خصر الكرة الأرضية لم يكن نحيلا
(إلى عيسى حيدر الذي حين مات ابتلعته غيمة)
لاتمت ياصديقي غدا نرسل القطة بطرد بريدي دون طابع ونقيم عرسا للفئران لاتفتح شباك نافذتك الشرقية لان مصباح شارعك مكسور غدا أهبه عيني ليضيء ومع نيسان ككل أشجار الكرز ستزهر لي عينا أخرى شديدة الزرقة أعلقها زرا في قميصك, لاتخرج في الشتاء إلى الجبال فأنا أخاف على بياض ذقنك من حسد الثلوج, لاتستمع لكلام أمك حين تقول لك تزوج ,فبعد الشتاء أقسم أن أزوجك الزهور...(كل مانحبه يرحل أو يموت ) لاأذكر من قال هذا ولاأعرف إن كانت هذه العبارة تماما صحيحة.
كانت هذه رسالتي الاخيرة التي وصلته قبل موته.
ممدد أناهناك حيث فجيعتي بك كذهول المواطن الأمريكي لحظة انهيار برج التجارة, وحيدا وفي الوقت الغير مناسب تركتني مبللا كطفل في عامه الأول...
ضحكتك الرجولة كلها أيقظت الأرض فراحت تمشط شعرها وشدت خط الاستواء على خصرها,وضعت على فمها الشمالي لون الكرز,بللت بإصبعها البحرالأحمر وجاءت إليك بكل فصولها لتحتلها,
سأخبرك سرا لأن الأموات وحدهم لايفشون الأسرار: أبي كان يقول أنك أسوء أصدقائي علمتني التدخين والسهر والكسل وكل الأشياء السيئة,لكن أمي كانت تعرف أنك تغطي فضاء عمري بالفرح كمحطة بث محلي ... ربما سيعجبك أن أخبرك أيضا أن امرأة لها غرفة بشبابيك ملونة تسأل عنك أعرف أيها (...) أنك تحب هذا ويوجعك قلبك وأنت ميت حين تسأل عنك أنثى جميلة.
الآن وبعد خمس سنوات من رحيلك اكتشفت الأرض أن خصرها لم يكن نحيلا بما يكفي لتنتبه له, وأبي أدرك أنه كان مخطأ فأنا لم أتغير لازلت أقول أني سأسرق بيروت وامضي بها إلى بغداد لنشرب البيرة الرديئة قرب موقع دمر للتو,وأن خطاياك نادرة وجميلة كمطر فوق الصحراء وحزنك ودود كأرصفة دمشق القديمة ولازلت أهمس للأولياء أنك الحالة النادرة والمدهشة التي عجز عنها الطب الحديث, وأنا لا جديد لدي سوى أني احترفت التدخين واشتقت لك أكثر.
كانت هذه رسالتي الثانية التي لم تصله.
رامي نور
ramenoor@hotmail.comأوكسجين