بالأمس حلمت بكِ .
فى الصباح ضاعت كل تفاصيل الحلم بدأت فى احتساء الشاى ، نظرتُ فى المرآة ، كان مظهرى العام مُرضِياً !
دق هاتفى الجوال رنة .. ثم أعقبتها رنة أخرى .
كان رقم هاتفك ، ثم توسد أذنىَّ الصمت .
أسبوع مرَّ على بداية رناتك الهاتفية . رنة .. تعقبها رنة أخرى ، ثم يتوسد الصمت أذنى َّ ، ورنين الفراغ يملأنى بالوحشة .
قررت أن أتصل بكِ .
فجاءنى صوتك عذباً ،
رقيقاً ،
ودافئاً ..
دخلنى مجتاحاً جميع خلايا جسدى .
استفسرت منكِ عن كنه هذه الرنات المتوالية كل نصف ساعة .
متسائلاً : من أنتِ ؟
وكيف عرفتِ رقم هاتفى ؟
فكانت إجابتك الهادئة
- ربما يكون أخى ، لما يجى أبقى أسأله .
- شكراً ، كل سنة وأنت طيبة .
- وأنت كمان طيب .
أنقطع الحديث ، لكن نبرات صوتك مازالت تبحر فى
أنسجتى ، متدفقة فى دمى ، ولم ينقطع رنينك المتواصل ، أصبحتُ أنتظر رنينك بلهفة ، كان رنينك كافياً ، ليشعرنى بوجودى ، بأن هناك آخر يذكرنى ، وإن كنت لا أعرفه ، لكنى بدأت أحبه ،
وبدأت أتخيِّلك ، أرسمك بريشة مُخيِّلتى الجامحة فوق أمواج الضياء ، وأنت تنسكبين بهاءً ، وألقاً على كون غامض ، أعيش فيه ، يدثرنى ببرودة وحدتى ، فأجرى على الشاطىء محتمياً برسمى لك لوحة جميلة ، رائعة ، لا تنتمى لهذا الكون .
أنتهيت من أخر رشفة لكوب الشاى ، نظرت نظرة خاطفة للمرآة ، يملؤنى احساس كامل بالرضل .
انزل درجات السلم ، اجتاز طرقات الحارة ، يستقبلنى الميدان الوسيع بضجيجه ، استقل الباص،
انحشر فى الزحام الشديد ، التصق بفتاة ترتدى بنطلوناً جينز ، انحشرت فيه ساقاها ، كانت عيناها رائعتين فيهما مزيج من الألق والشقاوة ، نظرت فى ساعتى ، مازال الوقت مبكراً على وصولى إلى عملى ، حاولت أن أنحرف بزاوية متزحزحاً عن الفتاة ، لم أستطع ، ظلَّ التصاقنا مواجهة .
حاولتُ أن أستعيد تفاصيل الحلم ، كان حلماً يشعرنى بالرضا ، ولكنى عاجز عن استرجاع مشاهده .
تزحزحت الفتاة معلنة نزولها فى المحطة القادمة .
كانت المشاهد تترى على مخيلتى ، لكنها باهتة ..
وغامضة .
من النافذة لمحت الفتاة ، وهى ممسكة بالموبايل ،
رنة .. ثم أعقبتها رنة أخرى .
كان الباص قد بدأ فى التحرك ، حاولت النزول ، كانت سرعة الباص قد اذدادت ، لم استطع النزول
للحاق بها ، وكانت تفاصيل الحلم أمامى رائعة ..
ومدهشة ،
كنا نرقص كعصفورين نورانيين ، عند حافة نهر الكوثر ، قافزة منه أطواق القواقع بألوان الطيف الباذخة بأطفال تتدلى فوق صدورهم عناقيد الفل .
فـتـحـى سـعـد
أغسطس 2005
قـنـــــــا