح محدثاً مع
أنفاسه اللاهثة نقراً خفيفاً على حافة الشباك ، كان يود لو
انتقلت عيناه إلى الجانب الآخر ، يطوفان معـاً الصفحـات
الملونة يمارسان رياضة التزحلق فوق أوراقها المصقولة 0
بصوت مرتفع كرر سؤاله ، عندما لم يتلق منه رداً سكب بقايا
فنجانه فى الألوان ، وأشعل النار فى اللوحة 0
فتحـى سعـد
أغسطس 1990
* من مجموعة : مرايا الرحيل 0