أكثرُ ما يرعبني
في القرن الحادي و العشرين
أنّك لن تكون حبيبتي
و أنّني لن أكتب فيه قصيدة واحدة
في تمجيد العشق
أو مديح النّساء
إنّه قرنٌ لا قلب له
و ليس فيه مكان للحبّ... أو للشّعر ... أو
للكلمات الجميلة
قرن ستنقرض فيه ذرّية الإنسان
العاشق
و الإنسان الحالم
و الإنسان الكاتب
أكثر ما يخيفني
أنّهم سوف يبرمجونك
و يبرمجونني
و يتحكّمون بحركة شفاهنا
و أصلبعنا
و تاريخ لقاءاتنا
و توقيت رغباتنا
و مواسم ضحكنا
ماذا سنفعل يا حبيبتي
في عصر التباس الأجناس
و سلطة أقنية الفضاء
و الإنترنيت
و أشعّة اللّيزر
و الوجبات السريعة
و هستيريا الهاثف الخلوي
لستُ متحمّسا لحداثة
تأخذ منّي نقائي و طفولتي
و لا لحداثة تمحو أَبـَجـَديّـتي
و لا لكلّ الحداثات
التي تلغي ذاكرتي الشعريّة
لستُ متحمّسا كي أبيع المتنبّي
حتّى أشتري شكسبيرْ
و لا أن أبيع أمَّ كلثوم
حتّى أشتري مادونا
لست متحمّسا
كي أكون سُويديّا
أو دنمركيّا ... أو نرويجيّا
أو شاعرا من شعراء اللأسكيمُو
فالحبّ تحت الصفر
لا يتناسب مع مناخاتي الاستوائيّة
إنّني عربيّ يصنع القهوة
على نار الفحم
و يصنع الحبّ على نار الفحم
و يكتب القصيدة على نار الفحم
و يستقبل النّساءَ
و هو مطمورٌ في داخل منْقل فَحْم
لا يمكنني أن أحبّك في عصر الحداثة
فهو يستنزف إنسانيّتي
و يقتل طفولتي
لا يمكنني أن ألمس شفتيك
بالــرَّيـموت كُوننْترول
و أراك كملايين المشاهدين
بالفيديو كْليبْ
فهذا اغتصاب لخصوصيّتي
و عُدوانٌ
على رجولتي
لا يمكنني أن أجعلك يا حبيبتي
طعاما للكمبيوتر
و تقريرا صُحفيّا في ثورة المعلومات
نزار قبّاني
www .nizar.net /arabic .htm