فضاء الإبداع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فضاء الإبداع

هذا فضاء للجميع فدعونا نحلق معا في أفق الإبداع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أدباء فلسطين المحتلة يجيبون عن هذا السؤال هل تحـــــرر الأدب الفلسـطيني من «تابوهـــات» النكبة؟

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عصام الزهيري
مشرف قسم القصص والروايات
عصام الزهيري


عدد الرسائل : 460
العمر : 51
الجنسية : مصر
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

أدباء فلسطين المحتلة يجيبون عن هذا السؤال هل تحـــــرر الأدب الفلسـطيني من «تابوهـــات» النكبة؟ Empty
مُساهمةموضوع: أدباء فلسطين المحتلة يجيبون عن هذا السؤال هل تحـــــرر الأدب الفلسـطيني من «تابوهـــات» النكبة؟   أدباء فلسطين المحتلة يجيبون عن هذا السؤال هل تحـــــرر الأدب الفلسـطيني من «تابوهـــات» النكبة؟ I_icon_minitimeالخميس 22 مايو 2008, 3:18 am

أدباء فلسطين المحتلة يجيبون عن هذا السؤال:
هل تحـــــرر الأدب الفلسـطيني من «تابوهـــات» النكبة؟




كتبت: علا الساكت

هنا تجتمع الشهادات الفلسطينية علي تنوعها في ساحة البديل لتخبرنا عن حصاد 60 عاما من أدب النكبة،منهم الروائي علاء حليحل من عرب 48، الذي يحمل جواز سفر إسرائيلي، والشاعر الستيني محمود شقير المقيم بالأراضي المحتلة، والكاتب الفلسطيني سعيد أبو معلة والقاصة مليحة مسلماني المقيمان بالقاهرة.

الروائي علاء حليحل: جيلنا أكثر إنصافاً وجرأة
يمكن التعامل مع الأدب ومجمل الإبداع الفلسطيني، من خلال مرحلتين تاريخيتين: الأولي التي سبقت النكبة، والثانية التي بدأت من بعدها. الأولي تركزت، منذ منتصف القرن التاسع عشر علي الترجمة من لغات الغرب، في الأدب والمسرح، والكتابة الأصيلة الجديدة، التي كانت كلها جزءًا من الحالة الثقافية التي بدأت تنتعش في تلك الفترة، في سورية الكبري ومصر.
ويمكن اعتبار تلك الفترة المرحلة التأسيسية لمشروع الحداثة العربي والفلسطيني، الذي بُتر وتوقف في نكبة 1948- ومن هنا فداحة المصاب الذي ألمّ بالفلسطينيين- وقد تجلي هذا المشروع في بناء المدينة الفلسطينية كمركز ثقافي، وفي تأسيس المسرح الفلسطيني الناهض، إلي جانب ازدهار الصحافة وإصدار الكتب وتأسيس دور العرض السينمائية.
المرحلة الثانية جاءت بعد النكبة، حيث قتل وشرد غالبية النخبة الفلسطينية التي قادت وطورت هذه النهضة المذكورة، ومن وقتها، والإبداع الفلسطيني، وضمنه الأدب، هو نتاج مباشر وعميق للنكبة الفلسطينية، بحيث إنّ النكبة قلبت جميع المعايير والمضامين، بصفتها كارثة قومية وجماعية وفردية.
بعد النكبة يمكن تثبيت ملامح عريضة وأولية لفترات، منها فترة الحكم العسكري في الداخل الفلسطيني، ومن ثم احتلال 1967 وتعزيز أدب المقاومة، مرورًا بالانتفاضة الأولي، ومن ثم اتفاقات أوسلو، التي جذرت الوهم بقرب انحلال القضية الفلسطينية، حيث أعطي هذا الشرعية - لنا جميعًا- بالبدء في إنتاج أدب يمكن تسميته "شخصيا" ليس مرتبطًا بالضرورة بالنكبة وبالكارثة الفلسطينية، فرأينا بدء الكتابة عن الحياة الشخصية، وعن البحث عن أفق جديد للإبداع والعيش.
الانتفاضة الثانية قتلت أوهام أوسلو وأعتقد أنّ الفترة التي تلتها هي فترة غير واضحة من الناحية الإبداعية، لا أعتقد أننا نملك ما يكفي من الأدوات وبُعد النظر لتفكيكها من حيث مقوّماتها المضمونية والشكلية."

انعكاسات الثقافة الإسرائيلية
هناك اختلاف ينبع بالضرورة من اختلاف زاوية النظر إلي الواقع بيننا نحن عرب 48 وبين من هم خارج إسرائيل - وهذا أمر مصيري لأي عملية إبداعية- فالمبدع الذي يري الصورة من الداخل الفلسطيني في "إسرائيل"، يراها مختلفة في حيثياتها وتبعاتها عن ذلك الذي يراها من زاوية النظر من نابلس أو القاهرة أو لندن.
وعلينا الاعتراف أيضًا، وقد لا يعجب هذا البعض، أنّ مجاورة الثقافة الإسرائيلية لنا -عرب 48- علي أدبها وصحافتها ومسرحها وسينماها، أثرت فينا، كأفراد وكجَمع، وهذا التأثير متفاوت جدًا بين مبدع ومبدع، ولكن التأثير العام لا يمكن إنكاره، ولا يجب، حيث إنّ سائر مجموعات الشعب الفلسطيني في الشتات تتأثر بالبيئة الثقافية التي تحيا فيها (بيروت، باريس، نيويورك)، وهذا أمر طبيعي.
ومن ناحيتنا، يكتسب هذا التأثير الثقافي بُعدًا حسّاسًا ومصيريا، حيث يطرح أسئلة مقلقة ومُلحة: ما هي حدود التأثير علينا؟ هل نرفضها كلها؟ ما علاقتنا بالثقافة اليسارية الاحتجاجية الإسرائيلية؟ هل اليهودي الأنتي صهيوني هو شريك أم لا؟...
هذه أسئلة أعتقد أنها لا تجد أجوبة قاطعة، وهي تتعلق بالسياق الفردي والخاص لكل معضلة ومعضلة. ولكن في النهاية، يظلّ الاختلاف بيننا ككُتاب نعيش في داخل "إسرائيل" وبين غيرنا ممن يعيشون خارجها، واردًا ومطروحًا، ولا أعتقد أننا يجب أن نغطي عليه أو نتجاهله خشية علي وحدة الصف أو المصير؛ أنا أعتقد أنّ تبيان هذه الاختلافات هو في مصلحة الجميع، ولو من منظور التحدث عنه ونفيه كغمامة يمكن أن تعيق التواصل الفكري والثقافي بين سائر الفلسطينيين."
أكثر إنصافا وجرأة
أعتقد أن الرؤية اختلفت كثيرا بيننا وبين جيل 48 وينسحب ذلك علي المضامين وأشكال التعبير، فنحن أكثر سخرية وأكثر كَلَبية (cynicism)، وأشكال تعبيرنا الفني تطورت وتعقدت، كجزء من عملية كونية متراكمة وحتمية.
كما أننا أبعد، زمنيا وعاطفيا، عن سنة حدوث النكبة والسنوات المباشرة التي تلتها، ويمكنني المجازفة والقول إنّ الغالبية الساحقة من الجيل الشاب المبدع اليوم وُلدوا بعد نكسة 1967، وبالتالي فإنّنا جيل نما وترعرع في ظل حقيقة احتلال ناجزة لجميع التراب الفلسطيني.
نحن لم نرافق السقوط والضياع، بل وُلدنا فيهما ونحن نتاج لهما، وأعتقد أنّ هذا أبعدنا قليلا عن الصدمة الكبري التي تلازم مرافقة المصيبة وقت حدوثها، وبالتالي قلل من هيمنتها علينا في الجانب الإبداعي، أي أننا نكتب عن النكبة والهزيمة واللاجئين والتهجير وضياع الوطن، ولكننا نفعل ذلك من منطلق نفسي يختلف عن الأجيال التي سبقتنا. نحن نتمتع بجانب المراقب أكثر مما تمتع به من سبقونا، وعليه فنحن أكثر إنصافًا مع أنفسنا وأكثر جرأة في التعامل مع القضية الفلسطينية، بمجمل تعقيداتها".
أزمة أخلاقية
الانعزال عن الواقع يمكن لمسه أيضًا في الإنتاجات الفلسطينية المعاصرة، ولكن بحدة أقلّ. أي أننا حتي حين ننزع للانعزال والوحدة اللازمين للإبداع، كشرط حيوي بديهي، نفعل ذلك كفلسطينيين وليس كمبدعين فقط. المبدع الغربي يمكن أن يتنازل عن انتمائه لأنّ هذه ليست مسائل مطروحة علي المحكّ وتركُها جانبًا لا يثير أي مشكلة أخلاقية أو وجودية، بينما نحن لم نصل بعد إلي هذه القدرة.
والحقيقة أنني لا أسعي إلي هذا، فكوني فلسطينيا، حتي في أكثر لحظات الوحدة والانعزال الفرديين، لا يثقل علي ككاتب، بل يزيدني تميزًا، في نظري، عن الكتاب الذين لا يحملون في قلوبهم وعقولهم قضية يؤمنون بها وتسكنهم.
الفخ السياسي
أعتقد أنّ التصنيف "سياسي" هو عملية سياسية بحدّ ذاتها اخترعتها المنظومة الغربية الرأسمالية، من منطلقات سياسية تهدف كلها إلي تحويل الإنسان العصري إلي مستهلك ذكي - ليس إلا. فالسياسة، بتعريفها الشامل علي أنها منظومة علاقات القوة والسيطرة في المجتمع، موجودة في كل شيء، ابتداءً من الكتابة عن قريتي وانتهاءً بالكتابة عن الجدال الليلي الصاخب بيني وبين زوجتي حول من سيجلي الأطباق هذه الليلة. وبالتالي، مجرد الوقوع في فخ "السياسي" و"غير السياسي" هو خدمة للرأسمالية الغربية التسطيحية.

لعبة التطبيع
لم يعد للعزلة في المجتمع الفلسطيني اليوم، بجميع فئاته، وجود صراحة. أنا اليوم جزء من المشهد الثقافي في رام الله، وينظر إلي في الجاليات الفلسطينية علي أنني فلسطيني لا يقل انتماؤه عن أي فلسطيني آخر، وهذا ممتاز.
وبالنسبة للمجتمع الإسرائيلي فإننا ننتج ونحيا علي هامش الثقافة العبرية المسيطرة، من ناحية الاهتمام والانكشاف وتخصيص الميزانيات والنظر إلي الثقافة التي ننتجها. نحن في هذه النقطة حقيقة كالأيتام علي مآدب اللئام!
وهنا أتوجه من خلال هذا المنبر إلي النخب الثقافية والنقابات الفنية في مصر تحديدًا: نحن لسنا جزءًا من لعبة التطبيع. أنا فلسطيني عربي والتعامل معي في مصر ليس في دائرة التطبيع. وهذه بديهيات يجب أن تُحسم في القاهرة وغيرها. فكل صدّ لنا من جهتكم هو يدفع الكثير منا باتجاه الأحضان الإسرائيلية. وأنا لا أعتقد أنني إذا كتبت سيناريو لفيلم مصري أو إذا أخرج هاني أبو أسعد فيلمًا في القاهرة، فستُعدّ هذه نشاطات تطبيعية.
"من المفارقة بمكان أنّ أقع أنا، الفلسطيني العربي، ضحية الحرب علي التطبيع، التي أؤيدها طبعًا وأباركها. ما يجري اليوم هو بمثابة حرق الأخضر بمعية اليابس- وهذا خطأ قاتل من جانب الأخوة العرب يجب تفاديه بأسرع وقت."

الشاعر محمود شقير : هزيمة 1967 حررت أدباء 1948 من العزلة !!
أري أن الأدب الفلسطيني بعد 60 عاماً علي النكبة، ما زال يستوحي في النتاجات الروائية والقصصية وحتي الشعرية، بعض تفاصيل النكبة التي وقعت. وهو مطالب باستلهام المزيد من تفاصيل هذه النكبة، وتقديمها للعالم باعتبار ذلك جزءاً من الجهد الفلسطيني الرامي إلي تقديم روايتنا عما وقع لنا علي أيدي الصهاينة الغزاة، الذين حاولوا وما زالوا يحاولون طمس الرواية الفلسطينية، وذلك عبر احتكار المشهد العالمي لتقديم روايتهم الزائفة عما وقع بقصد، تبرئة أنفسهم مما ارتكبوه ضد الفلسطينيين من مذابح جماعية وتطهير عرقي أسفر عن تهجير قسري لمئات الآلاف من الفلسطينيين من وطنهم.
أعتقد أنه لا اختلافات جوهرية بين جيلنا وجيل الشباب. لكن ثمة فروقات نابعة من الوضع المشخص الذي يعيشه الأدباء سواء في الداخل أو في الخارج.
وحين نتتبع تطور الظاهرة الأدبية وكيفية التعبير عن النفس داخل إسرائيل، نجد أن الأقلية الفلسطينية التي بقيت في وطنها بعد العام 1948 واجهت ظروفاً صعبة. وقد مال بعض الكتاب والصحافيين الفلسطينيين آنذاك إلي الانضواء تحت لواء الصحف العربية التي أصدرتها بعض الأحزاب الصهيونية، وظهرت جراء ذلك كتابات باهتة لا تعبر عن الهوية ولا عن المأساة التي ما زالت آنذاك حية في الأذهان. وقد وصفها الشاعر الفلسطيني سميح القاسم بأنها كتابة بلاستيكية.
وما زال مؤرخو الأدب والنقاد يعترفون بالفضل لصحيفة "الاتحاد" الحيفاوية ولمجلة الجديد الشهرية الثقافية، اللتين أصدرهما الحزب الشيوعي الإسرائيلي الذي ضم في صفوفه أعضاء من اليهود والعرب، وأخذتا علي عاتقيهما حماية الثقافة الوطنية الفلسطينية من الاندثار، بل أسهمتا في مواصلة إنعاشها، وتحريض الأقلية الفلسطينية علي التماسك في وجه إجراءات الحكم العسكري، ومقاومة هذه الإجراءات بكل الوسائل السلمية الممكنة.
آنذاك بدأت تظهر إلي جانب الكتابات السياسية الملتزمة بذور الأدب الفلسطيني المقاوم التي ترعرعت علي أيدي توفيق زياد، راشد حسين، حنا أبو حنا، محمود درويش، سميح القاسم وسالم جبران وآخرين. وظل هؤلاء يكتبون شعراً مقاوماً دون أن يدري بهم أحد في الوطن العربي، حتي تمكن الأديب الفلسطيني غسان كنفاني المقيم آنذاك في بيروت، من تسليط الضوء علي هذه الظاهرة في تاريخ الأدب الفلسطيني الحديث، ثم امتدت الظاهرة وتوسعت بعد هزيمة حزيران 1967، وظلت تتوسع وتتعمق مع ظهور مزيد من الشعراء والقاصين والروائيين، ووصلت ذروتها في روايات إميل حبيبي، وفي قصص محمد نفاع وآخرين.
أما في الخارج، فكان الأدباء الفلسطينيون يتأثرون بكل ما شهدته الأقطار العربية من تطورات علي صعيد الكتابة الإبداعية. وكما هو معروف، ظهر أدباء فلسطينيون كبار واصلوا تعبيرهم عن القضية الفلسطينية مرة باللجوء إلي الذاكرة واستنطاقها، وأخري بالانطلاق من الواقع الذي أصبح يعيش في ظله الفلسطينيون الذين أصبح قسم غير قليل منهم يسكنون المخيمات.

اختفاء السوبر مان
اختلفت رؤية الجيل الجديد عن جيل النكبة، فالأجيال الجديدة اطلعت علي تجارب أدبية عالمية معاصرة ونظريات نقد حداثية تركت أثراً ملموساً علي نتاجاتهم الأدبية. ثم إن جيل 48 واجه النكبة قبيل وقوعها وبعد وقوعها بنمط من الكتابة الرومانسية التي أكثرت من التفجع علي الوطن السليب. الآن لم تعد هناك كتابات رومانسية إلا فيما ندر. فأصبحت كتابات الأجيال الجديدة أكثر واقعية وأكثر غوصاً في داخل النفس البشرية. مرت فترة كان ينظر إلي الفلسطيني علي أنه رمز مقدس لا يطاله النقد ولا يعتريه النقصان، وكان ينظر إلي القضية الوطنية وإلي الأرض من منظور أيديولوجي حافل بالمواقف المسبقة الجاهزة. الآن تمت عملية إنزال الفلسطيني من سماء التجريد إلي أرض الواقع، بحيث يجري التعامل معه في شكل يراه باعتباره بشراً لا ملائكا، وباعتباره كائناً إنسانياً عادياً وليس «سوبرمان»، وهو مشتمل علي سلبيات مثلما هو مشتمل علي مزايا وإيجابيات.
لا أنكر أن ثمة ميلاً إلي التعبير عن الهموم الفردية بأشكال متفاوتة، وهذا أمر صحي وصحيح في حدود معينة. لأن الأدب نشاط فردي في الأساس، مع ذلك، ثمة كتابات إبداعية فلسطينية تمزج علي نحو خلاق، الشخصي بالعام وتمزج العام بالشخصي، ولعل أوضح تعبير عن ذلك هو الذي نجده في دواوين محمود درويش الأخيرة، ما يهب الإبداع الفلسطيني قيمة كونية، ويجعله أقدر علي التعبير ليس فقط عن هموم الإنسان الفلسطيني، وإنما عن هموم الإنسان أينما كان.
هزيمة أخري
هزيمة يونيو/حزيران 1967 وحدت الفلسطينيين المقيمين علي أرض فلسطين التاريخية. قبل الهزيمة كانت الأقلية الفلسطينية التي بقيت في وطنها، معزولة تماماً عما بقي من أرض فلسطينية. كانت هناك فرصة محدودة لبعض الفلسطينيين للقدوم إلي القدس في الأعياد المسيحية، عبر بوابة مندلبوم التي وصفها إميل حبيبي في إحدي قصصه. بعد الهزيمة أصبح بإمكان الفلسطينيين في إسرائيل، القدوم إلي المناطق الفلسطينية التي شملها الاحتلال، وزيارة بعض الأقطار العربية، وأصبح ثمة تفاعل واضح بين الأدباء الفلسطينيين في شتي أماكن إقامتهم.
غير أن العزلة تفرض نفسها علي العلاقة بين المجتمع العربي الفلسطيني والمجتمع اليهودي داخل إسرائيل، بسبب النـزعة العنصرية التي تمارسها أوساط يهودية واسعة تجاه العرب. من هذا المنظور، حاول بعض الكتاب الفلسطينيين في إسرائيل التعبير عن الهوية الفلسطينية المرفوضة عبر الكتابة باللغة العبرية، مثلما فعل الكاتب سيد قشوع في روايتين كتبهما باللغة العبرية.

الكاتب سعيد أبو معلا :أدب النكبة استلهم مأساة الأندلس
الأدب الفلسطيني كان، وما زال -مع الاختلاف- من أهم المظاهر التي ارتبطت بالنكبة، فقد لعب دورا جوهريا في صناعة وإعادة تشكيل هوية أمة هددت -وما زالت- في وجودها وكينونتها.
فغالبية تجليات الحقل الأدبي الفلسطيني تدلل علي هذا الموقف، وذلك يعود في جزء منه لعمق الأثر الذي تركته النكبة في الذات الفلسطينية، لدرجة اختراعها أدبا خاصا سمي بها (أدب النكبة/المخيم).
فحادثة اقتلاع المجتمع الفلسطيني كانت بمثابة نكبة الأندلس التي استمد منها الأدب الفلسطيني الكثير بوعي وبلا وعي. وهو ذاته الأدب الذي أسهم بشكل واضح في تعريف العالم بقدرة الفلسطيني علي الإبداع.
والأدب في ذلك لعب دورا مركزيا في بناء الهوية الفلسطينية، لدرجة "إعادة اختراعها عن طريق شعرائها وروائييها" كما يقول "أدلوس هكسلي".
تحقق ذلك عبر عودة الأدب إلي الماضي، وصياغته لتطلعات الفلسطيني حاضرا ومستقبلا، وخوضه غمار تحدي كبيرا منحه مشروعية وجوده وثقته بذاته، في ظل حاضر مغيب وماضيا مستهدف بالاستلاب والطمس دوما.
فالأدب الفلسطيني بعلاقته بالنكبة اعتمد علي عنصري بناء هما: بناء الذاكرة، وبناء المكان، فبنيت ذاكرة وطنية حكائية جمعت شتات الشعب الفلسطيني في أرجاء المعمورة كافة. فكان لسان الحال كما يقول: "انطوان شلحت" "أن تبني الذاكرة الوطنية الفلسطينية أو لا تكون".
أما الوعي بصورة المكان فبني الفردوس أو الجنة الضائعة باشتقاقاتها ودلالاتها التي أكدت وجوده أيضا وإن كان بطريقة مختلفة تعتمد علي الصورة والتخيل والرائحة وعمليات الاستعادة المتكررة.
انه حصاد وثير ومتداخل من أسطرة المكان وتصويره إلي اعتباره الجنة الضائعة إلي مكان للصراع بين طرفين كما هو حاليا.
الفردوس المفقود
أري أن الوجود الحسي لفلسطين المحتلة والمجردة من دلالتها الفردوسية جاءت من الجزء الذي يعايش الاحتلال (أي أراضي 48)، وذلك بدخول تعبيرات شعر المقاومة وشعر الأرض المحتلة، فالأدب القادم من الجليل مثلا وعلي يد "إميل حبيبي" أدخل مفهومين جديدين هما فكرة الأرض، وفكرة المنفي في الوطن.
كما أن "حبيبي" زعزع من حتمية أدب المخيم بطرحه للشخصية الإشكالية الأولي في الأدب الفلسطيني في روايته الشهيرة "سعيد أبي النحس المتشائل"، والتي حاول فيها تخليق وطن حاضر غائب، وذلك بالاستناد علي التورية والتورية الفكاهية، وفلسطين هي حاضرة وغائبة في آن واحد هي تحت إسرائيل وتتخلل أيضاً بقع الأراضي المحتلة. كما أن غياب الفردوس وتجسيد الشخصية الإشكالية لساكنيه إلي جانب الحضور الإسرائيلي كآخر كانت من المحرضات الأولي لدفع صوت "الأنا" الفردي والفضاء الشخصي إلي واجهة المشهد الأدبي الفلسطيني. وهذه التجربة تسقط بسهولة علي تجارب الكثير من أدباء الداخل، وحتي جيل الشباب منهم.

خيانة الذات والشعب
رؤيتنا للنكبة واحدة لكن زاوية النظر تختلف لترفد الأدب بمزيد من الثراء والتجارب، ففعل الأدب الرمزي نشب وتعمق بفعل أزمة عاشها الأديب الفلسطيني علي اختلاف أماكن تواجده، فكان ملزما في الضفة أو غزة، في مناطق 48 أو في الشتات، بحكم هويته الفلسطينية ذاتها، بأن يعيش حياة تتحكم فيها ظروف وأحداث نابعة من رفضه لضياع الوطن، فمن يفكر في التوجه توجها منفصلا عن السياسة ككاتب، ويتنكر للواقع والتجربة معناه خيانة الذات والشعب.
أري أن الرؤية في جيلي وتحديدا ممن يعيشون في مناطق الضفة أو غزة تختلف في تفاصيلها عن جيل 48 في كثير من مسارات الابداع ومجري العملية ذاتها وحتي دافعها، شخوص، الموضوعات تختلف، الحضور الإسرائيلي يختلف أيضا، حتي تصور المستقبل وطبيعة الحلم ذاته.
فالتماس المباشر مع أحداث وفجائع يومية يراها الآخرون صورا، حتما سيفرز ذلك اختلافا في بناء الشخصية الرمزية التي يمكن أن تثير المشاعر والخيال.

حضور غير مباشر
القضية تراجعت من حضورها المباشر والخطابي في الكثير من الكتابات لكنها حاضرة من باب إنساني واسع، هذا قد لا يروق للقاريء العادي، وربما لمن يعيش الموت، لكنها علي المدي البعيد وبمنحها بعدا إنسانيا عالميا سيكتب لها الحياة، أري هنا تحديدا أن النكبة وتداعياتها الماثلة للعيان قادرة علي أن تبقي القضية بحضور متزايد.
هنا يلحظ أن مجموعة من التطورات التي شهدتها المسألة الفلسطينية في عقد التسعينيات بما فيها من احتمالات التسوية السياسية مع الإسرائيليين وفرضها ضرورة صياغة علاقة جديدة بفلسطين، وبالتالي وضعت التوتر الذي وسم علاقة الفلسطيني بمكانه علي أعتاب مرحلة جديدة إحدي علاماتها الاهتمام الكبير نسبيا من قبل أدباء ومثقفين فلسطينيين بأدب السيرة الذاتية والاسترجاع، الذي كان من أهم سماتها طغيان صوت الأنا الفردي، وأشكال مختلفة من البحث عن الفضاء الخاص.
ذلك أفرز محاولات تطبيعية بين الفلسطيني وعلاقته بالمكان التي لم تعد فكرة "الطلل" أو الأندلس أو الجنة المفقودة، وفقدت "الأندلس" ودلالاتها القدرة علي اختزال القضية الفلسطينية في مجاز يوحد أرضا تاريخية ضائعة بأرض يتصارع فيها شعبان علي السيادة السياسية.
فكتب كثير من رجال منظمة التحرير تجارب عودتهم من خلال سيرهم الذاتية، التي كان فيها الكثير من التجارب المرة، ومنهم: رشاد أبو شاور في "رائحة التمر حنة" و"الرب لم يسترح في اليوم السابع"، ومريد برغوثي في "رأيت رام الله".
مع هذا التحول يحضرني السؤال المركزي وهو هل ستفرز القضية ذاتها أدباء يكتبون بشكل مختلف وجديد، إنه جزء من قدرة الفلسطيني المبدع علي التجدد.


جريدة البديل 15/5/2008
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دكتور : محمد ربيع هاشم
Admin
دكتور : محمد ربيع هاشم


عدد الرسائل : 1663
العمر : 54
الجنسية : مصر
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

أدباء فلسطين المحتلة يجيبون عن هذا السؤال هل تحـــــرر الأدب الفلسـطيني من «تابوهـــات» النكبة؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أدباء فلسطين المحتلة يجيبون عن هذا السؤال هل تحـــــرر الأدب الفلسـطيني من «تابوهـــات» النكبة؟   أدباء فلسطين المحتلة يجيبون عن هذا السؤال هل تحـــــرر الأدب الفلسـطيني من «تابوهـــات» النكبة؟ I_icon_minitimeالخميس 22 مايو 2008, 3:02 pm

صديقي الأديب عصام الزهيري
موضوع رائع ، وأنا أدعو أعضاء المنتدى للإدلاء برؤيتهم فيه لما له من قيمة وأهمية هل بالفعل استطاع الأدب الفلسطيني التخلص والتحرر من تابوهات النكبة ، وإلى أي مدى نجح في ذلك؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://poems.mam9.com
عصام الزهيري
مشرف قسم القصص والروايات
عصام الزهيري


عدد الرسائل : 460
العمر : 51
الجنسية : مصر
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

أدباء فلسطين المحتلة يجيبون عن هذا السؤال هل تحـــــرر الأدب الفلسـطيني من «تابوهـــات» النكبة؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أدباء فلسطين المحتلة يجيبون عن هذا السؤال هل تحـــــرر الأدب الفلسـطيني من «تابوهـــات» النكبة؟   أدباء فلسطين المحتلة يجيبون عن هذا السؤال هل تحـــــرر الأدب الفلسـطيني من «تابوهـــات» النكبة؟ I_icon_minitimeالجمعة 23 مايو 2008, 3:07 pm



الشاعر الصديق د.محمد ربيع
اعتقادي أن الأدب الفلسطيني - رواية وشعرا وقصة - أكتسب خلال سنوات من الصراع والتطور قوة متجذرة وقدرة فنية وتنوع أساليب وتعدد أشكال مكنته فعلا من تجاوز السطحية الماثلة في التعبير المباشر على شكل تابوهات، النص الإبداعي الفلسطيني الآن ينطق بعمق إنسانيته وقدرته التجاوزية. هناك شهادة من ناقد كبير هو فيصل دراج يقول فيها "على الرغم من المفارقة المؤسية التي تجعل النص الفلسطيني يبشر بالحرية مقيدا، ويواجه الالتباس الأدبي بيقين لا يقبل به الإبداع، استطاع الأدباء الفلسطينيون أن يروضوا معادلتهم الصعبة، وأن يبدعو أدبا حقيقيا، له أشكاله الخاصة به"
ورغم هذه الرحابة الإنسانية التي يكتسى بها الإبداع الفلسطيني إلا أنه لم يفقد خصوصيته الأصيلة فظل دائما أدب القضية، درويش مثلا - كما يقول الروائي الفلسطيني يحيى يخلف - عندما يكتب عن الحب هو يتعامل معه باعتباره إحدى ركائز صمود الإنسان. وكما شهد أحد الكتاب الألمان لهذا الأدب العظيم بقوله "فهمت القضية الفلسطينية من روايات غسان كنفاني أكثر مما فهمتها من النشرات الدعائية"

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أدباء فلسطين المحتلة يجيبون عن هذا السؤال هل تحـــــرر الأدب الفلسـطيني من «تابوهـــات» النكبة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فضاء الإبداع :: قضايا وآراء أدبية-
انتقل الى: